وثائق جديدة تفيد بتورط جهاز الاستخبارات الليبي بإسقاط طائرة لوكربي

كشف تحقيق إسكتلندي عن وثائق جديدة قد تكون أول دليل مكتوب يربط جهاز المخابرات الليبي بتفجير طائرة “بان آم 103” فوق لوكربي عام 1988.
الوثائق التي وردت في كتاب جديد بعنوان “القاتل الذي يجب إنقاذه”، أعده الصحافيان الفرنسيان كارل لاسك وفنسنت نوزيل، والناشط الليبي سمير شقوارة، تشير إلى تورط رئيس المخابرات الليبية الأسبق عبد الله السنوسي، وأبو عجيلة مسعود خير المريمي، في التخطيط للهجوم، وفقًا لما نقلته “بي بي سي”.
وبحسب الوثائق، أجريت تجارب على حقيبة مشابهة لتلك التي استخدمت في التفجير، بحضور السنوسي والمريمي وآخرين من جهاز الاستخبارات الليبي، حيث تصف الوثيقة التي تعود إلى 4 تشرين الأول/أكتوبر 1988، كيفية اختبار الحقيبة ومدى فعالية تفجيرها باستخدام جهاز راديو، كما تؤكد أن المتفجرات كانت مخزنة في مكتب مدير الخطوط الجوية الليبية في مالطا.
ويؤكد المحققون أن هذه الأدلة تدعم المزاعم المقدمة في محاكمة لوكربي الأصلية، والتي انتهت بإدانة عبد الباسط المقرحي وتبرئة الأمين خليفة فحيمة. لكن الوثائق الجديدة، إذا ثبتت صحتها، قد تؤدي إلى إعادة النظر في القضية، خاصة أن الادعاء الأمريكي ما يزال يحتفظ بلائحة اتهام ضد فحيمة منذ عام 1991، وفقاً لما نقلته البي بي سي.
هذا ووصف عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي السابق، ريتشارد ماركيز، الوثائق بأنها “خطيرة للغاية” إذا ثبتت صحتها، مؤكداً أن التحقيقات الأمريكية والإسكتلندية تعمل على التحقق من مصداقيتها.
في المقابل، اعتبر عضو سابق في فريق الدفاع عن المقرحي، جون آشتون، أن الوثائق ستكون “ذات أهمية كبيرة” إذا كانت أصلية، لكنها قد تُعتبر “محاولة أخرى لتلفيق الاتهامات” إذا لم يجرِ التحقق من صحتها.
ويبين التقرير أنه من المتوقع أن تُستخدم هذه الوثائق في محاكمة أبوعجيلة المريمي في واشنطن، حيث يواجه اتهامات بإعداد القنبلة التي أسقطت الطائرة. مضيفًا أن مسألة تسليم فحيمة إلى العدالة لا تزال حساسة في ليبيا، حيث يعتبر الكثيرون أن ملف لوكربي قد أُغلق منذ سنوات.
وقبل يومين، أعلنت أسرة المواطن الليبي أبوعجيلة مسعود المريمي المحتجز لدى الولايات المتحدة، رفضها القاطع قرار تأجيل محاكمته الذي أصدره قاض أمريكي أخيرًا، معتبرة في بيان على لسان نجله هشام، أنه بات يواجه السجن مدى الحياة دون حكم محكمة، مجددة الحديث عن عدم شرعية الاعتقال والترحيل جوًا عبر بلد ثالث.
ووافق قاض أمريكي نهاية الأسبوع الماضي على تأجيل محاكمة المواطن الليبي أبوعجيلة مسعود المريمي، المتهم بصنع القنبلة التي استخدمت في تفجير طائرة بانام الأمريكية فوق بلدة لوكربي الإسكتلندية في العام 1988، ما تسبب في مقتل 270 شخصًا.
ووصف بيان أسرة أبوعجيلة مسعود، قرار التأجيل بأنه تعطيل للمحاكمة، واعتبرت أنه جاء بتضامن شاذ وغريب بين الادعاء والدفاع أمام المحكمة في طلب تأجيلها، دون تحديد موعد جديد للمحاكمة، حسب وصفها، مستنتجة أن المحاكمة لن تنعقد مطلقًا.
وخلص بيان أسرة المحتجز الليبي لدى الولايات المتحدة إلى القول بأن أبوعجيلة مسعود، بات يواجه السجن مدى الحياة دون حكم محكمة، وحتى دون اتهام يسمح بالعرض على محكمة، وتحدث عما اعتبره “تضامناً بين الدفاع والادعاء في التأجيل، جرى ضد إرادة الوالد وإرادتنا. وليس له أية قيمة قانونية تقره، أو تقر ما يترتب عنه من تداعيات”، محملة الحكومة الأمريكية كامل المسؤولية عن سلامته الشخصية.
وتمسكت أسرة أبوعجيلة المريمي بالحديث عن براءته التامة، قائلة إنه لم يفعل ما تزعمه الحكومة الأمريكية، بل وأكد داخل المعتقلات والمستشفيات الأمريكية أنه لا يعلم بدور لليبيا في جريمة طائرة (لوكربي) البشعة، مطالبة بالإفراج عن الوالد وجبر كل ما تعرض له من ضرر.
وأبوعجيلة المريمي هو ضابط سابق في جهاز الأمن الخارجي الليبي، وجرى اقتياده من قِبل مسلحين من منزله منتصف نوفمبر 2022، ليجري تسليمه فيما بعد إلى السلطات الأمريكية. وقد أقر رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، بتسليم المريمي، مطالبًا بوجوب التفرقة في ملف لوكربي من حيث مسؤولية الدولة الليبية وبين المسار الجنائي الفردي للقضية.
ويوم الجمعة، برر الادعاء الأمريكي طلبه لتأجيل المحاكمة بحاجته إلى وقت كاف للتحضير لجلسات ما قبل المحاكمة في ضوء تعقيد القضية فضلًا عن وجود أدلة في دول أخرى، وهو ما وافق عليه قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية دابني فريدريش.
ويقبع المريمي حاليًا في مستشفى تابع للسجن بمدينة كارولينا، حيث سبق أن أجرى جراحة بتر لأصابع بالقدم، علمًا بأنه مصاب بالسكري والقلب وضغط الدم. وأوضح نجل أبوعجيلة المريمي في تصريحات صحافية، أن العائلة تتابع الحالة الصحية له عن طريق محامية أمريكية جرى تفويضها من قِبل هيئة المحكمة.
وألزم تطور قضية لوكربي النظام السابق في ليبيا بتسديد تعويضات قدِّرت بـ2.7 مليار دولار إلى عائلات الضحايا، بعد محاكمة اثنين من مواطنيه على خلفية القضية، هما محمد فحيمة وعبد الباسط المقرحي، حيث أفرج عن الأول، بينما جرت إدانة المقرحي، وصدر في حقه حكم بالسجن 27 سنة، ثم أُطلِق لأسباب صحية العام 2009، وتوفي في طرابلس بسبب المرض.
وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، قالت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، إن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي إف بي آي تمكن من تحديد هوية أكثر من 400 شخص من متضرري تفجير لوكربي قبل محاكمة المواطن الليبي أبوعجيلة مسعود الذي يواجه مزاعم بصنع القنبلة المستخدمة في تفجير طائرة تابعة لشركة بان أميركان في العام 1988، وهو ما يعيد القضية التي تسببت في توتر العلاقات بين ليبيا والولايات المتحدة إلى الواجهة مجدداً.
وذكرت بي بي سي أن الأشخاص الذين جرى تحديدهم كمتضررين من الحادث الذي وقع قبل أكثر من عقدين فقدوا أقاربهم في تفجير لوكربي عام 1988 أو عانوا من إصابات نفسية وينتمون إلى 10 دول، وأضافت أن من بين الـ417 شخصاً الذين شاركوا في استطلاع مكتب التحقيقات الفيدرالي كان هناك 100 شخص من إسكتلندا، 32 منهم من لوكربي نفسها، و244 من الولايات المتحدة، و164 من المملكة المتحدة.
وأشارت هيئة الإذاعة البريطانية إلى أن وكالة إنفاذ القانون الأمريكية حاولت تعقب الأشخاص المتضررين بشكل مباشر من هذه الفظائع قبل محاكمة المشتبه به الليبي المقررة في مايو 2025، فيما تنظر المحكمة الفدرالية في واشنطن في كيفية السماح بالوصول عن بعد لمتابعة المحاكمة من المنزل في القضية المرفوعة ضد أبوعجيلة مسعود.
المصدر/ القدس العربي