تركيا والصومال.. آفاق جديدة في التعاون العسكري ومسيرات بيرقدار كلمة السر

تستعد تركيا لتسليم دفعة من طائرات بيرقدار أكينجي القتالية المسيرة إلى الصومال، في إطار مبادرة تعاون عسكري تهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية الصومالية ضد حركة الشباب. يمثل هذا التسليم مرحلة جديدة في الشراكة الاستراتيجية بين أنقرة ومقديشو، حيث تبرز تركيا كلاعب رئيسي في تطوير القوات المسلحة الصومالية. تتماشى هذه الخطوة مع جهود الصومال الأوسع لتحديث جيشها وتأمين أراضيها في ظل تصاعد التمرد.
وتتميز طائرة بيرقدار بقوة نيرانية وتنوع استخدامات أكبر مقارنةً بطراز TB-2، الذي استُخدم على نطاق واسع في مناطق نزاع مختلفة. تتميز بقدرة طيران تزيد عن 24 ساعة، ومدى تشغيلي يصل إلى 6000 كيلومتر، ويصل إلى ارتفاع 30,000 قدم. وهي مجهزة بنظام اتصالات ثلاثي التكرار SATCOM BLOS وLOS، وتتضمن ذكاءً اصطناعيًا متطورًا لمعالجة الإشارات، ودمج أجهزة الاستشعار، والوعي اللحظي بالمواقف. وبفضل نظام هبوط ذاتي التحكم، وأنظمة تحكم طيران آلية بالكامل، توفر الطائرة قدرة مناورة محسنة.
طائرة أكينجي قادرة على تنفيذ مهام جو-أرض وجو-جو، وتحمل مجموعة واسعة من الذخائر، بما في ذلك صواريخ جوكدوغان وبوزدوغان الموجهة، وقنابل MK-81 وMK-82 وMK-83 الموجهة، وصواريخ كروز SOM-A. وهي مجهزة برادار AESA متعدد الوظائف، ورادار لتجنب الاصطدام، ونظام حرب إلكترونية، مما يعزز فعاليتها التشغيلية وقدرتها على البقاء. تتوفر الطائرة بتكوينات متعددة (أكينجي-أ، ب، ج)، مما يوفر مرونة في المهام وقدرات هجومية بعيدة المدى للعمليات المعقدة.
مع تزايد هجمات حركة الشباب على القوات الصومالية والبنية التحتية الرئيسية، تسعى الحكومة إلى الاستفادة من هذه الطائرات المسيرة لتعزيز عمليات مكافحة الإرهاب. وستتيح طائرات أكينجي، التي تدعم القوات البرية، شن ضربات دقيقة على مواقع المسلحين، والمراقبة المستمرة لتحركاتهم المعادية. ويهدف هذا النهج إلى إضعاف القدرة العملياتية للحركة تدريجيًا، واستعادة السيطرة الحكومية على المناطق المتنازع عليها.
اهتمام صومالي بالتكنولوجيا
يعكس اهتمام الصومال بالتكنولوجيا العسكرية التركية توجهًا أوسع في أفريقيا، حيث تتجه دول عديدة نحو المعدات الدفاعية التركية في جهود التحديث. وقد ساهمت فعالية الطائرات المسيرة التركية في صراعات مثل ليبيا وأوكرانيا وناغورنو كاراباخ في تزايد الطلب عليها دوليًا. وفي الصومال، من المتوقع أن يؤثر نشر طائرات بيرقدار أكينجي المسيرة على المشهد الأمني، إذ يوفر قدرات جوية متطورة في بيئة عملياتية صعبة.
وأصدرت السفارة الأمريكية في مقديشو مؤخرًا تنبيهًا أمنيًا بشأن هجوم محتمل لحركة الشباب على مطار العاصمة ومواقع استراتيجية أخرى، مما أدى إلى إلغاء رحلات الخطوط الجوية القطرية والتركية. إضافةً إلى ذلك، قلّصت واشنطن تمويل قوات داناب الخاصة، وهي وحدة نخبة في الجيش الصومالي تدعمها القيادة الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم)، مما أثر سلبًا على جهود مكافحة الإرهاب في البلاد.
يُبرز هذا التحول الجيوسياسي تزايد التنافس على النفوذ في أفريقيا، حيث تنخرط القوى العالمية والإقليمية في شراكات عسكرية واقتصادية. ويتجلى الدور المتنامي للطائرات المقاتلة بدون طيار في الحروب الحديثة بوضوح أكبر من خلال مشاركة تركيا في الصومال، مما يُظهر كيف تُشكل التكنولوجيا العسكرية ديناميكيات الأمن والعلاقات الدولية. ومع استمرار عمليات مكافحة التمرد، قد يُؤثر دمج طائرات أكينجي بدون طيار في الاستراتيجية الدفاعية الصومالية بشكل كبير على الصراع، مع تفاقم التنافسات الجيوسياسية الأوسع في المنطقة.