
برنامج العباقرة هو برنامج مسابقات ثقافى بامتياز، يقدم على عدة قنوات فضائية منها القاهرة والناس. يتبارى فى البرنامج الشباب من طلبة الجامعات، وحديثًا العائلات.
البرنامج عبارة عن فريقين متنافسين، كل فريق يتألف من أربعة أشخاص، يُسألون عن أمور تاريخية ورياضية وجغرافية وأدبية وعلمية. البرنامج لا يبدو أن جوائزه ذات قيمة مالية، لكنه فى النهاية تنافس رائع وممتع وغاية فى التشويق.
أسئلة البرنامج صعبة وليست من النوع السطحى، من خلالها يتم عصف ذهنى غير عادى، حيث يصول ويجول المتنافسون، يهللون للفوز، ويبكون من مرارة الخسارة، إذ يتحسرون على فقدان معلومة أتى بها الخصم ولم يأتوا بها.
برنامج العباقرة هو من تقديم عصام يوسف، وهو ذاته صاحب فكرة البرنامج. و«يوسف» روائى، تربى فى بيت ثقافى وتوعوى، فوالده هو الروائى عبدالتواب يوسف ووالدته نتيلة راشد وكانت تشغل منصب رئيس تحرير مجلة سمير للأطفال. من هنا نجد أن عامل النشأة له تأثير مضمون وكبير على العمل المؤدى.
من السهولة أن نقارن هذا العمل بأعمال فارغة المحتوى وسطحية المظهر، ليس الغرض منها سوى الاستخفاف بعقلية المشاهد وربما الاستهزاء بعقلية الضيوف، الذين رضوا بالجلوس فى هذا الموقع من أجل كومة من المال، يأخذونها مقابل مساخر وسباب وإسفاف، وإذا ما طرحت أسئلة فى تلك البرامج فتكون من عينة ما لون زى فلان؟ وماذا كان يحمل الشخص الفلانى؟ ما لون شعره؟ وما شكل السلسلة التى يطوق رقبته بها؟.
وهكذا تُخاطب البرنامج التافهة وضيوفها الأكثر تفاهة النوعية السطحية من الناس فى البيوت، وكله يتم تحت دعوى الترفيه والضحك ماسخ اللون وآسن الطعم وكريه الرائحة.
برنامج العباقرة هو من نوعية البرامج التى ترفع من قدر المجتمع، بل من قدر الدولة. فعندما يشاهدها الجمهور المحلى والأجنبى يُعجب بها لكونها مثيرة وتشى وتصف المجتمع الذى قدمه وأعده وأخرجه بالمثقف، فهى تربى النشء والجيل على القراءة والثقافة والعلم والعمل والكتابة والنقد، وتنبذ فكرة التلقين والتلقى وضياع الوقت فى كل ما هو تافه وغريب.
من هنا يبدو لنا التفرقة بين أساليب ومناهج التعليم والثقافة ومخرجاتهما، فهناك أناس مردت على الاطلاع والعمل المفيد، وهناك من تخرجوا وحازوا على مؤهلات عالية ولا يعرفون مجرد كتابة أسمائهم بشكل صحيح.
الصنف الأول لا يهمه المادة، فهى التى فى النهاية ستركض خلفه، أما الصنف الثانى فليس همه إلا جمع المال والركض خلف الموضة، وظهور الضيف بمظهر المُهزأ، هدف الكل قبض المال ولو على حساب كرامة الضيف أو مجتمعه أو بلده، حيث يوصف العمل بأنه هوائى وفارغ المضمون.
من هنا فإننا نخلص إلى أنه ليس كل ما يقدم على شاشة التليفزيون التى تخترق كل البيوت من النوع الغث، هناك السمين وسط كومة من السلبيات.
فقط على المشاهد أن يبحث وينتقى. السكين موجودة وبها نقطع الغذاء، وقد نقتل بها، تمامًا كالتليفزيون علينا استخدامه استخدامًا جادًّا ومفيدًا.
المصدر : موقع “المصري اليوم” الإخباري