تقاريرحوارات وتحقيقات

رمضان في الأقصى: تضييقات الاحتلال تقيد الفلسطينيين من وصال المسجد

أشار العديد من الفلسطينيين إلى أن شهر رمضان هذا العام شهد انخفاضًا حادًا في أعداد المصلين في المسجد الأقصى، وذلك بفعل القيود الصارمة التي فرضها الاحتلال على دخول الفلسطينيين من الضفة الغربية.

هذه الإجراءات غير المسبوقة حرمت الآلاف من الفرصة الروحية السنوية التي تشكل جزءًا من هويتهم الدينية والوطنية.

أوضاع مأساوية للقدس خلال شهر رمضان: انخفاض غير مسبوق في عدد المصلين

أكد عدد كبير من المصلين والمواطنين الفلسطينيين أن شهر رمضان لهذا العام كان مختلفًا ومؤلمًا بشكل غير مسبوق بسبب القيود الصارمة التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي على دخول المسجد الأقصى المبارك.

وانعكس ذلك على عدد المصلين في الجمعة الثانية من رمضان، حيث حضر فقط 80 ألف مصل، في حين كان العدد في العام السابق 250 ألفًا.

هذه القيود الاستثنائية جاءت استمرارا لسياسة الاحتلال في التضييق على دخول الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى القدس.

تضييقات غير مسبوقة على دخول الفلسطينيين

أوضح عبد الكريم الحاج، 55 عامًا، من مدينة رام الله، أن الاحتلال لم يسبق أن شدد القيود بهذا الشكل خلال شهر رمضان.

وقال: “في الأعوام السابقة، كان بإمكاننا الوصول إلى القدس بطرق عديدة حتى لو كانت محفوفة بالمخاطر، ولكن هذا العام، أُغلق كل شيء، حتى الطرق السرية التي كنا نعتمد عليها سابقًا تم تشديد الرقابة عليها”.

وأشار إلى أن العمران في المسجد الأقصى خلال رمضان يعد مصدرًا للراحة الروحية والنفسية، لكن القيود حرمت العديد من الفلسطينيين من هذا الشعور.

منع دخول الشباب وملاحقتهم داخل المسجد

من جهته، قال إياد الخطيب، 38 عامًا، من نابلس، إن أكثر ما يؤلمه هذا العام هو منع دخول الشباب إلى المسجد الأقصى بشكل كامل.

وأوضح: “الاحتلال حدد أعمار الرجال المسموح لهم بالدخول فوق 55 عامًا، وهذا يعني أن جيلًا كاملًا من الشباب تم حرمانه من التواجد في الأقصى في هذا الشهر الفضيل”.

كما أشار إلى أن الشرطة الإسرائيلية صعدت من انتهاكاتها حيث اقتحمت المسجد واعتقلت من تمكن من الدخول بطريقة غير قانونية، مما جعل الأقصى مكانًا غير آمن حتى لمن استطاع الوصول إليه.

المقدسيون يشعرون بالعزلة

أشار وليد المقدسي، 62 عامًا، من القدس الشرقية، إلى أن القيود المفروضة لا تؤثر فقط على الفلسطينيين في الضفة، بل حتى على سكان القدس الذين يشعرون بالعزلة.

وأوضح: “نحن نرى المستوطنين يدخلون الأقصى بكل سهولة وبأعداد كبيرة، في حين أن الفلسطينيين من الضفة ممنوعون بشكل كامل. هذا التمييز الواضح يشعل الغضب في نفوسنا ويشعرنا بأن القدس لم تعد لنا”.

وليد أضاف: “أخشى أن تكون هذه القيود مقدمة لسياسة دائمة تمنع الفلسطينيين من دخول الأقصى بشكل نهائي.”

القيود الأمنية تشل الحياة الدينية

وأكدت هبة جرار، 45 عامًا، وهي ناشطة اجتماعية من الخليل، أن القيود الأمنية المشددة لم تمنع فقط الفلسطينيين من أداء الصلوات في المسجد الأقصى، بل أثرت على جميع جوانب الحياة الدينية.

وقالت: “كانت لي ذكريات لا تنسى في الأقصى خلال شهر رمضان، ولكن الآن أصبح الأمر شبه مستحيل. القيود لم تحرمنا من الصلوات فقط، بل حرمتنا من التواجد في الأقصى والتواصل مع هذا المكان الروحي العميق”. وأضافت أن الفراق عن الأقصى يجعلها تشعر بالفراغ الداخلي الذي لا يمكن تعويضه.

تكاليف باهظة ومحاولات محفوفة بالمخاطر للوصول

وأشار عبد الله عويس، 30 عامًا، من جنين، إلى أن محاولات الوصول إلى القدس أصبحت مكلفة بشكل كبير، موضحًا: “حتى في الأعوام الماضية، كنا نضطر لدفع ما يصل إلى 140 دولارًا للوصول إلى القدس، رغم أن المسافة قصيرة. الآن أصبح الوصول شبه مستحيل مع تشديد القيود وارتفاع التكلفة بشكل لا يطاق”.

وأكد أن هذا الوضع يجعل الأقصى بعيدًا عن متناول أيدي الكثيرين، مما يضفي على رمضان شعورًا بالوحشة والغربة.

الاقتحامات المتكررة تثير القلق

وفي سياق متصل، أشار ياسر الرجبي، 28 عامًا، من القدس، إلى أن اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى ازدادت بشكل ملحوظ هذا العام، مما يزيد من حدة التوتر بين الفلسطينيين والمستوطنين.

وقال: “أصبحنا نرى المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى بشكل يومي تقريبًا، في حين أن الفلسطينيين لا يستطيعون حتى الاقتراب من أبوابه. هذا الوضع غير عادل ويزيد من شعورنا بالإحباط والعجز.”

الرجبي أكد أن هذا التمييز الصارخ يمثل تهديدًا خطيرًا للسلامة العامة وللسلام الروحي الذي كان الأقصى يوفره.

مخاوف من فرض سياسة دائمة لمنع الفلسطينيين من الوصول

أشار خالد الزعبي، 65 عامًا، من طولكرم، إلى أنه يخشى أن تصبح هذه القيود الدائمة وسيلة لمنع الفلسطينيين بشكل نهائي من دخول الأقصى.

وقال: “ما يحدث الآن قد يكون مقدمة لسياسة دائمة تهدف إلى فصل الفلسطينيين عن القدس. رمضان كان دائمًا فرصة لنا لزيارة المسجد الأقصى، ولكن إذا استمرت هذه القيود، فقد نفقد هذه الفرصة إلى الأبد”. وأكد خالد أن وجود الأقصى في حياة الفلسطينيين هو ركيزة دينية ووطنية لا يمكن الاستغناء عنها.

المسجد الأقصى والمقاومة الروحية

أوضح أيمن صلاح، 42 عامًا، من بيت لحم، أن المسجد الأقصى هو رمز المقاومة الروحية والوطنية للفلسطينيين.

وقال: “كلما زادت القيود والضغوط على دخولنا إلى الأقصى، زادت رغبتنا في الوصول إليه، لأننا نعلم أن الأقصى ليس مجرد مسجد، بل هو رمز لصمودنا وهويتنا”.

وأضاف أن المقاومة الحقيقية تكمن في البقاء على اتصال بالأقصى حتى في ظل الظروف الصعبة، وأن الفلسطينيين سيواصلون النضال من أجل حقهم في الوصول إلى هذا المكان المقدس.

الأقصى مصدر للأمل رغم التحديات

من جهتها، أكدت رانية أبو خضير، 39 عامًا، من الخليل، أن المسجد الأقصى هو مصدر للأمل والتفاؤل رغم كل التحديات التي تواجه الفلسطينيين.

وقالت: “بالنسبة لنا، الأقصى ليس مجرد مكان للصلاة، بل هو مكان نشعر فيه بالسلام والطمأنينة. رغم كل ما نمر به من صعوبات، فإن الأقصى يظل أملنا الوحيد”.

وأضافت أن كل زيارة للأقصى تعزز من إيمانها بأنه سيتم تحريره يومًا ما، وأن الفلسطينيين سيعودون للصلاة فيه بحرية ودون قيود.

القيود تحول دون إحياء طقوس رمضان التقليدية

من ناحيته، أكد محمد عمرو، 47 عامًا، من نابلس، أن القيود المفروضة على دخول المسجد الأقصى جعلت من المستحيل إحياء العديد من الطقوس التقليدية التي كانت تميز شهر رمضان.

وقال: “كنا نعتكف في المسجد الأقصى خلال العشر الأواخر من رمضان، وكان هذا الاعتكاف جزءًا لا يتجزأ من تجربتنا الروحية في هذا الشهر الكريم. الآن، أصبح هذا الأمر مستحيلًا بسبب القيود الأمنية والملاحقات.” وأضاف أن الفقدان الروحي الناتج عن هذا الحرمان أثر بشكل كبير على الفلسطينيين.

مطالب دولية بإنهاء القيود والتضييقات

أوضحت نادية حمدان، 51 عامًا، من طولكرم، أن الوضع الحالي يتطلب تحركًا دوليًا لرفع القيود عن المسجد الأقصى والسماح للفلسطينيين بالدخول إليه بحرية.

وقالت: “القدس ليست فقط قضية فلسطينية، بل هي قضية دولية تهم المسلمين في جميع أنحاء العالم. يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك فورًا لوقف هذه الانتهاكات وضمان حقنا في الوصول إلى المسجد الأقصى.”

وأضافت أن الأقصى هو ملك للمسلمين جميعًا، وليس من حق الاحتلال أن يفرض سيطرته عليه أو يحرم المسلمين من دخوله.

الأقصى سيبقى محور الصراع وأمل الأمة

أوضح محمود الكرمي، 29 عامًا، من قلقيلية، أن المسجد الأقصى سيظل محور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأمل الأمة الإسلامية.

وقال: “الأقصى هو بوصلة الأمة، وكلما زادت التحديات حوله، زادت قوتنا وعزيمتنا في الدفاع عنه. الاحتلال قد يفرض قيودًا مؤقتة، لكننا على يقين بأن الله سيردنا إلى المسجد الأقصى يومًا ما.”

وأكد محمود أن الفلسطينيين سيواصلون نضالهم من أجل الوصول إلى هذا المكان المقدس، مهما كانت التضحيات

رغم القيود والمخاطر المتزايدة، يبقى المسجد الأقصى بوصلة الفلسطينيين ورمزًا لصمودهم. يرى الجميع أن هذه العقبات لن تمنعهم من السعي للوصول إليه وتجديد روابطهم الروحية به. تظل القدس، وخاصة المسجد الأقصى، محط أمل وحلم مستمر بعودة حرة للصلاة والاعتكاف دون قيود.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى