رمضان سوريا: بعد سقوط النظام .. مشاعر مختلطة بين الحرية والواقع المعيشي المرير

أشار العديد من السوريين إلى أن رمضان هذا العام يحمل في طياته أجواءً جديدة ومفعمة بالحرية بعد سقوط نظام الأسد، حيث بات بإمكان الناس ممارسة شعائرهم الدينية بحرية واطمئنان.
وسط التحديات الاقتصادية، يشعر السوريون بروحانية استثنائية وفرح غامر يعيد إحياء أجواء رمضان الحقيقية.
أجواء الحرية والفرح بعد رحيل الأسد
أكد محمد سعيد، مواطن سوري مقيم في دمشق، أن شهر رمضان هذا العام يختلف تمامًا عن كل ما عاشه من قبل في ظل حكم النظام السابق.
مشيرًا إلى أن السوريين باتوا يتنفسون الحرية الدينية بشكل لم يكن موجودًا من قبل، حيث أصبح بإمكان الجميع الصلاة والاستماع إلى القرآن الكريم في أي مكان دون أي عوائق.
وأضاف: “لقد اختفى الخوف الذي كان يخيم على حياتنا اليومية، خصوصًا في أوقات الصلاة، وكأننا استعدنا حريتنا أخيرًا بعد عقود من القمع والرقابة”.
أوضح سعيد أن أبرز ما يميز رمضان هذا العام هو الإقبال الكبير على المساجد في دمشق، وخصوصًا في صلاة التراويح والقيام.
وأضاف: “من الجميل أن ترى هذا العدد الهائل من الناس يصطفون للصلاة معًا دون خوف من الأجهزة الأمنية أو القمع المعتاد الذي كان يحدث في عهد النظام السابق”. وأعرب عن سعادته بأن هذه الحرية تمثل فرحة للسوريين والمسلمين حول العالم.
فرحة بعد غياب طويل
من جانبه، أشار سامر محمود، وهو سوري مغترب عاد إلى بلده لقضاء شهر رمضان بعد غياب دام 15 عامًا، إلى أنه يشعر بفرحة غامرة لأنه تمكن من مواكبة أجواء رمضان في سوريا بعد سقوط النظام.
وقال: “إنه شعور لا يوصف عندما تعود إلى بلدك بعد غياب طويل، وترى كيف استعادت الناس حريتها”. وأكد أن السوريين قد استعادوا أجواءهم الروحانية والدينية التي كانت مفقودة تحت ظل حكم النظامين السابقين.
وتابع سامر قائلاً: “رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة وأزمتي الكهرباء والسيولة، إلا أن هناك طاقة إيجابية تسود الشوارع، والناس يتعاملون مع بعضهم البعض بألفة ومحبة”. وأضاف: “أشعر وكأن البلد تعيش حالة من الانتعاش الروحاني رغم كل التحديات المادية التي تواجهها”.
تأثير الحرية على الحياة اليومية
أما ليلى حسن، مواطنة سورية تعيش في حلب، فقد أوضحت أن رمضان هذا العام جاء بمشاعر مختلطة بين الفرح بالحرية المكتسبة بعد سقوط النظام، والحزن على الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها الشعب السوري.
وقالت ليلى: “الحرية الدينية التي نتمتع بها اليوم لم تكن موجودة من قبل. يمكننا الآن الصلاة والاستماع للقرآن في الأماكن العامة دون أي تدخل من السلطات، وهذا شيء كبير بالنسبة لنا”. لكنها أشارت إلى أن الفقر الذي تركه نظام الأسد يؤثر على القدرة على الاستمتاع الكامل بأجواء رمضان.
وأضافت: “الأسعار مرتفعة جدًا، والناس يعانون من صعوبة في تلبية احتياجاتهم الأساسية. لكن إيماننا بالله والأجواء الروحانية التي نعيشها في رمضان تعطينا القوة لمواجهة هذه الظروف الصعبة”.
الازدهار الروحاني والمادي
بدوره، أكد أحمد يوسف، أحد المهتمين بالشؤون الدينية في دمشق، أن ما يميز هذا العام هو الشعور بالتحرر الديني.
وأضاف: “الأنشطة الدينية التي كانت تخضع لتضييق شديد من قبل النظام السابق قد شهدت انتعاشًا كبيرًا. هناك زيادة ملحوظة في عدد الأشخاص الذين يزورون المساجد، ويشاركون في صلاة التراويح والقيام”. وأوضح أحمد أن هذا يعكس رغبة الناس في استعادة الروحانية التي كانت محاصرة لعقود.
وأشار إلى أن النظام السابق كان يسيطر بشكل مباشر على المؤسسات الدينية، ويمنع الصلوات والدروس الدينية إلا تحت رقابة مشددة، لكن اليوم أصبح هناك حرية كبيرة في ممارسة الشعائر. وأضاف: “نشعر وكأننا استعدنا روح رمضان الحقيقية بعد سنوات من الحرمان”.
الصعوبات الاقتصادية وتأثيرها على الأجواء
أوضح نزار علي، وهو تاجر في سوق الحميدية، أن الأوضاع الاقتصادية أثرت بشكل كبير على حركة الأسواق خلال رمضان هذا العام.
وقال: “بالرغم من أن الأجواء الروحية هذا العام مميزة بعد سقوط النظام، إلا أن الناس يعانون من الفقر ونقص السيولة، وهذا يؤثر بشكل مباشر على قدرتهم على التسوق وتحضير موائد رمضان كما كانوا يفعلون في السابق”.
وأضاف: “الأسعار مرتفعة جدًا، والوضع الاقتصادي متردي بشكل لا يوصف، وهذا يلقي بظلاله على الفرح الذي كان من المفترض أن نشعر به في هذا الشهر المبارك”.
وأشار نزار إلى أن الأسواق ليست مزدحمة كما كانت في السنوات السابقة، على الرغم من أن عدد الناس الذين يتجولون فيها قد زاد. وأضاف: “الناس يخرجون للشوارع، لكنهم لا يشترون كثيرًا، فالجميع يعاني من الضيق المادي”.
الألفة والعودة إلى الأجواء الدينية
من جانب آخر، قالت فاطمة علي، وهي ربة منزل من دمشق، إن ما يميز هذا العام هو الشعور بالألفة بين الناس.
وأوضحت: “هناك طاقة إيجابية تسود الشوارع، والناس يتحدثون مع بعضهم البعض بحرية أكثر. في السابق، كنا نخاف من التجمعات أو الحديث عن الدين، لكن اليوم يمكننا التحدث بحرية دون خوف”.
وأضافت: “الأجواء الدينية والروحانية هذا العام أفضل بكثير من السنوات السابقة، حيث أصبح بإمكاننا ممارسة شعائرنا دون أي تدخل أو خوف”.
وأكدت فاطمة أن هذه الحرية الجديدة تمثل نقطة تحول في حياة السوريين، مشيرة إلى أن الناس يشعرون بالراحة والطمأنينة على الرغم من التحديات الاقتصادية.
التغيير الذي يشعر به الشباب
أوضح خالد عثمان، شاب سوري من ريف دمشق، أن التغيير الأكبر الذي شعر به هذا العام هو الحرية التي تمتع بها الشباب، خاصة بعد رفع القيود المفروضة على الخدمة الإلزامية.
وقال: “في السابق، كنا نخاف من التجول في الشوارع خوفًا من الاعتقال أو التجنيد الإجباري. لكن اليوم، أصبح بإمكاننا التحرك بحرية دون هذا الخوف”. وأكد أن الشباب يشعرون وكأنهم استعادوا حياتهم بعد سنوات من القمع والتضييق.
وأضاف خالد: “هناك شعور عام بالحرية، والناس يعيشون رمضان بروح مختلفة. لكن في الوقت نفسه، لا يمكن تجاهل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تؤثر على الجميع”.
عودة المغتربين وإحياء الأجواء
أما نور الدين حسن، وهو سوري مغترب عاد مؤخرًا إلى سوريا لقضاء رمضان، فقد أشار إلى أن هذا العام يمثل له تجربة استثنائية.
وقال: “لقد عدت إلى سوريا بعد سنوات طويلة من الغياب، وشعرت وكأنني عدت إلى بلد جديد. الأجواء مليئة بالحياة والحرية، وهذا شيء لم أكن أتوقعه بعد كل ما مررنا به”.
وأوضح نور الدين أن السوريين يعيشون أجواء رمضان هذا العام بطريقة مختلفة، حيث يعبر الجميع عن فرحتهم وامتنانهم للحرية التي حصلوا عليها.
الطقوس الروحية والتغيرات الاجتماعية
أوضحت زينب خالد، وهي ناشطة اجتماعية في حلب، أن رمضان هذا العام يمثل نقلة نوعية في حياة السوريين، خاصة فيما يتعلق بالطقوس الروحانية.
وأضافت: “لقد تخلصنا من كثير من الظواهر السلبية التي كانت مرتبطة برمضان في ظل حكم الأسد، مثل بسطات الدخان أمام الجوامع والمجاهرة بالإفطار في الشوارع. هذه الظوا
رغم الفقر والأزمات المتفاقمة التي تركها حكم النظام السابق، إلا أن السوريين يحتفلون برمضان هذا العام بمشاعر متجددة من الحرية والإيمان.
أجواء الشهر الفضيل ليست فقط فرصة للعودة إلى الطقوس الروحانية، بل أيضًا لحلم بغد أفضل لبلد أنهكته الحروب والقيود الطويلة.