محافظة الشرقية: الحارس الشرقي وأرض التاريخ

يهدف موقع “أخبار الغد” إلى تسليط الضوء على سُبل تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة بمحافظة الشرقية، عبر استعراض القطاعات الرئيسية التي تُسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي.
تتنوع مجالات الاستثمار ما بين الزراعة والصناعة والسياحة، مما يجعل الشرقية نموذجًا مثاليًا للتنمية المتكاملة التي تعود بالنفع على المجتمع والاقتصاد.
موقع استراتيجي وتاريخ عريق
تحتل محافظة الشرقية مكانة بارزة بين محافظات مصر بفضل موقعها الجغرافي المميز الذي جعلها حارسة للمدخل الشرقي للجمهورية.
تعد الشرقية البوابة الشرقية التي اجتازها الغزاة على مر العصور، بدءًا من الهكسوس. تقع المحافظة في منطقة مهمة بين محافظات الدلتا والإقليم الشرقي، محاطة بمحافظات القاهرة، الدقهلية، والإسماعيلية.
أهمية زراعية وتاريخية
تشتهر المحافظة بأنها واحدة من أكبر المحافظات الزراعية في مصر، حيث تبلغ مساحة أراضيها الزراعية حوالي 808493 فدان، وهو ما يمثل 10% من إجمالي الأراضي الزراعية في مصر.
كما تشتهر بتربية الخيول العربية الأصيلة، ولذلك يقام مهرجان سنوي للخيول يجذب اهتمام عشاق الخيول من جميع أنحاء الجمهورية.
تاريخ محافظة الشرقية
كانت الشرقية قديمًا إحدى المقاطعات المصرية القديمة، وكانت عاصمتها في تلك الفترة بوباستيس، التي أصبحت في فترات تاريخية عاصمة لمصر.
تأسس اسم الشرقية في العهد الفاطمي، وتم تقسيم المحافظة إلى “كور” صغيرة، ثم ضمت لاحقًا تحت اسم “الأعمال الشرقية”، حتى أصبحت محافظة الشرقية في عهد محمد علي.
التقسيم الإداري للمحافظة
تضم محافظة الشرقية 13 مركزًا و4 مدن، بالإضافة إلى 2 حي في الزقازيق و107 وحدة محلية قروية، و509 قرية، و3890 كفر وعزبة.
كما تحتضن المحافظة مدينتين صناعيتين هما العاشر من رمضان والصالحية الجديدة، مما يعزز من مكانتها الاقتصادية والصناعية.
السياحة في الشرقية
تحتضن محافظة الشرقية عدداً من المواقع السياحية الهامة، سواء كانت مواقع تاريخية أو ثقافية أو دينية. تنتشر في أرجاء المحافظة مواقع أثرية تعود إلى حقب مختلفة من التاريخ، وتعد منطقة صان الحجر وتل بسطة من أبرز المعالم الأثرية.
كما تحتفل المحافظة بالعديد من المهرجانات والفعاليات التي تعزز السياحة الداخلية، وخاصة في مجال تربية الخيول والمهرجانات الثقافية.
المعالم السياحية والتراثية
تزخر الشرقية بعدد من المعالم الثقافية والتاريخية، من بينها متحف الزعيم أحمد عرابي في قرية هرية رزنة. يقدم المتحف لمحة عن حياة الزعيم أحمد عرابي، ويحتوي على مقتنيات تؤرخ لحياة الشعب المصري خلال تلك الفترة.
أيضًا، تتميز المحافظة بمواقعها السياحية الدينية مثل بئر يوسف الذي ارتبط برحلة العائلة المقدسة إلى مصر.
الثروات الأثرية والسياحة
تفتخر محافظة الشرقية بثروتها الأثرية التي تمتد عبر 120 موقعًا أثريًا، وتتنوع تلك المواقع بين المعابد القديمة والآثار الفرعونية.
تبرز منطقتي تل بسطة وصان الحجر كأهم المواقع الأثرية، حيث تعتبر صان الحجر (تانيس) مركزًا تاريخيًا هامًا شهد عصورًا متعددة من الحضارات المصرية.
منطقة صان الحجر
تعد منطقة صان الحجر واحدة من أبرز المدن الأثرية في الشرقية، تقع على بعد 75 كم من مدينة الزقازيق. كانت هذه المنطقة عاصمة لمصر في عصر الأسرة 21 و23 وتضم العديد من المعابد والمسلات الضخمة التي تنقل لنا جزءًا من تاريخ مصر القديم. تميزت بوجود معابد ملكية مثل معبد الإله آمون، وأثار تعود إلى الملك رمسيس الثاني.
تل بسطة والمتحف
تضم مدينة الزقازيق أطلال تل بسطة، التي كانت مركزًا دينيًا مهمًا في مصر القديمة. وكانت تل بسطة مقرًا مؤقتًا للسيدة مريم العذراء وطفلها المسيح عند وصولهما إلى مصر، ويعد الموقع من أبرز الأماكن الأثرية التي يزورها الزوار لمشاهدة معابد الإلهة باستيت ومقبرة القطط التي تعود لعصور مختلفة.
الاقتصاد في محافظة الشرقية
تشتهر محافظة الشرقية بوجود العديد من الأنشطة الاقتصادية التي تشمل الزراعة والصناعة والسياحة. تبرز الزراعة كواحدة من الأنشطة الرئيسية بالمحافظة، حيث تعد الشرقية من أكبر المحافظات الزراعية في مصر وتساهم بنحو 10% من إجمالي مساحة الأراضي الزراعية بالدولة.
تنتج الشرقية العديد من المحاصيل المهمة، مثل القمح والذرة والأرز والقطن والخضروات والفواكه. إلى جانب الزراعة، تشتهر الشرقية بتربية الخيول العربية الأصيلة التي تساهم في تعزيز مكانة المحافظة في سوق تربية الخيول بالجمهورية.
الصناعة
تضم محافظة الشرقية مناطق صناعية كبيرة مثل مدينة العاشر من رمضان، التي تعد إحدى أكبر المدن الصناعية في مصر، حيث تحتضن العديد من المصانع والشركات في مجالات متعددة.
تشتمل الصناعات بالمحافظة على صناعات الغزل والنسيج، المواد الغذائية، الإلكترونيات، والمعدات الصناعية. كما تشتهر مدينة أبو كبير بتصنيع الملابس الجاهزة، وهو مجال شهد نمواً كبيراً في السنوات الأخيرة.
الزراعة وتربية الخيول
تحافظ الشرقية على تراثها الزراعي القديم وتواصل تقديم إنتاج زراعي متنوع بفضل مساحاتها الزراعية الشاسعة.
كما تبرز المحافظة في تربية الخيول العربية الأصيلة، مما يعزز مكانتها كواحدة من أهم المحافظات المهتمة بتربية الخيول.

العيد القومي للمحافظة
تحتفل محافظة الشرقية بعيدها القومي في التاسع من سبتمبر من كل عام، في ذكرى وقفة الزعيم أحمد عرابي أمام الخديوي توفيق بميدان عابدين عام 1881، مطالِبًا بالحرية وحقوق الشعب. هذا اليوم يعبر عن الفخر والعزة لأبناء المحافظة ويرمز إلى كفاحها عبر التاريخ.
التنوع السكاني والإداري
يصل عدد سكان المحافظة إلى 7.7 مليون نسمة وفقًا للإحصائية الأخيرة، مما يجعلها ثالث أكبر محافظة في مصر من حيث عدد السكان.
هذا التعداد الكبير يعكس تنوعًا في المجتمع الشرقي وثراء ثقافيًا وحضاريًا يعزز من دور المحافظة في تاريخ مصر الحديث.
بهذه الخلفية التاريخية الغنية والموقع الاستراتيجي المهم، تستمر محافظة الشرقية في لعب دور محوري في مختلف مجالات الزراعة والصناعة والسياحة، مما يجعلها واحدة من أهم المحافظات المصرية التي تجمع بين التراث الغني والتقدم الحديث.
أعلام محافظة الشرقية:
أعلام السياسة والقيادة من محافظة الشرقية
تزخر محافظة الشرقية بشخصيات بارزة في المشهد السياسي المصري، ومنهم أحمد عرابي، قائد الثورة العرابية الذي دافع عن حقوق الشعب المصري ضد التدخل الأجنبي. ومن القيادات الوطنية محمد عبد الحليم أبو غزالة، وزير الدفاع الأسبق، الذي أسهم بشكل كبير في تحديث وتطوير الجيش المصري، إلى جانبه، برز محمد مرسي العياط، رئيس جمهورية مصر الأسبق.
أيضًا، تألقت أسماء مثل إبراهيم دسوقي أباظة كوزير سابق، والفريق أحمد شفيق كرئيس وزراء، وعبد العزيز حجازي رئيس الوزراء الأسبق.
على الصعيد العسكري، نبرز الفريق أول محمد صادق وزير الحربية، ومحمد عبد العاطي الذي اشتهر بـ “صائد الدبابات”. وقد ساهموا جميعًا في صنع تاريخ مصر السياسي والعسكري.
كما يأتي الدكتور أحمد زويل، الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء، كواحد من أبناء الشرقية الذين رفعوا اسم مصر عاليًا على الساحة الدولية في مجال العلوم.
أعلام الأدب والفنون من محافظة الشرقية
لمع العديد من الأدباء والشعراء من الشرقية، مثل عبد الله النديم، الأديب والشاعر الذي ساهم في إثراء الأدب المصري. ومن بين الشعراء البارزين، صلاح عبد الصبور ومرسي جميل عزيز، إلى جانب الأديب والكاتب يوسف إدريس، الذي يُعد رائدًا في فن القصة القصيرة بالوطن العربي، والكاتب المسرحي ألفريد فرج.
ومن الشخصيات البارزة أيضًا، الشاعر فاروق جويدة، الذي أثرى الأدب المصري بقصائده الرومانسية والوطنية، والشاعر محمد عبد الحي، الذي قدم إسهامات كبيرة في الشعر الحديث.
في مجال الفنون، نجد نجومًا مثل رشدي أباظة، وشكري سرحان، وعبد الحليم حافظ الذي يُعد من أبرز المغنين في تاريخ مصر. وقد أثر هؤلاء الأعلام في مجالاتهم المختلفة، حيث تركوا بصمة لا تُمحى في تاريخ الأدب والفن المصري.
تؤكد محافظة الشرقية بمواردها الغنية وإمكاناتها التنموية أنها تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق التنمية المستدامة. من خلال الاستثمار في القطاعات الزراعية والصناعية والسياحية، يمكن تعزيز الاقتصاد المحلي وتحقيق رفاهية للمواطنين، مما يساهم في بناء مستقبل مزدهر وقوي للأجيال القادمة.