محافظة بورسعيد: مدينة التاريخ والبطولة

تقع محافظة بورسعيد في شمال شرق جمهورية مصر العربية، على رأس قناة السويس وعلى ساحل البحر المتوسط، وتمتد على تقاطع الطرق التاريخية بين الشرق والغرب.
تكتسب بورسعيد أهمية جغرافية بالغة، حيث تمثل بوابة قناة السويس وتحدها عدة محافظات منها دمياط والإسماعيلية. تتكون المحافظة من 7 أحياء رئيسية بالإضافة إلى مدينة بورفؤاد الواقعة في الشطر الآسيوي من المحافظة.
الموقع والمساحة وعدد السكان
تتميز بورسعيد بموقعها الاستراتيجي على البحر الأبيض المتوسط، وتتقاطع طرق التجارة البحرية الدولية فيها.
تبلغ مساحة المحافظة حوالي 1351 كيلومتر مربع، ويسكنها 780,824 نسمة وفقاً لإحصائية 2021، ويتوزع السكان على أحياء مثل حي الشرق، حي العرب، وحي المناخ. تعد مدينة بورفؤاد جزءاً أساسياً من المحافظة، وتعتبر الشطر الآسيوي لها.
التاريخ الوطني لمدينة بورسعيد
تعتبر بورسعيد رمزاً للمقاومة الوطنية ضد الاحتلال البريطاني والعدوان الثلاثي عام 1956، حيث سطر أهلها تاريخاً نضالياً مشرفاً.
أسست المدينة عام 1859 تحت مسمى “محافظة عموم القنال”، واستمرت في التطور عبر العقود. يعد عيد النصر الذي يُحتفل به في 23 ديسمبر كل عام، تخليداً لذكرى جلاء القوات المعتدية عنها بعد العدوان الثلاثي، رمزاً للبطولة والكرامة الوطنية.
المناطق الحرة وتأثيرها الاقتصادي
تحولت بورسعيد إلى منطقة حرة في عام 1976 بقرار من الرئيس محمد أنور السادات، مما أدى إلى ازدهار اقتصادي كبير. استفادت المدينة من الامتيازات الجمركية التي ساهمت في جذب البضائع والشركات.
تضم المحافظة العديد من المناطق الصناعية، وتعد مصدراً رئيسياً للملابس الجاهزة المصدرة للولايات المتحدة وأوروبا. يعمل في هذه المناطق آلاف العمال، مما يدعم النشاط الاقتصادي ويزيد من حركة التجارة المحلية.
المعالم السياحية والتاريخية في بورسعيد
تزخر بورسعيد بالعديد من المعالم السياحية التي تعكس تاريخها العريق وتنوعها الثقافي. تشمل هذه المعالم:
فنار بورسعيد: أول منارة خرسانية في العالم، أنشئت عام 1869 تحت إشراف المهندس الفرنسي فرنسوا كونييه. تتميز ببنائها المتين وتاريخها الطويل.
مبنى هيئة قناة السويس: أحد أقدم وأهم المباني في بورسعيد، شيد لاستقبال كبار ضيوف مصر في عهد الخديوي إسماعيل.
جزيرة تنيس: تمتد في الجنوب الغربي لبورسعيد وتعد جزءاً من بحيرة المنزلة. تحتوي على آثار إسلامية وموقعها الجغرافي يجعلها مقصداً للسياحة البيئية.
الفرما: مدينة قديمة ذات تاريخ طويل، كانت مركزاً تجارياً مهماً خلال العصر الفرعوني والإسلامي. بقي منها آثار تروي قصة مقاومتها للحروب الصليبية.
السياحة الطبيعية في بورسعيد
تمتاز بورسعيد بتنوعها البيئي، حيث تشمل محمية أشتوم الجميل التي تقع شمال دلتا النيل وتمتد على مساحة 180 كم مربع.
هذه المحمية تعتبر جزءاً من بحيرة المنزلة وتستقطب العديد من الزوار الباحثين عن الطيور المهاجرة والحياة البرية النادرة. كما تشكل المحمية وجهة مهمة لعشاق الطبيعة ومراقبي الطيور.
مناخ بورسعيد
يتميز مناخ بورسعيد بالاعتدال طوال العام، مما يجعلها مقصداً سياحياً مثالياً للسياحة الشتوية والصيفية على حد سواء.
يسهم موقعها على البحر الأبيض المتوسط في خلق أجواء لطيفة تُغري الزوار للاستمتاع بشواطئها ومناطقها الساحلية.
الأحياء السكنية في بورسعيد
تنقسم المدينة إلى سبعة أحياء رئيسية، لكل منها خصائصه ومميزاته:
حي الشرق: أحد أقدم الأحياء ويشتهر بمبانيه ذات الطراز الأوروبي القديم.
حي العرب: يعود تأسيسه إلى عام 1890، ويعتبر الحي الذي كان يسكنه العمال المصريون خلال حفر قناة السويس.
حي المناخ والضواحي: أحياء حديثة تم تأسيسها لاستيعاب التوسع السكاني.
السياحة الثقافية في بورسعيد
تزخر بورسعيد بالعديد من المتاحف التي تجسد تاريخها وثقافتها المتنوعة. متحف بورسعيد القومي يعد أحد أبرز المتاحف، حيث يعرض ما يزيد عن 9000 قطعة أثرية من مختلف العصور.
كما يستعرض متحف النصر للفن الحديث أعمال كبار الفنانين المصريين في مجال الفن التشكيلي. بينما يقدم متحف بورسعيد الحربي مشاهد ولوحات تصور معارك مصر الحربية ضد العدوان الثلاثي وحروب التحرير.
السياحة الدينية
تضم بورسعيد معالم دينية متميزة مثل المسجد العباسي الذي أنشئ في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني عام 1904، والكاتدرائية الرومانية التي أنشئت عام 1934. تُعد هذه المعالم مقصداً للسياح الذين يرغبون في استكشاف التراث الديني والثقافي للمحافظة.
الأنشطة الترفيهية
تتمتع بورسعيد بالعديد من الأنشطة الترفيهية، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بقرية النورس السياحية التي تضم ملاعب رياضية ومراكز علاجية وحمامات سباحة.
كما يتاح للهواة الصيد في مناطق مثل كوبري الجميل والتفريعة. تُعد منطقة الممشى الساحلي وجهة مفضلة للنزهات والمشي على طول البحر.
تبرز محافظة بورسعيد كواحدة من أهم المدن المصرية التي تجمع بين التاريخ المجيد والموقع الاستراتيجي الذي جعلها مركزاً للتجارة والثقافة والسياحة.
لا تزال بورسعيد مدينة نابضة بالحياة، تعكس مزيجاً فريداً من التراث والتطور الاقتصادي، لتظل واحدة من أبرز المدن المصرية في عيون أهلها وزوارها.