لوموند الفرنسية: الولايات المتحدة وإسرائيل تتطلعان إلى شرق إفريقيا لإعادة توطين الفلسطينيين المرحلين من غزة

أجرت الولايات المتحدة وإسرائيل اتصالات مع مسؤولين من ثلاث دول في شرق إفريقيا لمناقشة إمكانية استخدام أراضيها كوجهة محتملة للفلسطينيين الذين سيتم ترحيلهم قسرًا من قطاع غزة، في إطار خطة ما بعد الحرب التي اقترحها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وفقًا لما نقلته وكالة أسوشيتد برس عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين
تعكس هذه الاتصالات مع السودان والصومال وأرض الصومال عزم واشنطن وتل أبيب على دفع خطة مثيرة للجدل أثارت إدانات واسعة وطرحت تساؤلات قانونية وأخلاقية خطيرة. وبما أن هذه الدول تعاني من أزمات اقتصادية وصراعات عنيفة، فإن هذا المقترح يتناقض مع وعود ترامب بجعل إعادة توطين الفلسطينيين في “منطقة جميلة”.
فيما أكد المسؤولون السودانيون أنهم رفضوا العرض الأمريكي، أشار مسؤولون في الصومال وأرض الصومال إلى أنهم لم يتلقوا أي اتصالات رسمية بشأن الموضوع.
مخطط ترامب: تهجير الفلسطينيين والسيطرة على غزة
يقضي مقترح ترامب بنقل أكثر من مليوني فلسطيني من غزة إلى دول أخرى بشكل نهائي. كما يقترح أن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على القطاع، لتشرف على عملية تنظيف طويلة المدى، وتحويل غزة إلى مشروع عقاري ضخم.
لطالما اعتُبر ترحيل الفلسطينيين حلمًا بعيد المنال لأقصى اليمين الإسرائيلي، إلا أن نتنياهو رحّب بالخطة ووصفها بأنها “رؤية جريئة”، وذلك بعد أن طرحها ترامب في اجتماع بالبيت الأبيض في فبراير الماضي.
ورغم أن الفلسطينيين يرفضون الخطة تمامًا، وتصر إسرائيل على أن عمليات الخروج ستكون “طوعية”، فإن الدول العربية رفضت بشدة هذا المخطط، وقدمت بدلاً من ذلك خطة لإعادة إعمار غزة مع إبقاء الفلسطينيين في أراضيهم. كما حذرت المنظمات الحقوقية من أن إجبار الفلسطينيين على مغادرة وطنهم أو الضغط عليهم للرحيل قد يشكّل جريمة حرب، لكن البيت الأبيض أكد أن ترامب متمسك برؤيته.
حوافز مالية ودبلوماسية وأمنية
أكد مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون، رفضوا الكشف عن أسمائهم، أن الاتصالات مع الصومال وأرض الصومال مستمرة، بينما أكدت مصادر أمريكية وجود اتصالات مع السودان. ولم يتم تحديد مستوى التقدم في هذه المناقشات أو المسؤولين الذين شاركوا فيها.
وقد بدأت المساعي الأمريكية والإسرائيلية للتواصل مع هذه الدول في فبراير، بعد أيام قليلة من إعلان ترامب ونتنياهو خطتهما لغزة، وفقًا لمسؤولين أمريكيين قالوا إن إسرائيل تقود المحادثات بشكل مباشر.
وتقدم واشنطن وتل أبيب لهذه الدول حوافز مالية ودبلوماسية وأمنية لإقناعها بالموافقة على استقبال الفلسطينيين، وهي نفس الاستراتيجية التي استخدمها ترامب في اتفاقيات أبراهام التي أفضت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وأربع دول عربية.
ورفض البيت الأبيض ومكتب نتنياهو التعليق على هذه التقارير، في حين أكد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، المؤيد منذ فترة طويلة لما يسميه “الهجرة الطوعية” للفلسطينيين، أن إسرائيل تعمل حاليًا على تحديد الدول المستعدة لاستقبالهم. كما أعلن عن إنشاء قسم ضخم للهجرة داخل وزارة الدفاع الإسرائيلية لتسهيل هذا المخطط.
السودان: بلد ممزق بالحرب يرفض المشروع
يعد السودان من بين الدول الأربع التي وقّعت على اتفاقيات أبراهام عام 2020، حيث وافق على تطبيع علاقاته مع إسرائيل مقابل إزالته من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مما أتاح له الوصول إلى القروض الدولية.
لكن هذا الاتفاق لم يُفعّل فعليًا بسبب اندلاع الحرب الأهلية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وأدى هذا الصراع إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بحسب الأمم المتحدة، كما تحقق المحكمة الجنائية الدولية في هذه الجرائم.
أكد مسؤولان سودانيان لوكالة AP، تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما، أن إدارة ترامب تواصلت بالفعل مع الحكومة السودانية بشأن استقبال الفلسطينيين. ووفقًا لأحدهما، بدأت الاتصالات حتى قبل تنصيب ترامب، وعُرضت على السودان مساعدات عسكرية ودعمًا في إعادة الإعمار.
لكن هذه المقترحات رُفضت بشكل قاطع، حيث أكد رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان خلال قمة القادة العرب في القاهرة الأسبوع الماضي، أن السودان يرفض تمامًا أي خطة لنقل الفلسطينيين من أرضهم تحت أي مبرر.
أرض الصومال: إغراء بالاعتراف الدولي
يبلغ عدد سكان أرض الصومال أكثر من 3 ملايين نسمة، وقد أعلنت انفصالها عن الصومال منذ أكثر من 30 عامًا، لكنها لم تحظَ بأي اعتراف دولي.
يرى المراقبون أن الولايات المتحدة قد تحاول إقناع أرض الصومال بقبول اللاجئين الفلسطينيين مقابل الاعتراف بها كدولة مستقلة.
لكن مسؤولًا حكوميًا في أرض الصومال قال لـ AP إن حكومته لم تتلقَ أي طلبات رسمية بهذا الخصوص، مؤكدًا أن أي حديث عن قبول فلسطينيين في أرض الصومال غير صحيح.
الصومال: داعم قوي للقضية الفلسطينية
لطالما كانت الصومال داعمة قوية لفلسطين، حيث نظمت العديد من المظاهرات الشعبية تأييدًا للفلسطينيين. كما شاركت الحكومة الصومالية في القمة العربية الأخيرة التي رفضت خطة ترامب بشكل قاطع، مما يجعل من الصعب تخيل أن مقديشو قد توافق على استقبال لاجئين فلسطينيين.
ويرى بعض المحللين أن هذا التحول قد يكون جزءًا من أجندة خفية، كما تقول المحللة الكينية شيبكورير سامبو، التي ترى أن إعادة ترتيب المصالح السياسية قد يؤدي إلى مواقف جديدة غير متوقعة.
لكن مسؤولًا صوماليًا، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، أكد لـ AP أن بلاده لم تتلقَ أي اتصالات من واشنطن أو تل أبيب بشأن إعادة توطين الفلسطينيين، مشددًا على أن هذا الملف لم يُناقش في أي مستوى رسمي.