تقاريرحوارات وتحقيقات

مدينة صيدا في رمضان: بين الأصالة والتراث وتحدي الأزمات الاقتصادية والسياسية المستمرة

تزدهر الأجواء الرمضانية في مدينة صيدا جنوب لبنان، حيث تتجلى التقاليد والعادات بشكل لافت. في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية، حافظت المدينة على روح رمضان، متمسكة بجذورها التراثية والثقافية التي تميزها عن غيرها من المدن.

تتنوع الفعاليات الرمضانية بين الطقوس الدينية والأمسيات الفنية، لتصبح صيدا وجهة رمضانية بارزة، تشع بالحياة والنشاط خلال الشهر الفضيل.

رمضان في صيدا: سحر الحكايات والأجواء الرمضانية

أكد علي محمود، وهو أحد سكان صيدا، أن المدينة تحتفظ بجوها الخاص في رمضان، حيث تنتشر الفوانيس المضيئة والزينة الرمضانية في كل زاوية من المدينة.

يقول محمود: “على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة، نجد في رمضان مناسبة لإحياء التراث والتقاليد، حيث تعود المدينة إلى أصولها مع فعاليات الحكواتي الذي يجمع الناس في المقاهي ليروي لهم الحكايات القديمة.”

يضيف علي: “أطفالنا يتعلمون من خلال الحكواتي أهمية التواصل الشفهي والتراث الثقافي، وهذه الأجواء تزرع فيهم حب التاريخ والصمود، خاصة في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها لبنان حالياً.”

سهرات باب السراي: تجمع شعبي يشع بالألفة

أشارت هناء عبدالله، إحدى المشاركات في فعاليات رمضان بباب السراي، إلى أن هذه الساحة تعد من أهم معالم المدينة التي تجمع المواطنين في ليالي رمضان.

تقول هناء: “تعد سهرات باب السراي فرصة للتواصل الاجتماعي بين الأهالي، حيث تنظم الجمعيات الكشفية سهرات رمضانية تشمل الأناشيد والمدائح.”

تضيف هناء: “في ظل التوترات الأمنية والضغوط الاقتصادية التي نعيشها في لبنان، تأتي هذه السهرات كنافذة فرح وأمل، تجمع الناس من مختلف الأعمار والفئات، لنشعر أننا عائلة واحدة تحت ظل رمضان.”

خان الإفرنج: وجهة للسياح والزوار في رمضان

أوضح خالد الزين، مالك إحدى المحلات في خان الإفرنج، أن الخان يعد واحداً من أهم معالم المدينة التي تنبض بالحياة خلال رمضان.

يقول الزين: “خان الإفرنج يعكس تاريخ صيدا وتراثها، حيث يتوافد السياح والزوار من مختلف المناطق اللبنانية ليشاركوا في الأجواء الرمضانية الفريدة.

يعرض أصحاب المشاريع الصغيرة منتجاتهم اليدوية والمأكولات الشعبية، مما يساهم في دعم الاقتصاد المحلي.”

يضيف الزين: “رغم الأزمات التي نعيشها، يسهم هذا التجمع في إحياء روح رمضان وتقديم تجربة فريدة للزوار الذين يبحثون عن التواصل مع التراث اللبناني.”

الأجواء التراثية: ترسيخ للقيم الثقافية في زمن التحديات

أكدت زينب بلال، ناشطة في مجال التراث الثقافي، أن ما يميز صيدا في رمضان هو قدرتها على إحياء تقاليد قديمة رغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية.

تقول بلال: “رمضان في صيدا ليس مجرد شهر ديني، بل هو فرصة لتجديد العادات الشعبية مثل عرض الفرق الفلكلورية والمسحراتي الذي يجوب الأحياء بالدفوف والطبول.”

تضيف بلال: “تسهم هذه الفعاليات في ترسيخ القيم الثقافية للأجيال الجديدة، وتجعلنا نشعر بالفخر لما نملكه من تراث غني، حتى وإن كانت الحياة اليومية مليئة بالصعوبات.”

المسحراتي: نداء التراث في صيدا

أشار جمال يوسف، أحد المسحراتية القدامى في صيدا، إلى أن مهنته تمثل جزءاً أساسياً من التراث الرمضاني في المدينة.

يقول يوسف: “أنا فخور بأن أكون جزءاً من هذه الأجواء، فالمسحراتي ليس مجرد مهنة بل هو إرث رمضاني نحافظ عليه منذ عقود. يخرج الناس على شرفات منازلهم لسماع النداءات المميزة للصحور.”

يضيف يوسف: “رغم الحداثة التي يشهدها العالم، إلا أن صيدا تحافظ على هذه العادة التي تجمع السكان وتخلق جواً من التآلف والمحبة.”

رمضان رغم الأزمات: تلاحم وتحديات

أوضحت مريم الحاج، أستاذة علم الاجتماع في إحدي الجامعات، أن ما يميز رمضان في صيدا هو التلاحم الاجتماعي الذي يظهر بوضوح في ظل الأزمات المتتالية.

تقول الحاج: “الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان لم تمنع الناس من الحفاظ على تقاليدهم. رمضان يمثل فرصة لتجاوز الأزمات من خلال المشاركة في الفعاليات الرمضانية التي تعزز الوحدة.”

تضيف الحاج: “الفعاليات الرمضانية تساهم في تخفيف الضغوط النفسية على الناس، حيث يجتمع الجميع في أجواء من الفرح والترابط الاجتماعي.”

الأطفال في رمضان: مشاركة في الفرح والتراث

أكدت ليلى مراد، إحدى الأمهات المشاركات في الفعاليات الرمضانية، أن شهر رمضان في صيدا يمثل فرصة لتعليم الأطفال القيم والتقاليد.

تقول مراد: “نحن نحرص على إشراك الأطفال في فعاليات رمضان، مثل حضور سهرات الحكواتي والفرق الفلكلورية، ليعرفوا أكثر عن تراثنا.”

تضيف مراد: “هذه التجربة تعلمهم قيم التعاون والمحبة، كما تعزز فيهم الشعور بالانتماء للمدينة والتراث.”

المأكولات الصيداوية: رمز للكرم والضيافة

أشارت سعاد ياسين، طاهية مشهورة في صيدا، إلى أن المأكولات الرمضانية التقليدية تمثل جزءاً مهماً من الفعاليات الرمضانية في المدينة.

تقول ياسين: “في رمضان، يصبح الطعام وسيلة للتعبير عن الكرم والضيافة. نقوم بتحضير الحلويات الشعبية مثل القطايف والكلاج، التي تشتهر بها صيدا.”

تضيف ياسين: “هذه الأطباق ليست مجرد طعام، بل هي رمز للتواصل والتقارب بين الناس، حيث يتم تبادل الأطباق بين الجيران والأهل، مما يعزز الروابط الاجتماعية.”

النشاطات الفنية: جسر بين الماضي والحاضر

أوضح محمد ناصر، فنان مشارك في الفعاليات الرمضانية بخان الإفرنج، أن الأمسيات الفنية التي تقام خلال الشهر الفضيل تجمع بين التراث والمعاصرة.

يقول ناصر: “نحن نقدم عروضاً فنية تعكس تاريخ صيدا، مثل رقصات الدبكة والمولوي. هذه العروض تمزج بين القديم والجديد، مما يجعل الجمهور يتفاعل معها بشكل كبير.”

يضيف ناصر: “نحاول من خلال هذه العروض أن نحافظ على التراث وفي الوقت نفسه نقدم شيئاً يناسب الجيل الجديد الذي يبحث عن الترفيه والمعرفة.”

أزمة الاقتصاد: تحدٍ يواجه الفعاليات الرمضانية

أشارت فاطمة دياب، صاحبة متجر في السوق القديم، إلى أن الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان أثرت على الفعاليات الرمضانية.

تقول دياب: “رغم الأجواء الجميلة التي نشهدها في صيدا خلال رمضان، إلا أن الأزمة الاقتصادية تجعل من الصعب على الكثير من الناس المشاركة بشكل كامل.”

تضيف دياب: “التحديات الاقتصادية تجعلنا نفكر في كيفية الحفاظ على هذا التراث وفي الوقت نفسه تجاوز العقبات المالية التي نواجهها. رمضان هو فرصة للتلاحم والتعاون بين الجميع.”

رمضان في صيدا: إصرار على الفرح رغم المصاعب

أكد حسن إبراهيم، صاحب محل للحلويات، أن صيدا تبقى مدينة الفرح في رمضان رغم كل المصاعب. يقول إبراهيم: “نحن نعيش في ظروف صعبة، ولكن رمضان يعطينا الأمل. نزين محلاتنا ونستقبل الزوار بابتسامة، ونعمل جاهدين للحفاظ على تقاليدنا.”

يضيف إبراهيم: “صيدا في رمضان تمثل مكاناً للسلام والفرح، ونسعى بكل جهد لنشر هذا الفرح بين الجميع.”

رغم الأزمات الاقتصادية والسياسية، تظل مدينة صيدا في جنوب لبنان نموذجاً للتلاحم الاجتماعي والثقافي خلال شهر رمضان.

تتجلى روح المدينة في فعالياتها المتنوعة التي تجمع بين التراث والحداثة، وتقدم نموذجاً فريداً للتمسك بالتقاليد في وجه التحديات.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى