أجواء رمضان في مصر حاجة تانية..عادات واحتفالات تمتد لمئات السنين

مدفع وفانوس ومسحراتي وموائد ودورات رمضانية..تلك هى أجواء رمضان في مصر والتي تختلف كثيرا عن دول أخرى، ولكل بلد طريقته الخاصة في الاحتفال بالشهر الكريم التي تُظهر عاداته وتقاليده في الاحتفالات الشعبية، فكيف يستقبل المصريون شهر رمضان بطريقتهم الخاصة، وما يرتبط به من عادات وتقاليد تمسك بها المصريون عبر عقود من الزمن؟
لأن رمضان في مصر “حاجة تانية” كما غنى بذلك حسين الجسمي. فحتى قبل أن يستطلع المسلمون هلال شهر رمضان في مصر وتبدأ الاحتفالات والتجهيزات والاستعدادات، تجد الشوارع رُسمت بريشة فنان وتحولت تحولاً كبيراً، وتجد البنايات بمختلف أحجامها وقد تحلت بزينة رمضان المُبهجة وتلألأت بالفوانيس والإضاءات المرتبطة بهذا الشهر المبارك، وتسمع وأنت تسير في شوارع المحروسة الأغاني الرمضانية الشعبية عبر الأثير تهبك نفحة من البهجة وتجدد الأمل حتى قبل أن يبدأ شهر رمضان بأيام.
ترى الشوارع وقد اكتظت بالناس الذين خرجوا لشراء لوازم شهر رمضان من مواد غذائية وغيره. والكل في هذه الأيام يتبادل التهنئة والمعايدات التي لا تخلو من “خفة الدم” المصري. وتجد الشباب وقد تجمعوا ووضعوا خطة “لدوري كرة القدم الرمضاني” الخاص بكل شارع. وتجد السيدات وقد أعددن جدول بالعزائم والولائم والوجبات التي سيعدونها في رمضان، أما الأطفال فقد وجدوا في اللعب بالفوانيس وترديد الأغاني الرمضانية غايتهم من اللهو والمرح، أما الجد والجدة فقد تجددت الحياة في أعينهم وسارت الضحكات لا تفارق وجوههم بتجدد العهد الرمضاني، فهم يعرفون أن رمضان هو ما سيجمعهم أكثر وأكثر مع الجميع، وسيجدون في رمضان الفرصة لاستعادة الذكريات الطيبة وسيخبرون أحفادهم أخيراً كيف كان يبدو رمضان فيما مضى من الأعوام.
لهفة انتظار الهلال
تمر الأيام بتثاقل وبطء قبل بداية شهر رمضان لتختبر صبر المصريين وشوقهم لشهر الرحمة والمغفرة، والكل متأهب لرؤية هلال رمضان، ويدعون أن يُعجل الضيف الكريم ولا يؤجل. وما أن تثبت رؤية هلال شهر رمضان المبارك في مصر إلا وتتواصل مظاهر الاحتفالات على مدار 30 يوم متوالية غير منقطعة.
ومن أهم مظاهر الاحتفال بشهر رمضان في مصر هي موائد الرحمن، وهى موائد طعام تُنْصب في الشوارع لإطعام الصائمين. ويتسابق المصريون في هذا الشهر الكريم إلى إطعام الصائمين، فمنهم من يقوم بتجهيز وجبات أُعدت في المنزل أو تجهيز المشروبات والتمر ويوزعها وقت آذان المغرب على الناس في الشوارع والطرقات.
وفي بعض الأحياء في مصر – خصوصاً المناطق الشعبية التي يترابط أهلها – تجدهم يُخصصون يوماً لإفطار جماعي لكل العائلات في نفس الشارع، فكل عائلة تعد ما تستطيع من طعام، وقبل آذان المغرب تُرص الموائد وتعلوها أصناف وأنواع من الأطعمة التي أعدوها، وبعد الآذان يتناول جميع سكان الشارع طعام الإفطار مع بعضهم في منظر مهيب يكاد لا يتكرر في أي مكان في العالم إلا في مصر.
ومن المظاهر الطيبة في الاحتفال بشهر رمضان في مصر هى “شنط رمضان” حيث يقوم المصريون قبل شهر رمضان بتحضير وتجهيز شنط رمضان، فيقومون بشراء المواد الغذائية الأساسية وياميش رمضان بأعداد كبيرة وتقسيمه على شنط أو حتى كراتين يطلق عليها “كراتين رمضان” وتوزيعها على الأسر الفقيرة حتى تستطيع تلك الأسر صيام شهر رمضان.
وفي العشر الأواخر من رمضان تجد مجموعات من الجيران من نفس الحى يجمعون ما يستطيعون من المال، كل على قدر استطاعته، ليشتروا قبل حلول عيد الفطر ملابس ليوزعوها على الأطفال الأيتام أو الفقراء ممن لا يستطيع أهلهم شراء ملابس العيد لهم. كل ذلك وأكثر من أوجه الخير كمظهر من مظاهر الاحتفال بشهر رمضان في مصر.