فضائح استشاريي الهيئة العامة لقصور الثقافة: باب خلفي لإهدار المال العام

أشار عدد كبير من العاملين في الهيئة العامة لقصور الثقافة إلى استشراء الفساد في أروقة هذه الهيئة، حيث يتم إحالة عدد من القيادات إلى وظيفة استشاري إدارة مركزية أو استشاري إدارة عامة كغطاء للتلاعب بمخصصات الدولة، مما يفتح بابًا خلفيًا لإهدار المال العام وصرف رواتب ومكافآت دون أي وجه حق.
أكدت مصادر داخل الهيئة أن هذه الوظائف تتيح لهؤلاء الاستشاريين التمتع بمزايا مالية ضخمة دون أن يقدموا مقابلًا فعليًا للعمل الذي يفترض أن يقوموا به.
إذ لا يحضر معظم هؤلاء الاستشاريين سوى مرة واحدة في الشهر، وفي أفضل الأحوال يحضرون بضع مرات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة فقط من أجل التوقيع في دفتر الحضور والانصراف، ليظهروا في الأوراق على أنهم ملتزمون بالعمل بينما الحقيقة عكس ذلك تمامًا.
أوضحت تلك المصادر أن القيادات المحالة إلى وظائف استشارية لا تُسند إليهم أي اختصاصات أو واجبات وظيفية تُذكر، مما يثير الشكوك حول الغرض من تعيينهم في هذه المناصب التي تتيح لهم الحصول على رواتب مجزية دون القيام بأي عمل فعلي.
ويعتبر هذا نوعًا من التلاعب بالنظام المالي والإداري، إذ لا يوجد أي متابعة أو رقابة على حضورهم أو أدائهم الوظيفي، بل يتم السماح لهم بملء خانات الحضور والانصراف دون أي مساءلة.
أكدت المصادر أن هذه الظاهرة منتشرة على نطاق واسع في مختلف أقاليم الهيئة، ففي إقليم وسط الصعيد الثقافي على سبيل المثال، يشغل ضياء مكاوي منصب استشاري إدارة عامة بفرع ثقافة أسيوط،
ورغم تعيين مكاوي في هذا المنصب منذ ديسمبر الماضي، فإنه لم يحضر سوى خمس مرات فقط، ويمكن التحقق من ذلك من خلال مراجعة الكاميرات المثبتة في المكان، وهو ما يعد دليلًا واضحًا على التسيب والاستهتار بالمال العام.
أوضحت المصادر أيضًا أن جلال أبو الدهب، الذي يشغل منصب استشاري إدارة مركزية في نفس الإقليم، يتبع نفس النهج، حيث يغيب عن العمل بشكل متكرر دون أي مساءلة تُذكر.
بالإضافة إلى رحاب توفيق، التي تم تعيينها استشاري إدارة عامة منذ شهر فبراير الماضي، ورغم ذلك ما زالت تمارس مهام منصبها كمدير عام فرع ثقافة المنيا دون قرار قانوني، مما يعد مخالفة صريحة للقوانين المنظمة للعمل داخل الهيئة، حيث تتصرف وكأنها فوق القانون، دون أي محاسبة أو تدخل من الجهات الرقابية.
أكد عدد من العاملين في الهيئة أن الوضع في إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي لا يقل فسادًا عن وسط الصعيد، حيث يتمتع عدد من القيادات بنفس الامتيازات المالية والمناصب الوهمية دون أن يكون لهم أي دور فعلي.
فعلى سبيل المثال، محمود أبو ربع وإجلال عامر وأحمد خليفة وشرين جمال الدين، وجميعهم مستشارون في الهيئة العامة لقصور الثقافة، يتقاضون رواتب ومكافآت شهرية رغم غيابهم شبه الدائم عن مقر العمل وعدم قيامهم بأي مهام تُذكر.
أوضح العاملون أيضًا أن إيهاب محمد الزهري، وأشرف أبو قليل، وسماح كامل يتبعون نفس النهج، حيث يغيبون عن العمل لفترات طويلة دون أن يتعرضوا لأي عقوبات أو مساءلة، وهو ما يعكس حالة التسيب والفوضى التي تعاني منها الهيئة.
كما أشاروا إلى أن أحمد فاروق كان يتمتع بمزايا وظيفته السابقة وكأن شيئًا لم يتغير حتي تم نقله إلى الجامعة ليبتعد عن دائرة العمل في الهيئة.
وفي مثال آخر على هذه الممارسات، أكد العاملون أن لاميس الشرنوبي، التي تم تعيينها استشاري إدارة عامة منذ شهر أكتوبر الماضي، ما زالت تواصل عملها كرئيسة لإقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي، وذلك بالمخالفة للقانون، حيث لم يتم تنفيذ القرار الخاص بتعيينها استشارية حتى الآن، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول التواطؤ الذي يسمح لهذه الشخصيات بالاستمرار في هذه المناصب دون وجه حق.
أوضحت المصادر أن هذه الممارسات لا تقتصر على عدد محدود من القيادات، بل أصبحت ظاهرة متفشية في جميع أفرع الهيئة، حيث يتم إحالة العديد من القيادات إلى وظائف استشارية دون وجود حاجة فعلية لهذه المناصب،
مما يؤدي إلى إهدار مبالغ طائلة من أموال الدولة التي يجب أن تُخصص لتطوير الثقافة ودعم النشاطات الثقافية في مختلف المحافظات، وليس لتغطية نفقات قيادات تعتاش على الفساد.
أكدت المصادر أن استمرار هذا الوضع دون تدخل من الجهات المعنية لمحاسبة المسؤولين عن هذه المخالفات يهدد مستقبل الهيئة العامة لقصور الثقافة ويضعف دورها الثقافي الذي أُنشئت من أجله.
فلا يمكن لهذه الهيئة أن تؤدي رسالتها في نشر الثقافة وتوعية المجتمع طالما أن هناك قيادات تلتهم موازنتها دون تقديم أي جهد أو عطاء يُذكر.
طالب عدد من العاملين بضرورة إحالة هذه القيادات الفاسدة إلى التحقيق الفوري وتطبيق القانون عليهم دون أي تهاون، مؤكدين أن استمرارية هذا الوضع يعد تواطؤًا مع الفساد وإهدارًا لحقوق الأجيال القادمة في التمتع بخدمات ثقافية متكاملة، حيث يظل المال العام عرضة للنهب دون حسيب أو رقيب.
وفي هذا السياق، شدد العاملون على أهمية إعادة النظر في كل القيادات التي تم إحالتها إلى وظائف استشارية وإعادة تقييم دورهم ومدى احتياج الهيئة لهذه المناصب، مؤكدين أن إصلاح الهيئة يبدأ بتطهيرها من القيادات التي استغلت مناصبها لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة.