مقالات ورأى

دعاء حسن تكتب: اليوم العالمي للمرأة.. التحديات الرقمية وتطلعاتنا نحو فضاء إلكتروني عادل ومتوازن

في الثامن من مارس من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للمرأة، وهو فرصة لتسليط الضوء على الإنجازات التي حققتها النساء في مختلف المجالات، وكذلك لمناقشة التحديات التي لا تزال تواجههن، خاصة في العصر الرقمي. في ظل التحول الرقمي المتسارع، أصبحت الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أدوات رئيسية للتمكين والتعبير، لكنها في الوقت نفسه ساحة جديدة للصراعات التي تواجه المرأة، حيث تعاني من التمييز، والتهميش، والعنف السيبراني.

التحديات التي تواجه المرأة في الفضاء الإلكتروني
1. العنف السيبراني والتحرش الرقمي
تواجه النساء في الفضاء الرقمي أشكالًا متعددة من العنف، بدءًا من التحرش الإلكتروني والتنمر، وصولًا إلى التشهير وانتهاك الخصوصية. تشير دراسات عديدة إلى أن النساء، وخاصة الناشطات والصحفيات وصانعات المحتوى، أكثر عرضة للهجمات الإلكترونية المنظمة، مما يدفع البعض إلى تقليل نشاطهن أو حتى الانسحاب من الفضاء الرقمي تمامًا.
2. الفجوة الرقمية بين الجنسين
رغم التقدم التكنولوجي، لا تزال هناك فجوة رقمية بين النساء والرجال في الوصول إلى التكنولوجيا واستخدامها بفعالية. في بعض المجتمعات، تعاني النساء من نقص في فرص التعلم الرقمي والتدريب على التقنيات الحديثة، مما يحد من إمكانياتهن في الاستفادة من الفرص الاقتصادية والتعليمية التي يوفرها العالم الرقمي.
3. التهميش في صناعة التكنولوجيا وصناعة المحتوى
ما زالت النساء ممثلات تمثيلًا ضعيفًا في مجالات التكنولوجيا، سواء في تطوير البرمجيات أو في اتخاذ القرارات الرقمية الكبرى. كما تعاني النساء من قلة التمثيل في صناعة المحتوى الرقمي، حيث تُهيمن وجهات النظر الذكورية على معظم المنصات. هذا التحيز يؤثر على طبيعة المحتوى المقدم، ويجعل الصوت النسائي أقل حضورًا وتأثيرًا.
4. الرقابة والتمييز في الخوارزميات
تعتمد منصات التواصل الاجتماعي على خوارزميات تُحدد مدى انتشار المحتوى، إلا أن هذه الخوارزميات في بعض الأحيان تعكس تحيزات مجتمعية تؤدي إلى تهميش قضايا المرأة أو التقليل من أهمية المحتوى الذي تنتجه النساء. كما أن بعض السياسات المجتمعية في هذه المنصات لا توفر حماية كافية للمستخدمات من التمييز والعنف الرقمي.

نحو فضاء إلكتروني عادل ومتوازن

لخلق بيئة رقمية عادلة ومتوازنة، لا بد من اتخاذ خطوات جدية تعزز مشاركة المرأة وتحميها من التحديات المذكورة. بعض الحلول المقترحة تشمل:
• تعزيز السياسات الرقمية العادلة: على الحكومات والمنظمات الدولية العمل على وضع سياسات لحماية النساء من العنف السيبراني، وتجريم التحرش الرقمي، وضمان حقوقهن الرقمية.
• تمكين المرأة رقميًا: توفير فرص تدريب وتأهيل للنساء في مجال التكنولوجيا، مما يسهم في تقليل الفجوة الرقمية وتمكينهن من استخدام الأدوات الرقمية بفعالية.
• إعادة تشكيل السياسات والخوارزميات: الضغط على الشركات التكنولوجية الكبرى لتطوير خوارزميات أكثر عدالة تضمن التمثيل المتساوي للمرأة في الفضاء الرقمي وتعزز وصول المحتوى النسائي إلى الجمهور.
• خلق بيئة داعمة على الإنترنت: الترويج لثقافة الاحترام والتنوع في الفضاء الرقمي، وتشجيع النساء على المشاركة الفعالة في صناعة المحتوى، والسياسات الرقمية، وريادة الأعمال التقنية.

أمنياتنا في اليوم العالمي للمرأة

نطمح إلى فضاء إلكتروني أكثر إنصافًا، حيث تتمتع النساء بحرية التعبير دون خوف، وتتاح لهن فرص متكافئة للمشاركة في صناعة المحتوى الرقمي وريادة التكنولوجيا. إن بناء عالم رقمي أكثر عدلًا لا يقتصر على حماية النساء من العنف الرقمي فحسب، بل يمتد إلى تمكينهن ليكنّ صانعات قرار وقائدات في الثورة الرقمية، في هذا اليوم، نحتفل بالمرأة وإنجازاتها، ونجدد التزامنا بالسعي نحو فضاء إلكتروني أكثر عدالة، حيث يكون الصوت النسائي حاضرًا، مؤثرًا، ومحميًا.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى