عربي ودولى

العرب في مواجهة الرفض الأمريكي الإسرائيلي لخطة إعمار غزة: بحث عن خيارات جديدة

في ظل الأزمة الإنسانية المتزايدة في غزة، يبرز التساؤل حول كيفية مواجهة العرب للرفض الأمريكي والإسرائيلي لخطة إعمار القطاع، حيث يحذر محللون وباحثون من تداعيات هذا الرفض على مستقبل المنطقة.

يأتي هذا التحليل بعد أن عبرت دول عربية عن نيتها لتقديم خطة شاملة لإعادة إعمار غزة، إلا أن هذه المساعي واجهت انتكاسة كبيرة بعد الرفض الأمريكي والإسرائيلي، مما يثير مخاوف عديدة حول عدم قدرة الدول العربية على تنفيذ هذه المبادرة بشكل فعال. غياب الآليات التنفيذية، سواء على الصعيد العربي أو الدولي، يزيد من التعقيدات التي تواجه المنطقة في مسار إعادة الإعمار.

لقد أشار المحللون إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل فرض رؤيته القائمة على التهجير والتوسع، مما يعيق أي جهود عربية لتحقيق السلام والاستقرار. ويكتسب السؤال حول خيارات الدول العربية لمواجهة هذا الرفض أهمية خاصة، في ظل انعدام أي استجابة أمريكية للحلول المقترحة.

وفي هذا السياق، دعا خبراء العلاقات الدولية إلى أهمية تنسيق الجهود العربية وتوحيد الصف لمواجهة التحديات المقبلة. كما يشددون على ضرورة امتلاك الدول العربية أدوات ضغط فعالة على واشنطن وتل أبيب.

  • “يجب أن تكون هناك استراتيجية شاملة تتجاوز الكلمات إلى الأفعال”، يقول أحد الباحثين في الشؤون السياسية. “الإصلاح الحقيقي يتطلب من الدول العربية الارتقاء إلى مستوى التحديات، وبناء رافعة ضغط قوية لضمان الحقوق الفلسطينية.”

العالم العربي: عجز عن مواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية بسبب الحسابات السياسية والاقتصادية

أكد المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز “ريكونسنس” للبحوث والدراسات عبدالعزيز العنجري، أن العالم العربي يعاني من عدم القدرة على اتخاذ مواقف فعالة تجاه الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، ليس نتيجة لعجز الإمكانيات، بل بسبب الاعتبارات السياسية والاقتصادية التي تعيق الحكومات العربية عن المواجهة.

وأوضح العنجري في حديثه مع “قدس برس” أن أي تصعيد من الجانب العربي سيبقى محدوداً بالشعارات، بينما تواصل إسرائيل والولايات المتحدة تنفيذ سياساتهما بلا أي تهديد فعلي يأتي من الدول العربية.

وأشار العنجري إلى أن الدول العربية قد اعتمدت على إدارات أمريكية أكثر توافقًا وتفهمًا للتوازنات الإقليمية على مر العقود، لكن إدارة ترامب قد غيرت هذا التوجه بشكل جذري بتبني سياسة لا تلقي بالًا للردود العربية وتنطلق من قاعدة شعبية يمينية لا تراعي المصالح العربية.

وأضاف: “إن الضغوط الأمريكية المتزايدة على الدول العربية تفرض واقعاً استيطانياً وحلولاً سياسية مجحفة، لا يمكن مواجهتها بردود الأفعال التقليدية. يجب أن نرسل رسالة واضحة بأن الإملاءات الأمريكية لها عواقب”.

واعتبر العنجري أن الوضع الحالي يجعل دولاً مثل مصر والأردن في مأزق استراتيجي، متسائلًا: “هل يجب الالتزام بدبلوماسية تقليدية في ظل سياسات أمريكية غير منطقية؟ بالتأكيد لا”.

وتحدث العنجري عن إمكانية خفض التمثيل الدبلوماسي مع إسرائيل كرد فعل على الضغوط الأمريكية، معتبرًا أن ذلك يمكن أن يحقق مكاسب شعبية، حيث سيشعر المواطنون بأن حكوماتهم تستجيب لمشاعرهم، مما قد يؤدي إلى تعزيز الشرعية الشعبية.

ومع ذلك، حذر العنجري من أن غياب الضمانات لتحقيق مكاسب استراتيجية يجعل هذا الخيار غير واقعي، وأشار إلى أن التصعيد دون بدائل استراتيجية واضحة قد يؤدي إلى آثار سلبية على استقرار الدول المعنية.

واختتم حديثه بالتأكيد على أن الإرادة السياسية لدى العالم العربي غير كافية لاتخاذ قرارات جريئة، مما يقيد فاعلية ردود الفعل أمام التحديات الإقليمية والدولية.

أكد الباحث في العلاقات الدولية، أدهم أبو سلمية، أن أبرز جوانب الخطة العربية هو رفض تهجير سكان غزة، مما يجعلها بمثابة “فيتو عربي” ضد الرؤية الأمريكية المتمثلة في التهجير كحل للأزمة.

أشار أبو سلمية إلى أن الخطة تفتقر إلى آليات تنفيذ واضحة في حال تم الرفض الأمريكي والإسرائيلي، وهو ما حدث بالفعل بعد الإعلان عن المبادرة.

وأشار إلى أن نجاح الخطة مرتبط بتوافقها مع الإدارة الأمريكية، إذ لا يمكن تطبيقها دون غطاء سياسي دولي. وأوضح: “موافقة حركة حماس على الخطة قد تمهد لمناقشات المرحلة الثانية من صفقة وقف إطلاق النار، خصوصًا مع إصرار الاحتلال على استبعاد حماس من أي سلطة مستقبلية في غزة، بينما تقترح الخطة تشكيل لجنة إدارية من تكنوقراط ومستقلين تحت إشراف السلطة الفلسطينية أو الحكومة لمدة ستة أشهر.”

وشدد أبو سلمية على أن حماس تعي مسبقًا احتمال رفض الاحتلال للخطة، لكنها تسعى لاستغلال الفرصة للحد من مبررات العدوان، لذا قبلت المبادرة رغم تحفظات حول بند نشر القوات الدولية، إذ ترى أن الأهمية تكمن في كسب التأييد العربي والدولي.

وتساءل: “إذا رفض الاحتلال الخطة، فما هي خطوات الدول العربية؟ هل ستواجه هذه المبادرة مصير مبادرة السلام العربية التي أجهضت عام 2002، أم أن الأنظمة العربية تستطيع فرض خطواتها؟”

وذكر أن جدية الأنظمة العربية في التصدي للتهجير ستتضح من خلال قدرتها على الضغط عبر المجتمع الدولي، مشيرًا إلى أن إدراج حماس ضمن المرحلة الثانية قد يساعد في تقويض ذرائع الاحتلال.

وختامًا، قال: “إذا اقتنعت الولايات المتحدة بالخطة، فستكون هناك فرصة حقيقية لتطبيقها، بينما الرفض الإسرائيلي متوقع كجزء من ضغوطه على الدول العربية لدفعها لتقديم تنازلات أكبر.”

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى