تحقيقات الشاباك تكشف عن إخفاقات داخلية خطيرة قبل هجوم 7 أكتوبر

أفادت نتائج تحقيق داخلي لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، تم الكشف عنها يوم الثلاثاء، بوجود إخفاقات جسيمة قبل الهجوم المدبر من قبل حركة حماس في السابع من أكتوبر 2023. التحقيق أشار إلى أهمية تحديد مسؤوليات أمنية واضحة، بالإضافة إلى الكشف عن استراتيجيات دفاعية أثبتت عدم فعاليتها على مر السنين.
ووفقاً للتقرير، فإن هناك تقسيم غير واضح للمسؤوليات بين الشاباك والجيش الإسرائيلي، مما ساهم في عدم القدرة على مواجهة التهديدات المتزايدة من قِبل حماس. كما أشار التقرير إلى السياسة الدفاعية للحكومة بشأن غزة التي تم اعتبارها مبالغ فيها ولم تحقق الأهداف المرجوة.
تمت التحقيقات من خلال تقييم داخلي قامت به وحدات الشاباك بالتعاون مع فريق من خبراء الأمن السابقين، الذين قاموا بتقديم مجموعة من الاستنتاجات والتوصيات الهامة. على الرغم من أن بعض النتائج تبقى سرية لحماية أدوات وأساليب العمل الاستخباراتية، فإن البيانات المتاحة تكشف عن عوائق كبيرة في الأداء الأمني.
كما أشار التحقيق إلى فشل الشاباك في تقديم إنذار مبكر حول الهجوم الذي شنته حماس، حيث لم تتح للإنذارات والتحذيرات التي استقبلها ليلة السادس من أكتوبر الفرصة لاتخاذ إجراءات فاعلة.
في سياق ذلك، أكد التقرير على رسالة قوية مفادها ضرورة إعادة تقييم استراتيجيات الدفاع والتعاون الأمني مع الجيش لزيادة الفعالية في مواجهة التهديدات المستقبلية.
وأشار التحقيق إلى عدة أسباب تتعلق بالاحترافية والإدارة، والتي ساهمت في الفشل.
وبالإضافة إلى ذلك، وجد التحقيق أن جهاز الشاباك لم يقلل من شأن حماس، بل على العكس، حيث كان لدى الجهاز “فهم عميق للتهديد، وكان لديه مبادرات ورغبة في إحباط التهديد وخاصة استهداف قادة حماس”.
لماذا لم يحذر الشاباك من الهجوم؟
وقد تم تقديم عدة أسباب لعدم إصدار جهاز الأمن العام (الشاباك) أي تنبيه بشأن الهجوم واسع النطاق الذي شنته حماس، من بينها أن الشاباك كان يمتلك منذ عام 2018 معلومات حول خطة حماس لهجوم شامل على إسرائيل، عُرفت باسم “جدار أريحا”، لكن لم يتم اعتبارها تهديدًا محوريًا.
وأوضح التحقيق أن هذه الخطة، التي أُعيد تقييمها في 2022، لم تُدرج ضمن السيناريوهات المرجعية لدى الجهاز، ولم يتم التعامل معها كخطة فعلية لهجوم مستقبلي، ولم يتم تحويل الخطط إلى سيناريو يتدرب عليه الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك).
والسبب الثاني يتمثل في تقسيم غير واضح للمسؤولية بين الجيش وجهاز (الشاباك)، الذي كان يجب أن تقدم تحذيرًا للحرب، وسط تحول حماس من جماعة إلى قوة عسكرية كاملة.
وأشار التحقيق إلى أن تركيز جهاز الشاباك كان منصبا على إحباط الهجمات ، ولم تكن أساليبه قابلة للتطبيق على عدو يتصرف كجيش.
وجاء في التحقيق أنه خلال الليل بين السادس والسابع من أكتوبر/تشرين الأول، كانت هناك فجوات في “التعامل مع المعلومات ودمج الاستخبارات”، فضلاً عن العمليات التي لم تتبع البروتوكول المعتاد، وعدم وجود “اندماج” مع استخبارات الجيش .
كما كانت هناك فجوات في عمل آليات الرقابة على الاستخبارات، وكان التقييم هو أن حماس تحاول إثارة التوتر في الضفة الغربية، وليست مهتمة بفعل ذلك في قطاع غزة.
وذكر التقرير أنه كان لدى جهاز الأمن العام (الشاباك) “فهم خاطئ” لقوة السياج الحدودي الإسرائيلي مع غزة وقدرة الجيش الإسرائيلي على الرد، فيما لم يتم التشكيك في نوايا حماس المزعومة بشكل كافٍ خلال التقييمات.
صعوبة تجنيد عملاء في غزة
وبيّن التحقيق أن الشاباك فقد شبكة عملائه داخل غزة بعد عملية فاشلة في خان يونس عام 2018، حيث أدى الكشف عن هذه العملية إلى تصفية مصادر استخباراتية رئيسية للجهاز داخل القطاع. ورغم محاولات إعادة بناء الشبكة، أشار التقرير إلى أن الجهاز “واجه صعوبات كبيرة في تشغيل عملاء داخل غزة بشكل فعال”، نتيجة لحرية العمل المحدودة في قطاع غزة.
وقال الجهاز: إن العملية الاستخبارية الفاشلة التي تفذها الجيش في خان يونس عام 2018 جعلت من الصعب تجنيد مصادر استخباراتية بشرية في غزة.
وأكد التقرير أن التآكل المستمر لقدرة الردع الإسرائيلية، ومحاولة التعامل مع حماس بالاعتماد على الإجراءات الاستخبارية والدفاعية، مع تجنب المبادرات الهجومية، والثقل التراكمي للانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى، والموقف تجاه الأسرى الفلسطينيين، والمفهوم القائل بأن المجتمع الإسرائيلي أصبح ضعيفاً كانت من بين العوامل التي دفعت حماس إلى اتخاذ قرارها بتنفيذ الهجوم
وفي بيان مصاحب، قال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار إن الجهاز “لم يمنع هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول” و”بصفتي رئيسا للجهاز، سأتحمل هذا العبء الثقيل على كتفي لبقية حياتي”.
وأضاف: “كشف التحقيق أنه لو تصرف جهاز الشاباك بشكل مختلف، في السنوات التي سبقت الهجوم وخلال ليلة الهجوم – سواء على المستوى المهني أو الإداري – لكان من الممكن تجنب الهجوم. هذا ليس المعيار الذي توقعناه من أنفسنا، أو الذي توقعه الجمهور منا.
وقال “إن التحقيق يظهر أن الشاباك لم يقلل من شأن منافسنا، بل على العكس، فقد أخذ زمام المبادرة، وذهب إلى الهجوم وحاول قطع التهديد في مهده، ولكن على الرغم من كل هذا، فشلنا”.
وأضاف بار أن التحقيق الحقيقي في هذه الإخفاقات يتطلب تحقيقا أوسع نطاقا يتضمن أيضا الاتصال والتعاون بين العناصر الأمنية والسياسية.
وقال “إن الطريق إلى التعويض، يتطلب عملية واسعة النطاق من الوضوح والحقيقة، لذلك طلبت من لجنة التحقيق والقيادة العليا للجهاز التحقيق ومناقشة ليس فقط الأسباب التي أدت إلى فشل الجهاز، بل وأيضاً إلقاء نظرة واسعة على جميع عمليات العمل ذات الصلة في المنظمة، كجزء من الدروس المستفادة وكفرصة للتغيير الشامل. لكن الأمر يتطلب أيضاً الاستعداد للتغيير في الواجهة السياسية الأمنية، وإلا فإن الإخفاقات قد تعود في المستقبل”.
وكان قائد هيئة الأركان في “كتائب القسام”، الجناح المسلح لحركة “حماس” محمد ضيف، أعلن، في (7 تشرين أول/أكتوبر)، عام 2023، انطلاق عملية “طوفان الأقصى”، وذلك بعد إطلاق مئات الصواريخ من غزة باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، واقتحام المواقع العسكرية والمستوطنات المحاذية للقطاع ما أدى لمقتل وإصابة آلاف الجنود والمستوطنين وأسر العشرات.