فساد الهيئة العامة لقصور الثقافة: عزبة خاصة تتحدى القانون

أكد العديد من المهتمين بالشأن الثقافي والقانوني إلى تفاقم الفساد داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة، وأصبحت ساحة للتجاوزات القانونية، حيث تحولت إلى عزبة خاصة لبعض المسؤولين الذين يرفضون التخلي عن مناصبهم رغم انتهاء مدة شغلهم القانونية لهذه المناصب، هذه التجاوزات تشكل تهديداً واضحاً للعدالة وتنذر بضرورة التدخل السريع.
مما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الثقافية والشعبية .. واستند هؤلاء إلى قوانين الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس الوزراء رقم 1216 لسنة 2017، التي توضح بوضوح متى وكيف يتم شغل الوظائف القيادية ومتى تنتهي مدة شاغليها.
أشار المستشار القانوني طارق محمود إلى أن “قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 ينص في المادة 19 بوضوح على أن مدة شغل الوظائف القيادية يجب ألا تزيد على ست سنوات، وبعد انتهاء هذه المدة يجب على شاغل الوظيفة إخلاء مكانه فوراً، وهو ما لا يحدث حالياً في الهيئة العامة لقصور الثقافة”.
وأضاف محمود أن استمرار هؤلاء المسؤولين في مناصبهم يعد تحدياً صريحاً للقانون وانتهاكاً صارخاً للمعايير القانونية المتبعة.
أوضحت المحامية أمل عطية، المتخصصة في القضايا الإدارية، أن “الهيئة أصبحت تستغل مناصبها لتحقيق مصالح شخصية، حيث يستمر العديد من المسؤولين في مناصبهم رغم انتهاء مددهم القانونية”.
وأضافت: “الفساد في هذا الصدد ليس فقط تجاهلاً للقانون، بل هو أيضاً استغلال واضح لموارد الدولة، مما يتطلب تدخل الجهات الرقابية بشكل حازم وفوري”.
وأشار الدكتور هشام جابر، الباحث في الشأن الثقافي، إلى أن “الهيئة العامة لقصور الثقافة كانت تهدف إلى نشر الثقافة والفن، لكنها الآن تحولت إلى عزبة خاصة لبعض المسؤولين الذين يرفضون التخلي عن مناصبهم بالرغم من انتهاء مدتهم القانونية”.
وأضاف أن “استمرار رحاب محمد توفيق في منصبها على الرغم من انتهاء مدتها في فبراير الماضي يعد نموذجاً واضحاً لهذا الفساد، وهو أمر يتكرر في العديد من الإدارات بالهيئة”.
وأكد الحقوقي أحمد جمال، وهو أحد المهتمين بالشأن الثقافي، أن “الجماهير قد سئمت من هذه التجاوزات. الشعب يريد التغيير وإحقاق الحق، لكن ما نراه هو تجاهل صريح للقوانين”. وأضاف: “من المخجل أن نشهد مؤسسة ثقافية تُدار بهذا الشكل، دون مراعاة للقوانين أو للمصلحة العامة”.
أشار الناشط الثقافي محمد الحويطي إلى أن “الفساد داخل الهيئة بات مكشوفاً للجميع، ولا يمكن السكوت عنه بعد الآن”.
وأضاف: “لاميس جمال الشرنوبي، على سبيل المثال، ما زالت تحتل منصبها في الإدارة المركزية لإقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي رغم انتهاء مدتها القانونية في أكتوبر الماضي. هذا تحدٍ واضح للقانون ويشير إلى ضعف الرقابة الحكومية”.
وأكدت الدكتورة نادية حسني، خبيرة في مجال الإدارة العامة، أن “الفساد داخل الهيئة يتجاوز حدود المناصب، حيث يتم استخدام الميزانية المخصصة للتدريب في دورات وبرامج لم تأت بأي ثمار إيجابية”.
وأضافت: “العجز في قيادات الصف الثاني في الهيئة يظهر بوضوح أن الإدارة لم تهتم بإعداد كوادر جديدة لتولي المسؤولية، مما يجعل استمرار هؤلاء المسؤولين في مناصبهم نتيجة لفشل الهيكلة الداخلية”.
أوضح الدكتور ياسر عبد الله، أستاذ القانون الإداري، أن “الهيئة تخرق النصوص الواضحة في القانون، خاصة فيما يتعلق باستمرار شاغلي المناصب بعد انتهاء مددهم القانونية.
وفقاً للمادة 19 من قانون الخدمة المدنية، فإن المدة القانونية لأي وظيفة قيادية هي ست سنوات كحد أقصى، وبعد ذلك يجب إعادة النظر في شاغل المنصب”.
وأضاف عبد الله أن “هذه المخالفات قد تجر الهيئة إلى مشكلات قانونية كبيرة، إذا ما تم رفع دعاوى قضائية ضدها”.
أكد المحاسب خالد نصر، الموظف السابق في الهيئة العامة لقصور الثقافة، أن “الهيئة أصبحت تدار وكأنها عزبة خاصة، حيث يتم تجاهل كل القوانين التي من المفترض أن تحكم عملها.
الأوضاع داخل الهيئة كارثية، خاصة مع استمرار المسؤولين الذين انتهت مدتهم القانونية في مناصبهم دون حسيب أو رقيب”.
أشار الخبير الإداري الدكتور سامي فريد إلى أن “الفساد في الهيئة يعود بشكل كبير إلى ضعف الرقابة وتهاون الجهات المسؤولة في تطبيق القانون”.
وأضاف: “لا يمكن أن نلوم فقط من يشغلون المناصب دون وجه حق، بل يجب أيضاً مساءلة المسؤولين الذين يسمحون باستمرار هذا الوضع المخالف للقانون”.
أوضحت الباحثة في الشؤون الثقافية مريم صبري أن “التجاهل الواضح لتطبيق القوانين في الهيئة العامة لقصور الثقافة يشير إلى مشكلة هيكلية أعمق.
الهيئة لا تعمل على تطوير الكوادر الجديدة، مما يضطرها للاعتماد على القيادات القديمة التي تستمر في مناصبها رغم انتهاء مددها القانونية”.
أكد المحامي عمر زكي، المتابع لقضايا الفساد في القطاع الثقافي، أن “هذا الوضع لا يقتصر فقط على الهيئة العامة لقصور الثقافة، بل يمتد إلى العديد من الجهات الحكومية الأخرى.
ومع ذلك، فإن الهيئة تعد من بين أكثر المؤسسات التي يظهر فيها هذا النوع من الفساد بشكل واضح، بسبب طبيعتها العامة والميزانية التي تستهلكها”.
وأشار الكاتب محمد البدري إلى أن “الفساد في الهيئة لا يقتصر فقط على المناصب القيادية، بل يمتد إلى جميع مستويات الإدارة، حيث يتم تعيين المسؤولين بناءً على مصالح شخصية وعلاقات غير قانونية”.
وأضاف: “يجب أن يكون هناك تحقيق جاد وشامل لإصلاح هذا الوضع، وإعادة الثقة إلى الجمهور في المؤسسات الثقافية”.
في ظل هذه التجاوزات القانونية والإدارية داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة، يبقى السؤال: متى ستتحرك الجهات الرقابية لإنهاء هذا الفساد الذي يستنزف موارد الدولة ويهدد مستقبل الثقافة في مصر؟