
يعيش المغتربون في شهر رمضان حالة من المشاعر المتضاربة بين بقاء المضطر طلبا لأكل العيش أو خوفا من الملاحقات الأمنية وبين الحنين إلى الوطن الذي يشتد ويزيد في رمضان عما سواه من باقي أشهر السنة.
فلهذا الشهر الفضيل خصوصية لدى المسلمين كونه يأتي ومعه الخير والبركة واجتماع الأهل والأحباب، وكم يشق على المغترب الحرمان من تلك الأجواء إما طوعا أو كرها، فيعيش غربتين، غربة طقوس رمضان وغربة الأوطان.
ويعاني المغترب بشكل مباشر أو غير مباشر من الحنين إلى الوطن الأمّ وإلى مسائل عديدة تربطه بوطنه ولربّما يصبح هذا الرابط أقوى في فترة الأعياد وخلال شهر رمضان. فكيف يوفّق المغترب العربي ما بين تقاليد بلده وعادات بلد الاغتراب؟
يجد البعض في رمضان فرصة لاستعادة ذكريات خاصة سواء دينية، عائلية وحتى اجتماعيّة تكاد تكون إلى حدّ ما قد أُهمِلت في وقت ما نتيجة للظروف التي تفرضها الغربة وظروف الدراسة أو العمل وغيرها من انشغالات الحياة اليومية في بلاد الاغتراب والتي لا يعرفها سوى المغترب نفسه.
السر في الصحبة الصالحة
يقول حسين أبو ليلة المغترب في مدينة أمستردام الهولندية إن الغربة معلم جيد رغم قسوتها لكنها تربي الإنسان، وأضاف في تصريحات خاصة لموقع أخبار الغد أن الغربة في رمضان بدون صحبة صالحة تعوض عن الأهل فهى مثل السجن الانفرادي لعجز الإنسان عن مشاركته تلك اللحظات الروحية مع من يحب.
وحول الحالة الروحية يقول حسين لأخبار الغد إنها ليست متطابقة مع روحانيات مصر، تبقى مصر لها نكهة خاصة في رمضان، الصلاة تختلف والأجواء العامة باهتة، كما قلت لك، إن لم تجد الصحبة التى تملأ هذا الفراغ الروحى ستشعر بمعنى الاغتراب الحقيقي في ظل افتقاد الأسرة والمحبين من حولك.
أما جلال فوزى المقيم في إسطنبول فيقول إن أطياف شهر رمضان لا تفارقه، صورة الأهل والناس والبيت الذي تشيع فيه أجواء الشهر الفضيل، ويضيف لموقع أخبار الغد أفتقد أذان المغرب، قوائم الزكاة التي كنت أعدها مع الصحبة للفقراء من أقربائنا وجيراننا، افتقد الروحانية التي تشمل الحياة في كل مكان، حتى السحور أفتقده ولمة العائلة في منزلنا، أشعر بشوق وحنين لرمضان وأجوائه في مصر. إن رمضان في الغربة هادئ لا صوت ولا حركة له، كالوردة الصناعية شكلها جميل لكنها بلا طعم ولا رائحة.
بدوره يقول الكاتب اللبناني على حسون المقيم في مدينة إسطنبول إن أوّل ما يلاحظه الصّائم في بلاد الغربة هو غياب مظاهر الاستعداد الذي تؤثث عادةً شوارع الدّول المسلمة فرحاً باستقبال الشهر الفضيل.
ويضيف لموقع أخبار الغد إن رمضان في دول المهجر كغيره من الشهور، يتبع نفس الإيقاع المتسارع الذي يزف بالفرد في دوّامة من الانشغال، لا يتبقّى معها حيّز كبير للعبادة والتقرب من الله، في شهرٍ اعتاد فيه المسلم على الإكثار من الصلاة والدعاء، طمعاً في ثواب شهر كرّمه الله بليلةٍ هي خير من ألف شهر.
كسر الشعور بالغربة
وتوصى بعض الإرشادات النفسية المغترب أن يحاول كسر عزلة الوحدة في رمضان عبر عدة أمور منها:
أن يحاول تبادل الود ما بينه وغيره خاصة مع الأشخاص من نفس لغته الأم.
- التواصل الدائم مع أسرته عبر وسائل التواصل والاتصالات.
- يمكن أن يخصص جزءًا من مدخراته لإرسالها للمحتاجين للطعام كتعويض نفسى.
- الالتحام بأسر مصرية وإيجاد مفهوم العائلة من زملاء العمل والأصدقاء.
- يكون النموذج الذى يعوض به غربة الآخرين أيضًا.
- المبادرة بعزومة للآخرين للحصول على فكرة لمة رمضان.
- زيارة المساجد للشعور بالمساحات الرمضانية.
- الاحتفال كأنه فى بلده من خلال شراء الزينة والفوانيس.
- يشغل الشخص وقته حتى لا يفكر كثيرًا فى الوحدة.
- عدم الانعزال عن من حوله بل محاولة الاندماج وتأهيل المحيط الصغير من حوله.