
مع قدوم شهر رمضان هذا العام في مصر تراجعت موائد الرحمن بشكل لافت عكس ما كانت عليه من قبل، وذلك بفعل غلاء المعيشة الذي بات يهدد الموائد الرمضانية كبيرها وصغيرها التي عهدها المصريون منذ القِدم غنية سخية ومتنوعة، إضافة إلى عنصر التكافل الاجتماعي الذي كانت توفره تلك الموائد للفقراء والمساكين والبهجة التى كانت تدخلها على قلوبهم.
غلاء ومضايقات أمنية
ويعزو تراجع عدد موائد الرحمن، التي تعرفها مصر منذ مئات السنين، إلى حالة الغلاء التي شهدتها مستلزمات الموائد من مواد غذائية.
كما يشير إلى ضوابط حكومية، بينها ضرورة الحصول موافقات أمنية وتراخيص، اعتبرها البعض غير مقبولة، لكون تلك الموائد عملا خيريا غير مربح، لذا كان الأولى دعمها، وليس تعقيد إقامتها، على حد قول البعض.
ففي عام 2017، فرضت الحكومة اشتراطات لإقامة “موائد الرحمن”، بينها الحصول على موافقات أمنية وترخيص من الحي، وعدم إقامتها في شوارع رئيسية ولا ميادين، وتوافر وسائل الأمان والحماية المدنية بها لمنع الحرائق، وخضوع الموائد لإشراف الطب البيطري والصحة، لمتابعة الاشتراطات الصحية والأطعمة المقدمة.
تاريخ قديم
فى عام 880 م أقام أحمد بن طولون أول مائدة رحمن فى مصر فى السنة الرابعة لولايته، وأخبر الجميع بأن تلك المائدة سوف تستمر طوال أيام شهر رمضان الكريم، حين دعا كل الأعيان والتجار بالدولة على مائدة كبيرة تملؤها الخيرات، وخطب فيهم ليحثهم على نشر البر بين الناس، ومن ذلك اليوم اعتاد المصريون على إقامة موائد الرحمن فى شهر رمضان الكريم.
عادة صعب التخلص منها
يقول أحمد عبد الجواد، تاجر من أبناء مدينة المنصورة، إن إقامة موائد الرحمن صدقة وعادة يصعب التخلص منها بسبب اعتماد عدد كبير من الأسر عليها خلال شهر رمضان، وقررنا التشارك فى الموائد للاستمرار فى إقامتها حتى ولو بأعداد أقل.
ويضيف في حديثه لوسائل إعلام مصرية اعتدت أنا وعدد من التجار على إقامة 3 موائد رحمن بمنطقة العباسى والطميهى والشيخ حسانين، وكنا نستقبل فيها الأسر الفقيرة التى لا تملك وجبة إفطار ساخنة، وكذلك عابرى السبيل والمواطنين الذين يتواجدون فى الشارع حتى موعد الإفطار. بسبب ارتفاع الأسعار، ولرغبتنا فى تقديم مائدة متكاملة وبها وجبات جيدة، قررنا التشارك وعمل مائدة واحدة كبيرة، واتفقنا على تأجير طباخ يومى لعمل وجبات الإفطار الساخنة ووضعها على المائدة لحظة آذان المغرب، بخلاف توصيل بعض الوجبات للمنازل للأسر الأولى بالرعاية بمنطقتنا. وتابع: العادة تغلب الحالة الاقتصادية، وإن شاء الله نقدر نكفى كل المحتاجين، وربنا يهون على الكل الظروف الصعبة.