احتدام الجدل حول مسلسل “معاوية” بسبب تجسيد الصحابة

اشتعل الجدل حول مسلسل “معاوية” الذي بدء عرضه ضمن مسلسلات شهر رمضان، والذي يجسد شخصية الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان.
واجه المسلسل اعتراضات من مؤسسات دينية، حيث تم رفض ظهور كبار الصحابة في العمل، مثل عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، باعتبار أن ذلك يمثل انتهاكًا للقيم الدينية والتقاليد المتبعة.
أعربت شخصيات دينية بارزة عن رفضها القاطع لتجسيد الصحابة في الأعمال الدرامية. أكد عبد الفتاح عبد الغني العواري، عضو هيئة كبار العلماء، أن تجسيد شخصية معاوية بن أبي سفيان، الذي كان من كتاب الوحي، أمر مرفوض دينيًا، موضحًا أن تصوير الصحابة في أي عمل فني لا يجوز بأي حال من الأحوال.
أصدر الأزهر الشريف في عام 1926 فتوى تحظر بشكل واضح تجسيد الأنبياء والصحابة على الشاشات. كرر الأزهر موقفه الرافض لهذا النوع من التجسيد في عام 2010 خلال عرض مسلسل “عمر”،
موضحًا أن المشاهدين قد يقعون في فخ المقارنة بين الممثلين والشخصيات التاريخية، ما قد يؤدي إلى نتائج سلبية تؤثر على صورة الصحابة لدى الجمهور.
أوضح المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الـ20 التي انعقدت في مكة المكرمة عام 2010، أن إنتاج وترويج ومشاهدة الأعمال التي تجسد الصحابة محرم شرعًا.
أكد المجمع أن هذه الأعمال يمكن أن تفتح الباب للاستخفاف بمكانة الصحابة وتقليل من شأنهم، مما قد يؤدي إلى السخرية منهم والاستهزاء بهم.
تبنت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية موقفًا مماثلاً، حيث حَرّمت تجسيد الصحابة في الأعمال الدرامية.
وقبل أن تبدأ “هيئة الترفيه” السعودية في توجيه تغييرات في هذا السياق، كان علماء المملكة قد أبدوا اعتراضهم الشديد على مثل هذه الأعمال الفنية، مؤكدين أن ذلك يسيء إلى صورة الصحابة في عيون المسلمين.
من جانب آخر، أصدرت دار الإفتاء المصرية رأيًا مختلفًا، حيث أقرت بعدم وجود مانع شرعي من تجسيد الصحابة إذا كان الهدف من ذلك نبيلاً ويخدم الرسالة الأخلاقية.
لكن الدار وضعت استثناءات، حيث منعت تمثيل بعض الشخصيات الهامة مثل العشرة المبشرون بالجنة، وأمهات المؤمنين، وبنات النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وآل البيت الكرام.
تأجل عرض المسلسل لعدة سنوات قبل تحديد موعد عرضه الحالي، إذ تكلف إنتاجه 100 مليون دولار وصُورت غالبية مشاهده في استوديوهات “كارتاغو فيلم” بتونس.
اختار الكاتب معالجة حقبة “الفتنة الكبرى” التي بدأت بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان على يد الخوارج، وركزت القصة على الخلاف التاريخي بين والي دمشق معاوية بن أبي سفيان وخليفة المسلمين الرابع علي بن أبي طالب.
انتشرت هذه القضية على نطاق واسع وأثارت اهتمامًا كبيرًا لدى الجمهور، وذلك قبل حتى أن يبدأ عرض المسلسل، مما يفتح الباب لمزيد من النقاش حول تجسيد الشخصيات الإسلامية التاريخية في الأعمال الدرامية وكيفية تأثير ذلك على صورة هذه الشخصيات في الأذهان.