أحداث تاريخية كبرى في يوم 2 رمضان غيرت مجرى التاريخ الإسلامي بشكل جذري

شهد اليوم الثاني من شهر رمضان المبارك على مر التاريخ الإسلامي أحداثًا كبيرة غيرت مجرى الحياة في العالم الإسلامي.
يستعرض موقع “أخبار الغد” هذه الأحداث حيث تنوعت ما بين معارك، فتوحات، وإنشاء مدن ووقائع سياسية هامة، وهي جميعها جزء من تاريخ طويل من الجهاد الإسلامي والتوسع السياسي والحضاري.
خروج الرسول صلى الله عليه وسلم لفتح مكة
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الثاني من رمضان في واحدة من أهم العمليات العسكرية في تاريخ الإسلام، قاصدًا فتح مكة، وكان معه جمع من أصحابه الكرام. قرر الرسول العودة إلى مكة بعد نقض قريش لصلح الحديبية، فاستعد بجيش قوامه عشرة آلاف مقاتل.
فتح مكة يعد أحد أعظم الأحداث في تاريخ الإسلام، إذ تم فيه استعادة المدينة المقدسة سلمياً دون إراقة دماء. دخل الرسول مكة بتواضع وسماحة عفواً عن أهلها الذين قاوموه لعقود، وبهذا الفتح انتهى عهد كبير من العداء بين قريش والمسلمين، حيث أزيلت الأصنام وتم توحيد القبائل تحت راية الإسلام.
الشروع في بناء مدينة القيروان
وفي اليوم الثاني من رمضانعام 51 هجرياً، شرع القائد الإسلامي عقبة بن نافع في بناء مدينة القيروان لتكون قاعدة هامة لنشر الإسلام في شمال أفريقيا، ولتصبح مركزًا للعلم والفقه، وقام بإرساء قواعد المدينة الجديدة، لتكون منطلقاً للجيوش الإسلامية وملاذاً للعلم والعلماء.
القيروان كانت أول مدينة إسلامية تبنى في بلاد المغرب، وأصبحت عبر العصور مركزًا دينيًا وثقافيًا مرموقًا، حيث خرج منها العديد من العلماء والفقهاء الذين أثروا الفكر الإسلامي.
وقد كان الجامع الذي بناه عقبة بن نافع أحد أهم معالم المدينة، ومنارات التعليم الديني في العالم الإسلامي، وظلت القيروان من أبرز المراكز الحضارية طوال تاريخ الدولة الإسلامية.
معركة بلاط الشهداء
وفي اليوم الثاني من رمضان عام 114 ه، خاض المسلمون بقيادة عبد الرحمن الغافقي معركة بلاط الشهداء في فرنسا ضد الفرنجة بقيادة شارل مارتل.
استمرت المعركة استمرت عشرة أيام ولم تنتهِ بانتصار حاسم لأي من الطرفين، وهي واحدة من أكبر المعارك في التاريخ الإسلامي التي حدثت خارج أراضي المسلمين.
كانت المعركة في منطقة بين مدينتي تور وبواتييه في فرنسا، وقد سميت ببلاط الشهداء لكثرة القتلى من المسلمين فيها.
رغم أن المعركة لم تنتهِ بانتصار حاسم لأي من الطرفين، فإنها شكلت حاجزًا أمام توسع الإسلام نحو أوروبا الغربية.
انسحب المسلمون منها بسبب عوامل عدة منها طول الإمدادات وصعوبة الحفاظ على الأراضي الجديدة. وبرغم ذلك، مثلت المعركة تحديًا حضاريًا وعسكريًا بين المسلمين والفرنجة.
إخلاء مدينة عسقلان على يد صلاح الدين الأيوبي
وفي مثل هذا اليوم من شهر رمضان، قرر السلطان صلاح الدين الأيوبي إخلاء مدينة عسقلان من سكانها العرب وتدمير أسوارها، خشية أن يستولي عليها الصليبيون ويستخدموها كنقطة انطلاق لأسر بيت المقدس.
كانت عسقلان مدينة مهمة استراتيجياً، إلا أن صلاح الدين فضل تدميرها حتى لا تتحول إلى نقطة ضعف في صفوف المسلمين.
قبل البدء في تدمير المدينة، أعرب صلاح الدين عن أسفه قائلاً إن تدمير المدينة أهون عليه من موت أبنائه جميعًا، نظرًا لأهميتها البالغة في الدفاع عن القدس.
فتح المغرب الأوسط وانتصار المسلمين على الكاهنة
وفي اليوم الثاني من رمضان في عام 82 ه، انتصر المسلمون بقيادة القائد حسان بن النعمان على جيش الكاهنة، زعيمة قبائل البربر.
هذا الانتصار كان حاسمًا في فتح بلاد المغرب الأوسط، حيث تمكنت القوات الإسلامية من القضاء على تحالف البربر والمضي قدمًا في عملية الفتح.
الكاهنة كانت تعد واحدة من أشد أعداء المسلمين في تلك الفترة، وقد واجهتهم طيلة سنوات، إلا أن هذه المعركة وضعت حدًا لنفوذها وقضت على مقاومتها للمسلمين.
بعد هذا الانتصار، واصل المسلمون تقدمهم في شمال إفريقيا، وأسلمت قبائل البربر وانضمت إلى الدولة الإسلامية، مما ساهم في توسيع رقعة الدولة الإسلامية في تلك الفترة.
سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية
وفي اليوم الثاني من رمضان، حدثت واحدة من أكبر التحولات السياسية في تاريخ العالم الإسلامي بسقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية في عام 132ه. تمكن عبد الله أبو العباس السفاح من السيطرة على دمشق بعد سنوات من الصراع الدموي مع الأمويين، مما أدى إلى سقوط الدولة الأموية بعد 90 عامًا من الحكم وقيام الدولة العباسية.
برغم أن الدولة الأموية كانت قد حققت إنجازات عظيمة في توسيع رقعة الإسلام، إلا أنها سقطت في النهاية أمام الثورة العباسية، التي قدمت نفسها على أنها تمثل الفقه والعدالة الإسلامية بشكل أفضل.
سقوط الأمويين وقيام العباسيين فتح صفحة جديدة في تاريخ الدولة الإسلامية، حيث نقل العباسيون العاصمة إلى بغداد وجعلوها مركزًا حضاريًا وسياسيًا واقتصاديًا هائلًا.
معركة شقحب بين المسلمين والمغول
وفي اليوم الثاني من رمضان عام 702 ه، شهدت جنوب دمشق معركة شقحب بين المسلمين بقيادة السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وجيوش مغول فارس بقيادة قتلغ شاه نويان.
كانت هذه المعركة حاسمة في القضاء على طموحات الإلخان محمود غازان الذي كان يسعى للسيطرة على الشام والتوسع في العالم الإسلامي.
بعد انتصار المسلمين في هذه المعركة، تراجعت قوة المغول في المنطقة، وعادت الشام تحت سيطرة المسلمين. هذه المعركة تعتبر إحدى أهم المواجهات العسكرية التي ساهمت في حفظ الدولة الإسلامية من توسعات المغول.
استيلاء المصريين على جزيرة كريت
في اليوم الثاني من رمضان في عام 1239ه، تمكن المسلمون من الاستيلاء على جزيرة كريت بقيادة المصريين. كانت هذه الجزيرة ذات أهمية استراتيجية كبرى في البحر المتوسط، حيث كانت تُستخدم كقاعدة بحرية وموقعًا للتحكم في التجارة والحروب البحرية.
استمر الحكم الإسلامي في كريت لعدة عقود، وخلال هذه الفترة ازدهرت الجزيرة من الناحية الاقتصادية والثقافية. وكانت جزيرة كريت قد عرفت قديمًا باسم “إقريطش”، وهي تعد حاليًا جزءًا من اليونان.
تمكن المسلمون من توسيع نفوذهم في البحر المتوسط عبر سيطرتهم على هذه الجزيرة، مما ساهم في تعزيز قوتهم العسكرية والاقتصادية.
توقيع معاهدة الدفاع المشترك بين الدول العربية
في اليوم الثاني من رمضان عام 1369 ه، وقعت الدول العربية معاهدة الدفاع المشترك، التي هدفت إلى تعزيز التعاون العسكري والسياسي بين الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية.
تضمنت المعاهدة بنودًا تتعلق بفض النزاعات بين الدول الأعضاء بالطرق السلمية، إضافة إلى مواجهة أي عدوان خارجي مشترك.
وبرغم أنها لم تطبق بشكل فعال في العديد من المناسبات، إلا أنها كانت خطوة نحو تعزيز الوحدة العربية في مواجهة التحديات المشتركة.
ولم يقتصر التاريخ الإسلامي على الفتوحات والمعارك فقط، ففي هذا اليوم من عام 1435 هجريًا، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام قيام الخلافة الإسلامية وتعيين أبو بكر البغدادي خليفة لها. هذا الإعلان أثار ردود فعل واسعة في العالمين العربي والغربي وأعاد مفهوم الخلافة إلى الأذهان.
وفي ختام هذا اليوم التاريخي، نذكر ما جرى في إسطنبول من تفجير حافلة للشرطة التركية في اليوم الثاني من رمضان عام 1437 هجريًا، ما أسفر عن مقتل 11 شخصًا وإصابة 36 آخرين، وهو حادث هز العاصمة التركية وأعاد إلى الأذهان الصراع المستمر مع التنظيمات الإرهابية.
يجب أن نتذكر أن اليوم الثاني من رمضان شهد ميلاد العديد من الشخصيات البارزة في التاريخ الإسلامي مثل أحمد الهيبة (1294 هـ)، المجاهد المغربي الذي قاد مقاومة شرسة ضد الاستعمار الفرنسي،
كما شهد ميلاد العديد من الشخصيات الأخرى التي أثرت في المجالات الثقافية والفنية مثل يوسف عوف (1348 هـ) كاتب مصري، كان له أثر كبير في كتابة الأدب الساخر والنقد الاجتماعي في مصر وسوسن بدر (1376 هـ) ممثلة مصرية معروفة، قدمت العديد من الأدوار المهمة في الدراما المصرية وأندريه كاراطائف (1380 هـ) عالم اجتماع واقتصاد ومؤرخ روسي. له إسهامات كبيرة في مجال دراسة تطور المجتمعات.
كما شهد وفاة العديد من الشخصيات مثل أبو الحسن السري السقطي البغدادي (251 هـ) عالم مسلم ومن أعلام التصوف السني في القرن الثالث الهجري والشيخ المفيد (413 هـ) عالم ومحدث شيعي إمامي. له العديد من المؤلفات في الفقه والحديث وإياد فتيح خليفة الراوي (1439 هـ) قائد الحرس الجمهوري العراقي وجيش القدس في عهد الرئيس العراقي صدام حسين.
تلك الأحداث التي وقعت في اليوم الثاني من رمضان تعكس القوة والتحديات التي مر بها العالم الإسلامي في تاريخه الطويل. شهد هذا اليوم الكثير من الانتصارات والقرارات المصيرية التي أثرت على مسار التاريخ الإسلامي.