
يأتي شهر رمضان كل عام مذكرا المصريين بأحداث تاريخية شهدها الشهر الفضيل ومعالم أثرية بُنيت فيه على يد رموز إسلامية وتاريخية، ومن أبرز المعالم التاريخية والإسلامية التى شُيّدت في رمضان مسجد عمرو بن العاص في يوم 24 من شهر رمضان عام 21 هجرية الموافق 642 ميلادية، في مدينة الفسطاط بحي مصر القديمة، وهى المدينة التي أسسها المسلمون في مصر بعد فتحها.
وللمسجد مكانة خاصة في قلوب المصريين خاصة في شهر رمضان، بسبب الأجواء الروحية التى يتميز به المسجد وتصميمه المعماري الأخاذ ومساحته الواسعة، لذلك ارتبط به المصريون ارتباطا وثيقا في شهر رمضان، نظرا لأن الصحابة هم من قاموا ببنائه، كما أشرف على تحديد القبلة فيه أكثر من 40 صحابيا من صحابة رسول الله، وللمسجد طبيعة شعبوية ويقصده عامة الناس، حيث كانت بداياته بسيطة ولم تكن طبيعته سلطوية.

يعد مسجد عمرو بن العاص أقدم وأول جامع في مصر وأفريقيا، ولُقب “بتاج الجوامع” ويعرف أيضًا “بالجامع العتيق” وقد أنشأه الصحابي الجليل عمرو بن العاص بعد أن قام بفتح مصر سنة 20هـ/ 640م بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب، وأسس مدينة الفسطاط عاصمة البلاد فى ذلك الوقت وكانت تقع داخل حدود مدينة القاهرة الحديثة حيث كان أول ما بنى داخل العاصمة وفقا لوزارة السياحة والآثار.
وقد استخدم الجامع فى بداية الأمر كمقر لاجتماع المسلمين وقوات عمرو بن العاص، وكانوا أقلية فى ذلك الوقت، وقد شارك عدد من صحابة رسول الله فى بناء هذا المسجد كالزبير بن العوام وعبادة بن الصامت.
تعرّض المسجد للعديد من عمليات التدمير وجرى عليه العديد من التغيرات المعمارية، فكانت مساحته وقت إنشائه صغيرة جدًا، وتسوده البساطة، إذ بني على قوائم من جذوع النخل، وكان مغطى بالجريد، ثم زادت المساحة الكلية للمسجد تدريجيًا حتى وصل إلى شكله الحالي، وعلى الرغم من أن البناء الحالى يرجع إلى القرن العشرين إلا أنه مازال محتفظا بطابع العمارة الإسلامية المبكرة.

ولمسجد عمرو بن العاص دور كبير في نشر العلوم طيلة قرون، فقد ألقى فيه الإمام الشافعي دروسه، والليث بن سعد، وأبو طاهر السلفي، وخطب فيه العز بن عبدالسلام.
ويملأ عبق التاريخ هذا المسجد العريق الذي كان يعرف أيضًا بمسجد الفتح، والمسجد العتيق، وتاج الجوامع، حيث كان مركزًا للحكم ونواة للدعوة للدين الإسلامي في قلب مدينة القاهرة التاريخية التي تعد واحدة من أهم المدن التراثية وأكبرها في العالم، بما تحويه من مساجد جامعة تروي تاريخا حافلا بالمجد والعزة منذ دخول الإسلام أرض مصر في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) على يد الصحابي عمرو بن العاص عام 20 هـ / 641 م، والذي أنشأ هذا الجامع في قلب مدينة الفسطاط عاصمة مصر الإسلامية الأولى.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور محمد الكحلاوي أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار في جامعة القاهرة ورئيس اتحاد الأثريين العرب، إن المساجد الجامعة أو مساجد الأمصار مثل جامع عمرو بن العاص لها قدسيتها عند جميع المسلمين في بلدانهم لأنها من تأسيس الصحابة أو التابعين. بحسب وكالة الأنباء القطرية
وأضاف أن هذه المساجد كانت تعرف بالمساجد “العمرية” نسبة إلى عمر بن الخطاب صاحب الفتح أو مساجد أهل الراية من صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم.
ويذكر الكاتب أحمد المنزلاوى في كتاب “شهر رمضان في الجاهلية والإسلام” أنه في العصر الفاطمي كان الخليفة يحرص على أداء صلاة الجمعة الأخيرة في مسجد عمرو بن العاص وإلقاء الخطبة، وكان الخليفة يأتي في موكب مهيب يرتدي ملابس بيضاء اللون، ويُفرش المسجد بفرش خاص من الحرير، وتعلق على المحراب ستارتان من الحرير الأحمر.