تقاريرفتوى ودين

إلغاء شعيرة عيد الأضحى في المغرب نتيجة التحديات الاقتصادية والمناخية

أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب، اليوم، عدم إقامة شعيرة عيد الأضحى لهذا العام بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة والتحديات المناخية.

جاء القرار استجابة لتوجيهات الملك محمد السادس، الذي أكد حرصه على تيسير أمور الدين بما يتناسب مع الأوضاع الحالية.

أوضح الملك في رسالة موجهة للشعب أن عيد الأضحى يمثل سنة مؤكدة، لكنه شدد على أن القيام بها في ظل الظروف الراهنة سيؤدي إلى معاناة كبيرة للفئات محدودة الدخل، نظراً لارتفاع أسعار الماشية بسبب الجفاف.

ذكر الملك أن التحديات المناخية، وخاصة الجفاف الذي أدى إلى تراجع كبير في أعداد الماشية، أثرت على قدرة الكثيرين على شراء الأضاحي.

دعا الملك إلى الحفاظ على الطقوس الروحانية المرتبطة بعيد الأضحى، مثل صلاة العيد والصدقات وصلة الرحم، دون الالتزام بشعيرة الذبح هذه السنة.

شدد الملك على أهمية استحضار مفهوم التيسير في الدين، مقتبسًا من القرآن الكريم قوله تعالى: “وما جعل عليكم في الدين من حرج”، مؤكداً أن الدولة ستقوم بذبح الأضاحي نيابة عن الشعب، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: “هذا عني وعن أمتي”.

استشهد الملك بتجارب سابقة للمملكة المغربية حينما تم إلغاء شعيرة الذبح في سنوات ماضية نتيجة ظروف مشابهة، مثلما حدث في عهد الملك الراحل الحسن الثاني خلال فترات الأزمات الاقتصادية والحروب.

بين الملك أن قرار إلغاء شعيرة الذبح قد تم اتخاذه ثلاث مرات في السابق، وتحديدًا في سنوات 1963 و1981 و1996، استجابة لأوضاع اقتصادية ومناخية صعبة.

بيّن وزير الفلاحة المغربي أحمد البواري أن التحديات التي يواجهها القطاع الزراعي تتفاقم بسبب استمرار الجفاف لست سنوات متتالية.

أوضح أن هذا الوضع أدى إلى تراجع أعداد الأغنام والأبقار بنسبة 38% مقارنة بالإحصاءات السابقة، وأثر سلبًا على الاقتصاد الزراعي وأفرغ خزانات السدود في المغرب.

قامت الحكومة بتسريع خططها لتحلية المياه، كما رفعت الضرائب على اللحوم الحمراء والأغنام في ميزانية 2025 بهدف استقرار الأسعار المحلية. قامت الحكومة أيضًا باستيراد الآلاف من رؤوس الماشية من الخارج لتغطية العجز في السوق المحلية.

تفاعل المواطنون مع قرار إلغاء شعيرة الذبح بتفاوت. عبّر العديد منهم على منصات التواصل الاجتماعي عن تأييدهم للقرار الملكي،

معتبرين أنه يراعي الظروف الصعبة ويحمي الشعب من استغلال “الشناقة” (الوسطاء) الذين يرفعون الأسعار بشكل مبالغ فيه. أبدى البعض تفهمهم أن القرار يهدف إلى الحفاظ على الثروة الحيوانية في البلاد التي تعاني من نقص كبير.

استجاب الكثيرون للقرار برضا، مشيرين إلى أن إلغاء الأضحية سيخفف من الضغوط الاقتصادية التي يواجهها المواطنون،

خصوصًا مع توقعات بارتفاع أسعار الأضاحي إلى مستويات مرتفعة جدًا تصل إلى 4000 درهم. رأى بعض المستخدمين أن هذا القرار سيحد من استغلال التجار ويحقق استقرارًا في أسعار اللحوم في الأسواق المحلية.

استندت بعض الآراء إلى تجارب سابقة في المغرب حينما تم إلغاء الشعيرة لأسباب اقتصادية ومناخية مشابهة.

أشار أحد المواطنين إلى أن قرارات الملك الراحل الحسن الثاني بإلغاء شعيرة الذبح ساهمت في تمكين البلاد من تحقيق اكتفاء ذاتي في الثروة الحيوانية، مشيرًا إلى أن مثل هذه القرارات لها مردود إيجابي على المدى الطويل.

أبدى بعض المواطنين استغرابهم وسخريتهم من الدعوة إلى إلغاء الشعيرة، معتبرين أن الجفاف الاقتصادي الذي يعاني منه المواطنون أشد من الجفاف المناخي.

أعرب البعض عن تخوفهم من أن يؤدي هذا القرار إلى إلغاء روح عيد الأضحى نفسه، الذي يرتبط في الثقافة المغربية بممارسة الذبح كجزء أساسي من الاحتفال.

استمر النقاش بين المواطنين حول إيجابيات وسلبيات القرار، لكن الغالبية العظمى أبدت تفهمها للظروف الاستثنائية التي يمر بها المغرب.

أكد الكثيرون أن التحديات المناخية والاقتصادية التي تواجه البلاد تفرض اتخاذ إجراءات استثنائية لضمان استقرار المجتمع وحماية الشرائح الضعيفة منه.

يذكر أن عيد الأضحى يمثل أحد المناسبات الدينية الأساسية في المغرب، حيث يحرص المغاربة على إقامة شعيرة الذبح باعتبارها جزءًا من التقاليد الدينية والاجتماعية.

وعلى الرغم من أن إلغاء الشعيرة قد يشكل تغييرًا في نمط الاحتفال، إلا أن الكثيرين يرون في القرار الملكي خطوة ضرورية لحماية مصالح البلاد في الظروف الحالية.

تجدد الدعوات لإلغاء شعيرة عيد الأضحى في السنوات الأخيرة مع ارتفاع الأسعار وتدهور الأوضاع المناخية. وفي هذا السياق، يأتي قرار الملك محمد السادس ليؤكد حرص الدولة على التخفيف عن الشعب ومراعاة مصالحه في ظل التحديات المتزايدة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى