مقالات ورأى

إسلام الغمري يكتب : رسائل التفاؤل من السعودية: هل تحذو مصر حذوها؟

في خطوة تحمل نسمات الأمل، أفرجت السلطات السعودية مؤخرًا عن الشيخ عبد العزيز الفوزان بعد سبع سنوات من الاعتقال، ضمن سلسلة من الإفراجات شملت عشرات العلماء والدعاة ومعتقلي الرأي خلال الأسابيع الماضية. هذه البادرة الإيجابية لم تكن مجرد حدث عابر، بل أرسلت إشارات تفاؤل عميقة، مشيرة إلى إمكانية بزوغ فجر جديد ينعم فيه من لا يزالون خلف القضبان بالحرية، ويعيد الأمل إلى قلوب ذويهم الذين طال انتظارهم.

لا شك أن هذه الخطوة تستحق الترحيب، فهي تعكس انفتاحًا على تصحيح المسار وإعادة النظر في قضايا طال أمدها، خاصة مع اقتراب شهر رمضان المبارك، الذي يحمل معه قيم الرحمة والتسامح. لكن وسط هذه الأجواء، يبرز سؤال مُلحّ: متى تتخذ مصر خطوة مماثلة، فتُطلق سراح عشرات الآلاف من الأبرياء الذين ظلوا محتجزين لسنوات طويلة دون وجه حق؟

بين التفاؤل السعودي والمعاناة المصرية

كمُعارضٍ سياسيٍ للنظام المصري، لم ولن أتخلى عن موقفي حتى تنال مصر حريتها، ويحقق شعبها مطالبه العادلة التي نادى بها في ثورة يناير المجيدة. وأدرك تمامًا أن النظام الحاكم في مصر لا يميل إلى اتخاذ خطوات مماثلة لما حدث في السعودية، لكن ذلك لا يعني أن المطالبة بالإفراج عن المعتقلين يجب أن تتوقف. فالحرية ليست منّة من أحد، بل هي حق أصيل لكل إنسان، والاستبداد لن يدوم مهما طال الزمن.

في مصر، تُقدَّر أعداد المعتقلين السياسيين بأكثر من مئة ألف، وفق تقديرات حقوقية، ما يعكس حجم المعاناة التي تعيشها آلاف الأسر. هذه المأساة المستمرة ليست مجرد أرقام، بل حكايات لنساء وأطفال وشيوخ ينتظرون لحظة الإفراج عن ذويهم الذين غيّبهم الظلم خلف القضبان. إن استمرار هذا الوضع لا يخدم استقرار البلاد، بل يزيد من حالة الاحتقان ويعمّق الجراح، فمتى يتوقف هذا النزيف؟

الإفراج عن المعتقلين: ضرورة سياسية واجتماعية

رغم يقيني بأن النظام المصري لا يستجيب للمطالب الحقوقية بسهولة، إلا أنني أرى أن الإفراج عن المعتقلين ليس ضعفًا، بل هو قرار سياسي يعكس القدرة على إدارة الأزمات بحكمة. التجارب التاريخية أثبتت أن الأنظمة التي تنفتح على مطالب شعوبها تكتسب شرعية أقوى، بينما تلك التي ترفض الاعتراف بحقوق الناس تظل محاصرة في دائرة القمع والخوف.

إن إعادة النظر في ملف المعتقلين السياسيين قد يكون فرصة للنظام ليعيد ترتيب أولوياته، لا سيما في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة. فالإفراج عن الأبرياء لا يعني فقط إنهاء معاناة آلاف العائلات، بل يبعث برسالة إلى الداخل والخارج بأن هناك نية لفتح صفحة جديدة، حتى وإن كانت هذه النية لا تزال بعيدة المنال حتى الآن.

رسالة إلى الحكومات العربية

ما شهدناه في السعودية يفتح نافذة أمل نحو مستقبل أكثر عدلًا وإنصافًا، لكن الأمل يظل ناقصًا ما دامت السجون تعجّ بالأبرياء، وما دام القمع هو السياسة المهيمنة. إن العصافير الحبيسة التي طال انتظارها تستحق أن تُحلّق مجددًا في سماء الحرية، ليعم الخير بلاد العرب والمسلمين.

إلى النظام المصري أقول: الناس تنتظر، والأمل معلّق، والمظالم لا تُنسى.. فهل تملكون الشجاعة لاتخاذ خطوة تأخرت كثيرًا؟

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى