تقاريرحقوق وحريات

تدهور الحالة الإنسانية في السودان مع استمرار الحرب وتجميد المساعدات الأمريكية الدولية

شهدت الحالة الإنسانية في السودان تفاقماً خطيراً مع استمرار الحرب، مما أدى إلى معاناة الملايين من النازحين واللاجئين.

أدت الحرب الكارثية إلى تفاقم الأوضاع المعيشية بشكل كبير، حيث بدأت نداءات الطوارئ تظهر لإنقاذ الآلاف من المواطنين الذين يواجهون خطر الجوع والموت.

أطلقت غرفة طوارئ شرق النيل في 24 فبراير نداءً عاجلاً إلى المنظمات الإنسانية للتدخل السريع وإنقاذ المدنيين من الوضع المأساوي المتفاقم.

اتخذت الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب قراراً في 20 يناير بتجميد المساعدات الخارجية، مما أسفر عن تجميد عمل برنامج المعونة الأمريكية (USAID) في 24 من الشهر نفسه.

أضاف هذا القرار أعباءً جديدة على السودان، حيث تعتمد منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية العاملة في البلاد على هذه المساعدات لتقديم العون للمحتاجين والمتضررين من الحرب. وأدى القرار إلى حالة من عدم اليقين بين المنظمات العاملة على الأرض.

كشف مسؤول في إحدى المنظمات الدولية العاملة في السودان عن حجم التأثير الكبير للقرار، موضحاً أن الولايات المتحدة كانت من أكبر الممولين للمساعدات الإنسانية في السودان.

خصصت الولايات المتحدة في عام 2023 حوالي 162 مليون دولار للمساعدات، ورفعت هذا المبلغ بإضافة 130 مليون دولار أخرى. وصل إجمالي المساعدات إلى 2.3 مليار دولار لدعم الغذاء والدواء، إلا أن السودان لم يكن ضمن أولويات السياسة الأمريكية في تلك الفترة.

حذرت الباحثة في قضايا التنمية والسياسات البديلة، نعمات كوكو، من أن القرار الأمريكي سيترك آثاراً كارثية على مستوى العون الإنساني في السودان.

أوضحت أن قرار ترامب لا يمكن تحليله بشكل منفصل عن السياسات العالمية والإقليمية، حيث ركزت الإدارة الأمريكية على تقليص دورها في الأزمات الدولية.

وأشارت إلى أن قرار وقف المساعدات يعكس تحولاً في السياسة الأمريكية نحو دعم القطاع الخاص والاحتكارات الرأسمالية، بدلاً من تقديم الدعم الإنساني للدول المتضررة من النزاعات.

توقفت العديد من المنظمات الدولية والمحلية عن تقديم المساعدات نتيجة القرار. أعلنت بعض الفرق الإنسانية الدولية عن تعليق نشاطها في السودان، ما أدى إلى ترك فراغ كبير في تقديم الخدمات الأساسية.

أفاد تقرير لوكالة رويترز بأن فرق الاستجابة للطوارئ في السودان وعدة دول أخرى توقفت عن العمل، مما زاد من تعقيد الأوضاع على الأرض.

أغلق العديد من المطابخ الإنسانية التي كانت تقدم الطعام لعشرات الآلاف من المواطنين بعد قرار تجميد المساعدات. أعربت متطوعات في غرف الطوارئ عن قلقهن من الوضع السيئ الذي يزداد سوءًا، حيث أشارت إحداهن إلى أن آلاف الأشخاص مهددون بالموت بسبب نقص الغذاء.

أكدت منظمة أطباء بلا حدود أنها تأثرت بشكل غير مباشر بالقرار، حيث أدى سحب التمويل الأمريكي إلى ترك فجوات كبيرة في تقديم الخدمات الصحية الضرورية.

دعت الأمم المتحدة إلى توفير 6 مليارات دولار من المانحين الدوليين لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان، التي وصفت بأنها الأسوأ على مستوى العالم.

وتشير التقارير إلى أن أكثر من 30 مليون شخص في السودان بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، بينما يواجه نحو 25 مليون شخص خطر المجاعة. وصلت أعداد النازحين إلى 12 مليوناً، في حين تجاوز عدد اللاجئين 3 ملايين شخص.

تساءل الكثيرون عما إذا كان هناك بديل لسد الفجوة التي خلفها انسحاب الدعم الأمريكي. أكدت الباحثة نعمات كوكو أن الدول الأوروبية ليست قادرة على تقديم الدعم المطلوب بسبب التحديات الاقتصادية الناتجة عن حرب أوكرانيا.

وأضافت أن بعض الدول مثل هولندا وألمانيا بدأت بالفعل في تقليص مساعداتها الإنسانية، مما يزيد من تعقيد الوضع في السودان. وأشارت إلى أن الدول العربية لن تكون قادرة على سد الفجوة، إذ تواجه هي الأخرى تحديات كبيرة، بما في ذلك تمويل القواعد العسكرية الأمريكية على أراضيها.

أعربت اللاجئة السودانية درية شرف الدين عن مخاوفها من تأثير قرار تجميد المساعدات الأمريكية على المساعدات الطبية والغذائية التي تتلقاها هي واللاجئون الآخرون في مصر.

تعتمد هذه المساعدات، رغم قلتها، على دعم الأمم المتحدة والجهات الدولية. أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنها قلصت عملياتها نتيجة لتقليص التمويل الأمريكي، مما يضع اللاجئين في وضع حرج.

أضاف المسؤول في المنظمة الدولية أن العالم كله سيواجه تأثيرات سلبية نتيجة القرار الأمريكي، حيث يركز الاتحاد الأوروبي على تمويل حرب أوكرانيا ذات الميزانية العالية، تاركاً الأزمات الأخرى مثل السودان دون دعم كافٍ.

وأشار إلى أن نحو 45% من المساعدات الخاصة بالغذاء والدواء في السودان كانت بتمويل أمريكي، وأن الوضع الصحي في البلاد يواجه تحديات كبيرة في ظل توقف الدعم الأمريكي.

ويرى المراقبون أن الأمل الوحيد يكمن في وقف الحرب أو خضوع الإدارة الأمريكية لضغوط داخلية ودولية للتراجع عن قراراتها.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى