مقالات ورأى

د.تامر المغازي يكتب: قراءة في كتاب مدخل إلى الأيديولوجيات السياسية -أندرو هيود (1)


كاتب صحفي وسكرتير عام مساعد حزب غد الثورة

يعد هذا الكتاب من أهم الكتب التي طالعتها لما فيه من إفادة كبيرة للمختص في حقل العلوم السياسية وأيضا للقارئ العادي، إذ يمكن اعتباره كتابا مرجعيا في موضوع الأيديولوجيات السياسية بخصوص ظروف نشأتها وقضاياها المركزية، فضلا عن التقاليد الفكرية المتنافسة داخل الأيديولوجية الواحدة

يدقق المؤلف بداية في أصول مصطلح أيديولوجيا ودلالته الأصلية، فقد ظهر المصطلح لأول مرة أثناء الثورة الفرنسية على يد دوتراسي سنة 1796 وكان يحيل إلى “علم الأفكار, لكن تطورت دلالة المفهوم تدريجيا بعد إضفاء الطابع المنهجي عليه وأصبح يرمز إلى مجموعة متناسقة من الأفكار بدرجة تزيد أو تنقص بحيث تضع أساسا للنشاط السياسي المنظم” وتتسم الأيديولوجيا بثلاثة ملامح رئيسة تتمثل في أنها تقدم نقدا للنظام أو للوضع السياسي القائم، كما أنها تقدم تصورا عن المستقبل المنشود أو المجتمع الصالح، إضافة إلى تفسيرها لكيفية إحداث التغيير السياسي

وهنا وجب التمييز بين الأيديولوجيات الكلاسيكية (الليبرالية، المحافظة الإشتراكية القومية التي تبلورت معالمها خلال القرن 19 في سياق الإنتقال من المجتمع الإقطاعي إلى المجتمع الصناعي الرأسمالي، والتقاليد الإيكولوجية، الأصولية الدينية، التعددية الثقافية) التي نشأت إبان منتصف القرن الماضي نتيجة الإنتقال من المجتمع الصناعي إلى المجتمع ما بعد الصناعي الذي أضحت فيه القضايا المادية أقل إلحاحا في مقابل بروز قضايا واهتمامات ما بعد مادية كالبيئة وحقوق

الأيديولوجية الجديدة (النسوية، الإنسان)

وسأحاول في هذا الحيز الإقتصار على تلخيص أهم أفكار الأيديولوجيات الكلاسيكية في المتمثلة الليبرالية والمحافظة، مرورا بالإشتراكية، فالقومية، كما ورد ذكرها في الكتاب على النحو التالي :

أولا : الأيديولوجية الليبرالية

تعد الليبرالية أيديولوجية الطبقة الوسطى الصاعدة (البورجوازية) بحيث كانت تعكس تطلعاتها في مواجهة نفوذ طبقة الأرستقراطيين المالكة للأراضي، وتدور القضية المركزية لليبرالية حول إيمانها بأولوية الفرد على الجماعة، إذ تفترض بأن الأفراد كائنات عاقلة تستطيع تحديد مصالحها الذاتية وتسعى وراء تعظيم المنفعة القائمة، وتبعا لذلك ينبغي مكافأة الأفراد بحسب مواهبهم ومدى استعدادهم للعمل، ولعل أهم انعكاسات هذه الرؤية في الفكر الليبرالي نظرية العقد الإجتماعي التي تعتبر بأن المجتمع يتشكل بواسطة الأفراد العقلانيين بغرض صون حقوقهم وأمنهم الخاص

وإضافة إلى إيمان الليبراليين بالفرد، يمكن اعتبار قيمة الحرية كأحد أهم أعمدة الفكر الليبرالي، وترتبط الحرية في الليبرالية بالعقل فهي تظل جزءا من إرث التنوير الذي يعد شاغله الأساسي تحرير الإنسان من التبعية الفكرية والجهل والخرافة وتدشين عصر العقلانية، دون إغفال دفاع الليبرالية عن قيمته .

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى