انهيار في الإدارة القانونية للهيئة العامة لقصور الثقافة وتواطؤ يفضح فساد القيادات

كشفت القضية المرفوعة من العامل عادل محمد إسماعيل أحمد بفرع ثقافة سوهاج، التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة، عن فساد واضح وتقصير كارثي من القيادات القانونية في الهيئة.
أصدرت المحكمة الإدارية بمحافظة سوهاج حكمها في الدعوي رقم 5578 لسنة 14 قضائية بجلسة 13/4/2024 الدائرة الأولى، الحكم لصالح المدعي عادل محمد إسماعيل أحمد، العامل بفرع ثقافة سوهاج التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة.
حيث قررت المحكمة إعادة العامل إلى عمله بعد إنهاء خدمته بموجب الأمر الإداري رقم 420 لسنة 2023 بزعم انقطاعه عن العمل لمدة 300 يوم ( 09 شهر و 27 يوم )
فقد أصدرت الهيئة العامة لقصور الثقافة في وقت سابق الأمر الإداري رقم 420 لسنة 2023 بإنهاء خدمته، بزعم انقطاعه عن العمل من 17/8/2022 وحتى 13/6/2023، قرابة عشرة أشهر كاملة، دون وجود إذن رسمي.
ومع ذلك، قررت المحكمة إصدار حكمها لصالح العامل بعد نزاع قانوني دام فترة قصيرة بشكل استثنائي، حيث أودعت القضية في 5/3/2024 وحجزت للحكم بجلسة 13/7/2024، ليصدر الحكم في 13/8/2024، مما يُعد زمنًا قياسيًا في مثل هذه القضايا.



أثبتت المحكمة بوضوح أن هذه الإجراءات تمت بطريقة غير قانونية وبدون تقديم أي طعون من الهيئة، مما كشف ضعف الإدارة القانونية وفشلها في المتابعة.
فقد أشارت المحكمة إلى عدم طعن الهيئة العامة لقصور الثقافة على الحكم الصادر، في مخالفة واضحة وصارخة لقانون الإدارات القانونية رقم 47 لسنة 1973، وتعليمات المستشار وزير العدل والمستشار مساعد وزير العدل لشؤون الإدارات القانونية.
وأوضح الحكم بشكل قاطع أن المسؤول الأول عن هذا التقصير الجسيم هو معمر محمد أحمد، مدير الإدارة القانونية بإقليم وسط الصعيد الثقافي، الذي أظهر فشلاً ذريعًا في متابعة هذه القضايا الحساسة وكذلك لم يتخذ أي خطوات قانونية أو دفاعية للطعن على الحكم، في دلالة واضحة على ضعف قيادته للإدارة القانونية وفشله في متابعة القضايا المكلف بها.
وبهذا، حملت المحكمة معمر محمد أحمد المسؤولية الكاملة عن فشله في متابعة سير العمل، وعدم الالتزام بمباشرة مهام الإدارة القانونية بطريقة تتناسب مع حجم العمل الكبير الذي تضطلع به هيئة قصور الثقافة، مما أدى إلى تراكم القضايا والمشكلات القانونية بدون حل.
أظهرت القضية أيضًا حجم التخاذل في إدارة الشؤون القانونية تحت إشراف حسان حسن حفناوي، مدير عام القضايا بالهيئة العامة لقصور الثقافة، الذي فشل بدوره في متابعة القضايا وإعداد الدفاع القانوني اللازم، مما أدى إلى تراكم القضايا والفشل في تحقيق نتائج ملموسة.
أثبتت التقارير أن حسان حسن كان عاجزًا عن توجيه فريقه بشكل صحيح، مما أدى إلى انهيار كامل في إدارة القضايا وعدم وجود أي خطة محكمة لمتابعة النزاعات القانونية.
أوضحت المحكمة الإدارية العليا في حكمها مبدأ هامًا، حيث جاء في نصها أن “كل عامل يشغل موقعًا قياديًا، أيًا كان مستواه، مسؤول عن إدارة العمل الذي يتولى قيادته بدقة وأمانة”. .
أشارت المحكمة في حكمها الصادر إلى أن المسؤوليات الإدارية والقانونية تقع بشكل مباشر على عاتق القيادات التي تتجاهل متابعة القضايا واتخاذ الإجراءات القانونية الضرورية في الوقت المناسب. جاء ذلك في تأكيد من المحكمة على أهمية التخطيط والتنظيم والقيادة في تحقيق الأهداف المطلوبة.
عرضت نتائج التفتيش الفني المفاجئ الذي أجرته وزارة العدل على إدارة الشؤون القانونية في أسيوط كارثة إدارية كبرى.
أكد التفتيش الذي استمر لثلاثة أيام أن العمل في الإدارة يسير بطريقة غير منظمة تمامًا، وأن هناك تقاعسًا كبيرًا في أداء الأعضاء المكلفين بالقضايا.
كما أوضح التقرير أن حجم العمل المتراكم لا يتناسب مع عدد أعضاء الإدارة القانونية، مما يعكس فشل القيادات القانونية في تنظيم العمل وتوزيع المهام بشكل مناسب.
كشفت التحقيقات أيضًا عن الخلافات والمشكلات التي تعصف بين أعضاء الإدارة، والتي أدت إلى تدهور العلاقات المهنية وتعطيل سير العمل.
أوضح التفتيش أن المدير معمر محمد أحمد لم يكن قادرًا على فرض السيطرة على إدارته، ولم يقم بمتابعة القضايا القضائية أو إصدار تقارير دورية حول أداء فريقه. أظهر التقرير أن الإدارة القانونية بحاجة إلى إعادة تنظيم شامل لضمان تحسين الأداء ومعالجة المشكلات الداخلية التي تعوق تحقيق الأهداف القانونية المطلوبة.
فشل معمر محمد أحمد ليس حادثة فردية، بل هو جزء من سجل طويل من الإخفاقات الإدارية. سبق أن حصل على تقدير كفاية بدرجة “متوسط” من وزارة العدل بموجب القرار رقم 2 لسنة 2019، ورفض تظلمه من هذا التقدير، وهو دليل آخر على عدم كفاءته في إدارة الشؤون القانونية.
علاوة على ذلك، تلقى معمر عدة جزاءات من إدارة التفتيش الفني بوزارة العدل، بما في ذلك جزاء “التنبيه” في الشكوى رقم 397/2022 جاء ذلك نتيجة التحقيق الذي أجرته الإدارة بعد قيامه بتمزيق مذكرات تصرف كانت قد وقعت من قبل رئيس الإدارة المركزية.
هذا التصرف أثار قلقًا بالغًا من شأنه التأثير سلبًا على سمعة الإدارة القانونية، مما دفع إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة ضده.



سارعت المحكمة الإدارية العليا إلى التأكيد على أن مثل هذه التصرفات تخالف بشكل واضح معايير الإدارة القانونية الرشيدة التي تقتضي مراقبة مستمرة للقضايا واتخاذ الإجراءات الضرورية في الوقت المناسب.
جاء في حكم المحكمة الإدارية العليا رقم 3635 لسنة 41 قضائية عليا الصادر في جلسة 28/6/1998 تأكيد على ضرورة الالتزام بأعلى معايير المهنية والجدية في قيادة الإدارات، وهو ما خالفه بوضوح معمر محمد أحمد وحسان حسن حفناوي.
أشاد الجميع بالدور الذي يقوم به اللواء خالد اللبان، مساعد وزير الثقافة ورئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، الذي يسعى جاهدًا لإصلاح الفساد المستشري في الهيئة.
ومن خلال خلفيته العسكرية وخبرته في هيئة الرقابة الإدارية، نجح اللواء اللبان في اتخاذ خطوات جادة نحو مكافحة الفساد وتطوير الأداء الإداري في الهيئة، وقدم نموذجًا للإدارة الرشيدة التي يجب أن تتبعها القيادات.
أكد اللواء خالد اللبان مرارًا وتكرارًا أنه يهدف إلى تحقيق النزاهة والكفاءة في كافة الإدارات التابعة للهيئة، وهو يسعى إلى إعادة بناء الهيكل الإداري بطريقة تضمن الشفافية والمسؤولية. وقد أظهر التزامًا حقيقيًا بمحاربة الفساد الإداري الذي استمر لعقود داخل هيئة قصور الثقافة.
فضحت هذه القضية الفساد المتجذر في الهيئة العامة لقصور الثقافة وأثبتت بشكل لا لبس فيه أن هناك حاجة ماسة لتغيير جذري في القيادة القانونية والإدارية.
تؤكد هذه الوقائع أن الفساد لا يزال ينخر في أركان الهيئة العامة لقصور الثقافة، وإن استمرار هذا الوضع الكارثي يتطلب تدخلًا عاجلًا من الجهات الرقابية والمعنية، لضمان أن تكون هيئة قصور الثقافة مثالاً للنزاهة والكفاءة، لا ساحة للصراعات الداخلية والفشل المؤسسي.