شباك نورمقالات وآراء

د.أيمن نور يكتب: ورقة 19 أبريل عندما كتب الشعب دستوره، إنها الحقيقة العارية.

تمرّ علينا هذه الأيام، لا كعابرة سبيلٍ ، في رزنامةٍ متربة بالسواد والرماد ، بل كشاهدةٍ قانيةٍ على وجعٍ ممتدٍ لا يزال ينزف في صدر هذا الزمان.
و”كي لا ننسى” – ومن منّا نسي؟ – دماء أطفالنا في بحر البقر، تلك التي سالت على سبورة الفصل، كأنها توقيعٌ أبديّ على شهادة التاريخ الطويل لمجازر الاحتلال.

نسترجع ويلات المجزرة الأولى، لا نفتح جراحنا حبًا بالعويل، بل ليفهم هذا العالم الأبكم أننا لن ننسى يومًا ما حدث لأهلنا في غزة. سنورث الألم لأبنائنا كذكرى حارقة، وسنُبقي الشظايا شاهدة على كل ما تناثر من أشلاء الأطفال، وصراخ الأمهات، وصور مجازر ستظل تسكن ذاكرتنا، جيلًا بعد جيل، مهما توالت السنين.

اختلفت التواريخ وتعددت الجبهات، كنا طلابًا نغني للحياة في ساحات الجامعة، وكان الدم يصرخ في صبرا وشاتيلا، كما صرخ في عدوان 1967، وكما سال بفعل غدر العدو بالأسرى المصريين.


كل المجازر نُسخٌ طبق الأصل عن وحشية واحدة، بآلة قتلٍ لا تعرف الشفقة.

ورغم فداحة الكارثة، الممتدة في غزه ، لم تستفز هذه المجازر ، ضميرًا عالميًا نائمًا في تابوت المصالح، ترك العدو يحترف الإجرام، ويواصل تدميره ، دون حسيبٍ أو رقيب. فلا بد من نداء، حتى لو لم يكن الأخير:


إسرائيل تقتات على الدماء، وتعيش على أنقاض الأوطان، تلعب السلام كقطٍ يلهو بفأره، ثم يفترسه حين يشاء.

ما بين اليوم واليوم التالي، لا جديد سوى مشاهد العدوان نفسها، تتبدل الوجوه وتبقى الوحشية واحدة، تتجدد صور الجريمة، بألوانٍ جديدة، وأسماءٍ أخرى، لكنها توقيعٌ دمويّ واحد.

في غزة، المجازر لم تتوقف، بل تتراكم كطبقاتٍ في قبرٍ جماعيّ مفتوح. لم يعد هناك مكانٌ آمنٌ، لا يشهد على جريمة. وهذا ما أكدته منظمة أطباء بلا حدود، حين أعلنت أن القطاع بأسره أصبح كفنًا ممتدًا.


وفي المقابل، باتت الأبواق الإعلامية العبرية، تتوحم -كل صباح- على مصر، و تلوّح بحربٍ وشيكة، وتبني الرواية تلو الأخرى لتبرير ما لم يحدث بعد.


بينما إعلامنا المبجل منشغل حتي الثمالة بمعركة
بلبن و الاشطوته و الاشطوزه و بهيج
ملك الفسفور العجيب!
والعجيب أن القنوات والصحف والمواقع الإلكترونية التي لم تكف عن ثقب غور موقعهـبلبن لم تناقش بعد ما ناقشه الكنيست الاسرائيلي في جلسة استماع ، من احتمالات نشوب حرب قادمه ضد مصر
لا احد انشغل بالبحث عن تفاصيل لقاءٍ عُقد منذ ساعات في باريس حول الملف الإيراني، لكن علي هامش اللقاء اجتمع رون ديرمر وزير الشؤون الاستراتيجية في كيان الاحتلال، و رئيس الموساد دافيد برنياع، بالمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، وتمّت مناقشة شروط إسرائيلية تُطلب من ترامب فرضها على مصر، تحت لافتة “احترام اتفاقية السلام”.


أبرز هذه الشروط (التي لم تشغل أحد) تمثّلت في انسحاب كامل من المنطقة (ج ، د) بسيناء، وتخفيف قبضة المعابر ، أمام من يسعون للخروج من غزة، وكأن مصر بوابة عبورٍ، لا دولة ذات سيادة.

إن مصر اليوم ليست فقط أمام اختبارٍ سياسي، بل على محكّ وجودها، وما تبقى من مكانتها.


أمننا القومي لم يعد في مأمن من المخططات الصهيونية الكبرى، ولم يكن يومًا بمنأى عنها.

إنها لحظة الحقيقة…
لحظة أن تقول مصر كلمتها، لا بصوتٍ خافت خلف الجدران ، بل بصوتٍ مدوٍ أمام التاريخ، يكتب أن هذا الوطن ، لن يكون شاهد زورٍ على دمٍ عربي، ولن يكون بابًا خلفيًا لمشاريع العدو.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى