
نتمنى ألا يضيع النظام هذه الفرصة التاريخية، التي تبدو اليوم مهيأة أكثر من أي وقت مضى، للبدء في خطوات إصلاحية حقيقية.
فالتحديات المصيرية التي تواجه الأمن القومي المصري، والتغيرات المتسارعة على المستويين الإقليمي والدولي، تفرض ضرورة مراجعة المسار السياسي، والالتفات إلى الإصلاح الحقيقي الذي يعيد للوطن اتزانه، وللمواطن حقوقه وكرامته.
الإصلاح السياسي لم يعد خيارا مؤجلا، بل هو استحقاق تأخر أكثر مما ينبغي. فبغير مساحات آمنة للتعبير، وديمقراطية حقيقية تفسح المجال لكل القوى الوطنية، ستظل الدولة عالقة في دوامة الأزمات.
كما أن إطلاق سراح المعتقلين ليس فقط خطوة إنسانية، بل هو ضرورة وطنية تمهد الطريق لتوافق مجتمعي يعيد بناء الثقة المفقودة بين الدولة والمجتمع.
لا نهضة لوطن تسوده اللاعدالة، ولا مستقبل لدولة تقصي أبناءها. إن طريق العدالة الشاملة وتعزيز حقوق الإنسان ليس ترفا سياسيا، بل هو المعيار الحقيقي للحكم الرشيد، والضامن الوحيد لاستقرار حقيقي ومستدام. فلا يمكن لمصر أن تواجه تحدياتها الخارجية وهي مثقلة بأعباء الداخل ومكبلة بقيود القمع وانعدام الثقة.
التاريخ لا يرحم المترددين، والمستقبل لا يبنى بالخوف، وإنما بالقرار الصائب في اللحظة الحاسمة. لدينا الآن فرصة نادرة لا ينبغي أن تهدر، ولا سبيل للنجاة إلا عبر المصالحة الوطنية، وإعادة ترتيب الأولويات، ووضع الإصلاح كطريق وحيد نحو الاستقرار الحقيقي، قبل أن تسبقنا الأحداث ونجد أنفسنا خارج سياق التاريخ.