تقاريرثقافة وفنون

فضائح فساد تهز قصور الثقافة: أحمد درويش يهرب واللواء خالد اللبان يطارد الفاسدين

أكدت مصادر مطلعة أن نهر الفساد لا يزال يتدفق بلا توقف داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة، خصوصاً تحت إمرة نائب رئيس الهيئة محمد ناصف، الذي أصبح رمزاً لفساد مستشرٍ وصل إلى مراحل لا تُطاق، إذ يتعامل ناصف مع الهيئة كعزبة خاصة له، متجاهلاً كافة القوانين والإجراءات، ما أتاح له ولعدد من المسؤولين، على رأسهم أحمد درويش رئيس الإدارة المركزية لإقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي، التحايل على القانون واستغلال المال العام لصالحهم.

فقد أكد المراقبون أن هذا الفساد المتغلغل قد أضر بمصلحة الدولة والمجتمع الثقافي، وجعل قصور الثقافة مجرد وسيلة لتحقيق المكاسب الشخصية لبعض المسؤولين، مما تسبب في تعطيل المشاريع وإهدار المال العام في مشروعات وهمية أو دون دراسة جدوى واضحة.

أشار التقرير الصادر عن الجهاز المركزي للمحاسبات إلى أن الفساد داخل الهيئة يبدو وكأنه نهر لا ينتهي، فبينما يحاول اللواء خالد اللبان، مساعد وزير الثقافة ورئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، والذي يتمتع بتاريخ مشرف في مكافحة الفساد منذ عمله كضابط في هيئة الرقابة الإدارية، تنظيف الهيئة من هؤلاء الفاسدين، فإن الكثيرين يحاولون القفز من السفينة قبل أن يغرقوا معها.

وقد تم الكشف عن العديد من المخالفات في الفترة الأخيرة والتي لا تترك مجالاً للشك حول مدى التلاعب والإهمال الذي تشهده الهيئة.

أوضح التقرير أن أحمد درويش رئيس إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي كان أحد أبرز المسؤولين الذين تورطوا في هذه المخالفات، حيث تكتم على تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات الذي فضح تفاصيل دقيقة عن الإهمال الذي شهده قصر ثقافة شبين الكوم بعد عمليات التجديد التي بلغت قيمتها أكثر من 21 مليون جنيه، بالإضافة إلى تكاليف إضافية تجاوزت 34 مليون جنيه.

أشار التقرير إلى أن معدات التشغيل التي تم تركيبها بالقصر تعطلت بعد مرور أربعة أشهر فقط من تاريخ استلامها النهائي، ولم يتم تحرير أي ملاحظات فنية من قبل المسؤولين، بما في ذلك درويش، حول هذه المعدات المعطلة.

ورغم هذه المخالفات الكبيرة، لم يحرك المختصون ساكناً، إذ لم يُحرروا أي ملاحظات فنية على الأعمال المستلمة من الشركة المنفذة، ولم يبدي أحمد درويش أي اهتمام بهذه التجاوزات.

أكد التقرير أن الجهاز المركزي للمحاسبات قد طلب من الهيئة العامة لقصور الثقافة تحديد المسؤولين عن هذه المخالفات وتشكيل لجنة للتحقيق في الأعمال التي تم إنجازها بالقصر، إلا أن أحمد درويش ظل متكتماً وراوغ في الرد على هذه المطالبات.

وأكدت المصادر أن درويش تعمد عدم التعاقد مع شركات الصيانة اللازمة للحفاظ على كفاءة المعدات والآلات التي تم توريدها، ما يعد إهمالاً جسيماً وإهداراً متعمداً للمال العام.

وفي المقابل، تعاقد درويش مع شركات أمن ونظافة غير ضرورية، خاصة لمبنى الإقليم الذي لا يحتاج إلى مثل هذه الشركات بسبب توافر ووجود عدد كافٍ من العمال في الموقع، في خطوة تفضح “سبوبة” التعاقدات غير المجدية

وأوضح الجهاز في تقريره أن التعاقدات التي أجراها أحمد درويش مع هذه الشركات كانت بدافع السعي وراء المكاسب الشخصية، حيث كانت هذه التعاقدات غير مبررة وتصب في مصلحة أشخاص معينين.

لم يتوقف الفساد عند هذا الحد، فقد رصد التقرير أيضاً تعطل أجهزة الحاسب الآلي في نوادي تكنولوجيا المعلومات التابعة للإقليم، تعاني من أعطال مستمرة، ولم يبذل درويش أي جهد في إصلاحها أو الاهتمام بصيانتها. مما أظهر إهمالاً واضحاً في صيانة هذه الأجهزة.

لكن هذه الفضائح لا تقارن بما يحدث في “سينما الشعب حيث أكد التقرير أن فساد درويش طال مشروع سينما الشعب بقصر الثقافة، حيث أثبت التقرير أن السينما لا تحقق أي عائد مالي يذكر يغطي تكلفة تشغيلها أو حتى المصروفات الشهرية المخصصة للقائمين على تشغيلها.

العائد المادي اليومي للسينما بلغ 20 جنيهاً فقط، بينما يتم دفع 2000 جنيه شهرياً كرواتب للقائمين عليها، في مثال صارخ على سوء إدارة واستخدام المال العام وهذا الفشل الذريع يعكس غياب أي دراسة جدوى للمشروع، وهو ما يؤكد الفساد الإداري الذي يتستر عليه أحمد درويش.

وفي خطوة مكشوفة هرب درويش من مواجهة المسؤولية عن كل هذه المخالفات ومن مواجهة النتائج الوشيكة لتورطه في هذه الفضيحة الكبرى وكوسيلة للهرب من السفينة الغارقة بعد أن أيقن أن أيامه باتت معدودة قدم درويش طلب إجازة بأجر كامل.

فور علمه بتعيين اللواء خالد اللبان مساعد وزير الثقافة ورئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، الذي يشتهر بضرباته القوية في مكافحة الفساد، ألقى بظلاله على المشهد بأكمله، وأصبح الفاسدون يشعرون بالهلع وهم يحاولون القفز من المركب قبل أن يغرقوا تماماً.

أشاد العديد من المطلعين بتاريخ اللواء خالد اللبان الذي استطاع عبر مسيرته المهنية أن يكشف العديد من القضايا الفاسدة ويطيح بالمتورطين فيها. عمله السابق في هيئة الرقابة الإدارية أكسبه خبرة كبيرة في التعامل مع هؤلاء الذين استغلوا مناصبهم لمصلحتهم الشخصية.

مجيء اللبان على رأس الهيئة العامة لقصور الثقافة جعل الكثير من الفاسدين يقفزون مبكراً من القارب قبل أن يطالهم العقاب، وهو ما حدث مع درويش الذي حاول التهرب بعد فضحه عبر تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات.

أكد الكثيرون أن اللواء خالد اللبان يمتلك تاريخاً طويلاً ومشرفاً في كشف الفساد، وهو ما يبعث برسالة واضحة لكل من تسول له نفسه أن يستغل المنصب لتحقيق مصالح شخصية على حساب المال العام.

فالفساد في الهيئة العامة لقصور الثقافة، الذي أتاح الفرصة لشخصيات مثل محمد ناصف وأحمد درويش لاستغلال مناصبهم، لن يستمر طويلاً في ظل القيادة الجديدة.

أوضح المراقبون أن أحمد درويش بدأ حياته المهنية كأخصائي أمن ثالث بفرع ثقافة البحيرة، لكنه بقدرة قادر، وبفضل علاقاته المشبوهة، تمكن من الانتقال إلى وظيفة محاسب ومراجع، ومن ثم التحول إلى مسؤول في التفتيش المالي والإداري. لاحقاً تم عزله بعد اكتشاف مخالفاته وإحالته إلى المحكمة التأديبية.

ورغم عزله من التفتيش ونقله إلى وظائف بلا مهام بالإسكندرية، إلا أنه عاد مجدداً إلى المشهد بفضل تزكية من زميل له، استبعد هو الآخر لمخالفات مشابهة، ليصل في نهاية المطاف إلى منصب رئيس إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي.

أشار بعض المصادر إلى أن درويش كان يستغل نفوذه وعلاقاته الشخصية لتحقيق مكاسب، حيث كان معروفاً بلقب “أسرع دليفري” في توصيل الخضروات والطلبات إلى منزل أم رئيس الهيئة المقيمة في الإسكندرية بسيارة الهيئة.

في عهد الدكتور أحمد عواض، أصبح درويش وكيلاً للوزارة وتقلد العديد من المناصب الحساسة، واستمر في استغلال هذه المناصب لتحقيق مكاسب دون حسيب أو رقيب.

في نهاية المطاف، حاول أحمد درويش الهروب من المحاسبة، إلا أن اللواء خالد اللبان لن يسمح للفاسدين بالهرب بسهولة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى