مقالات ورأى

إسلام الغمري يكتب : طريق ترامب التجاري: تهديد لمصر وقناة السويس وخطة لتهجير الفلسطينيين

أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن مشروع طريق تجاري يمتد من الهند إلى الولايات المتحدة، مرورًا بالإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل، ثم إلى أوروبا وأمريكا. هذه المبادرة التي تُسوَّق كبديل لمبادرة “الحزام والطريق” الصينية، تحمل في طياتها مخاطر استراتيجية كبرى، ليس فقط على فلسطين، بل أيضًا على مصر وقناة السويس، التي تُعد شريانًا اقتصاديًا حيويًا للمنطقة. كما يشكل المشروع خطرًا أمنيًا قد يزعزع استقرار المنطقة لصالح الكيان الصهيوني.

تأثير المشروع على مصر وقناة السويس

قناة السويس ليست مجرد ممر مائي، بل هي العمود الفقري للاقتصاد المصري، حيث تدر مليارات الدولارات سنويًا عبر رسوم العبور، وتعتمد عليها التجارة العالمية بنسبة كبيرة. مشروع ترامب يهدف إلى تقليل الاعتماد على قناة السويس عبر ربط الهند بالولايات المتحدة مرورًا بإسرائيل وأوروبا، وهو ما يعني:
1. ضرب الاقتصاد المصري: أي تقليل لحركة التجارة عبر قناة السويس سيؤدي إلى خسائر فادحة لمصر، مما يزيد من أزمتها الاقتصادية المتفاقمة.
2. تحويل إسرائيل إلى مركز لوجستي عالمي: المشروع سيمنح إسرائيل ميزة تنافسية على حساب مصر، إذ سيتم تحويلها إلى عقدة رئيسية في التجارة الدولية، وهو ما قد يقلل من أهمية قناة السويس على المدى الطويل.
3. تعزيز التطبيع الاقتصادي مع الاحتلال: الدول العربية المشاركة ستصبح أكثر ارتباطًا بإسرائيل تجاريًا، مما قد ينعكس على موقفها السياسي من القضية الفلسطينية، ويزيد من عزلة مصر إذا حاولت الاعتراض على المشروع.

المخاطر الأمنية والاستراتيجية

إلى جانب التأثير الاقتصادي، يحمل المشروع تهديدات أمنية خطيرة، أبرزها:
1. تهديد الأمن القومي المصري: إسرائيل ستكون محورًا رئيسيًا في هذا المشروع، ما يمنحها قدرة أكبر على اختراق المنطقة اقتصاديًا وأمنيًا، خاصة مع تنامي علاقاتها مع الدول الخليجية.
2. تمهيد لتهجير الفلسطينيين: من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي مع إسرائيل، ستزداد الضغوط على الدول العربية لقبول توطين الفلسطينيين المهجَّرين من غزة، سواء في سيناء أو دول أخرى.
3. زعزعة استقرار المنطقة: هذا المشروع يُعيد تشكيل الخريطة الاقتصادية والجيوسياسية في المنطقة، مما قد يؤدي إلى صراعات جديدة بين القوى الإقليمية المتضررة، خاصة مصر وإيران وتركيا.

السبل لمواجهة هذا المخطط
1. تصعيد الدبلوماسية المصرية: يجب على مصر التحرك بقوة في المحافل الدولية لفضح هذا المشروع، وتسليط الضوء على خطورته على الأمن القومي المصري والفلسطيني.
2. تعزيز مكانة قناة السويس: من خلال تحسين الخدمات الملاحية وتقديم حوافز تجارية لجذب الشركات العالمية، مما يجعل القناة الخيار الأفضل للتجارة الدولية.
3. توحيد الجهود العربية والإسلامية: يجب على الدول المتضررة، مثل مصر وتركيا وقطر، تنسيق المواقف لمواجهة الهيمنة الاقتصادية الإسرائيلية المتزايدة.
4. تحفيز الرأي العام: توعية الشعوب العربية بخطورة هذا المشروع، وفضح ارتباطه بالمخططات الصهيونية التي تستهدف تفريغ غزة وضرب الاقتصاد المصري.

الخلاصة

مشروع ترامب ليس مجرد بديل اقتصادي لطريق الحرير الصيني، بل هو مخطط متعدد الأبعاد يستهدف القضية الفلسطينية، ويدمر قناة السويس، ويُحول إسرائيل إلى مركز تجاري عالمي على حساب الدول العربية. إن مواجهته تتطلب استراتيجيات واضحة لمقاومة التبعية الاقتصادية، وحماية الحقوق الفلسطينية، والدفاع عن المصالح الحيوية لمصر والمنطقة بأسرها.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى