إسلام الغمري يكتب: مصر بين الضغوط الأمريكية وخطر التفريط.. معركة الجميع
تمر مصر اليوم بمنعطف خطير في علاقاتها مع الولايات المتحدة، في ظل تصاعد الضغوط الأمريكية لفرض حلول أحادية للقضية الفلسطينية، وعلى رأسها مخطط تهجير سكان غزة. وبينما أختلف مع النظام المصري في سياساته الداخلية، فإنني لا يمكنني تجاهل حقيقة أن هذه الأزمة تمثل تهديدًا وجوديًا يتجاوز الخلافات السياسية، لأنها تمس الأمن القومي المصري بشكل مباشر، وتهدد المنطقة بأسرها بتفجير جديد لا يمكن احتواؤه.
واشنطن تُلوّح بالعصا.. والموقف المصري تحت الضغط
إدارة ترامب تسعى إلى فرض أجندتها عبر التهديد بقطع المساعدات، في محاولة لابتزاز مصر وإجبارها على التماهي مع المشروع الأمريكي – الإسرائيلي. هذه السياسة ليست جديدة، لكنها اليوم تأتي في سياق أكثر خطورة، حيث لم يعد الضغط مقتصرًا على الجانب الاقتصادي، بل بات يشمل تهديدات استراتيجية تمس السيادة الوطنية بشكل مباشر.
ورغم أنني أعارض النظام المصري في سياساته الداخلية، فإنني لا أرى في هذه اللحظة مساحة للشماتة أو تصفية الحسابات. فنحن أمام قضية تتجاوز النظام والمعارضة، وتضع الجميع أمام مسؤولية تاريخية لحماية مصر من مشاريع تصفية القضية الفلسطينية على حسابها.
إذا كانت واشنطن وإسرائيل تريدان إعادة رسم خرائط المنطقة دون اعتبار لمصالح مصر، فإن من الطبيعي أن يكون هناك مراجعة لكل الاتفاقيات التي استندت إلى توازنات باتت اليوم محل تهديد. إن اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل لم تكن يومًا صك استسلام، بل كانت جزءًا من معادلة دقيقة، وإذا كانت هذه المعادلة تنهار اليوم بفعل الضغوط الخارجية، فإن مراجعتها تصبح ضرورة وليست خيارًا.
كيف نواجه التهديد؟
إن هذه اللحظة تتطلب موقفًا وطنيًا موحدًا يتجاوز الخلافات السياسية، لأن ما هو مطروح على الطاولة ليس مجرد قضية سياسية، بل خطر وجودي قد يمتد لسنوات قادمة.
1. شعبيًا: يجب أن يدرك المصريون أن بلادهم ليست بمنأى عن العاصفة، وأن رفض هذه المخططات ليس مهمة السلطة فقط، بل هو مسؤولية الجميع. التوعية بخطورة المشروع الأمريكي – الإسرائيلي يجب أن تكون في مقدمة أولويات القوى الوطنية بكل أطيافها.
2. سياسيًا: على المعارضة المصرية – رغم خلافها مع النظام – أن تتخذ موقفًا واضحًا في هذه القضية، وأن تؤكد أن سيادة مصر وأمنها القومي خط أحمر لا يخضع للمساومة أو المزايدات.
3. إقليميًا ودوليًا: يجب أن تكون هناك تحركات دبلوماسية وشعبية لكسب الدعم الإقليمي والدولي في مواجهة أي محاولات لفرض واقع جديد على حساب مصر وفلسطين.
ختامًا: معركة تتجاوز النظام والمعارضة
لسنا بحاجة إلى تأييد النظام لنقف في وجه المخططات التي تهدد بلادنا، كما أننا لن نقع في فخ المزايدات التي تحاول تصوير الأزمة وكأنها مشكلة بين نظام ومعارضيه. القضية أكبر من ذلك، والمخاطر أعمق من أي حسابات سياسية ضيقة.
إن الدفاع عن مصر ليس دفاعًا عن سلطة، بل هو دفاع عن وطن، ومن يتخيل أنه بمنأى عن هذه المعركة فهو واهم. اليوم، نحن أمام اختبار حقيقي لوعينا الوطني، والرهان على أن مصر، بكل أطيافها، ستقف موحدة عندما يكون التهديد بحجم الوطن نفسه.