هل يسعى ترامب للسيطرة على غاز المتوسط بتهجير الفلسطينيين؟
![](https://www.ghadnews.net/wp-content/uploads/2025/02/7777.webp)
تزايدت التصريحات الصادرة عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن قطاع غزة، ورغبته في تحويله إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” بعد تهجير سكان القطاع، وهو الطرح الذي أثار تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء مثل هذه الخطة.
وبحسب المعلن فهناك حقل غزة مارين (Gaza Marine) 30 كم من غزة، الذي يُقدّر احتياطيه بنحو 1 تريليون قدم مكعب من الغاز، لكنه ظل غير مستغل بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة على الفلسطينيين، وسوف تزول تلك القيود مع تهجيرهم ومن ثم بدء التنقيب في الحقل واستخراح الغاز.
تلك التصريحات تأتي بعد أكثر من 15 شهراً من الإبادة الجماعية التي نفذتها “إسرائيل” في القطاع بدعم أمريكي مطلق وأسفرت عن دمار هائل في المنازل والبنى التحتية. واتخذ ترامب من هذا الدمار ذريعة للحديث عن خطته لتهجير سكان غزة، وهي الخطة التي تتوافق تماماً مع دعوات رسمية إسرائيلية سابقة لتهجير الفلسطينيين وإعادة الاستيطان في القطاع الساحلي. لكن الحقيقة تكمن في النظرة لموقع غزة الاستراتيجي وحقول الغاز في أعماق المياه الفلسطينية في البحر المتوسط.
وفي تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”، في 5 فبراير الجاري، كشفت مصادر أمريكية أن ترامب وصف غزة خلال محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأنها “منطقة عقارية من الدرجة الممتازة”، وحثه على التفكير في نوع الفنادق والمنتجعات التي يمكن إنشاؤها هناك.
وهذه التصريحات ليست بمعزل عن سياسة “إسرائيل” تجاه القطاع، إذ لطالما كانت تل أبيب تنظر إلى غزة على أنه عبء أمني، مع طموح طويل الأمد لإعادة تشكيل مستقبلها الجغرافي والسياسي بما يخدم مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية.
سيطرة ممتدة
ترامب لم يكتفِ بالتلميحات العقارية، بل صرّح في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض عقب اجتماعه مع رئيس حكومة الاحتلال (5 فبراير)، أن الولايات المتحدة ستتولى السيطرة على قطاع غزة، وتتوقع ملكية طويلة الأمد هناك.
وأضاف أن واشنطن ستتحمل مسؤولية إزالة القنابل غير المنفجرة، وتسوية المنطقة، وهدم المباني المدمرة، وتوفير فرص عمل للسكان الجدد. لكن الجانب الأكثر إثارة للجدل كان تصريحه بأن “غزة مليئة بالحطام، ويمكن نقل الغزيين إلى أماكن أخرى ليعيشوا بسلام”، ما يعكس رغبة في إفراغ القطاع بالكامل من سكانه.
ولم يكن استهداف غزة خلال السنوات الماضية مجرد تصعيد أمني، بل يحمل في طياته بُعداً اقتصادياً بالغ الأهمية، حيث تتمتع سواحل القطاع باحتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي. ووفقاً لتحقيق نشره موقع “موندويس”، فإن الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة لا يمكن فصلها عن المصالح الاقتصادية المتعلقة بالغاز، إذ تطمح “إسرائيل” إلى السيطرة على حقول الغاز قبالة سواحل القطاع، والتي كانت قد اكتُشفت أول مرة عام 1999 من قبل شركة “بريتش غاز”، وتعرف اليوم باسم “غزة مارين 1″ و”غزة مارين 2”.
الاحتلال الإسرائيلي يفرض سيطرة شبه كاملة على الموارد الطبيعية في غزة، مما يعيق أي محاولات فلسطينية للاستفادة منها. وتعتبر “إسرائيل” أن امتلاك هذه الحقول يشكل ورقة ضغط اقتصادية كبيرة، ليس فقط في سياق الهيمنة الإقليمية، بل أيضاً لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز وتعزيز صفقات التصدير مع الدول الأوروبية، التي تبحث عن بدائل للغاز الروسي منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.
موقع استثماري
وبحسب تقرير نشرته صحيفة “لوموند” الفرنسية، في 5 فبراير الجاري، فإن ترامب لا يهتم بالتاريخ المعقد للصراع في غزة، بل يرى المنطقة من منظور استثماري بحت، متجاهلاً معاناة السكان الذين تعرضوا لحصار استمر 17 عاماً.
وتضيف الصحيفة أن ترامب، كقطب عقاري سابق، يتعامل مع الأراضي الفلسطينية على أنها “موقع استثماري” يمكن إعادة تطويره بعد إزالة السكان، واصفة خطته بأنها “إعادة إعمار وفق معايير رجال الأعمال، وليس وفق القانون الدولي”.
أما صهره جاريد كوشنر، والذي كان مهندس ما يعرف بـ “صفقة القرن”، فقد تحدث صراحة عن “الإمكانيات العقارية الهائلة” للقطاع، بشرط أن يتم “تطهير المكان” من سكانه، مؤكداً أن تحويل غزة إلى منطقة سياحية ممكن فقط في حال تنفيذ خطة واسعة لترحيل سكانها.
وهذه ليست المرة الأولى التي تثار فيها مخططات تتعلق بغزة، فوفقاً لما نقلته صحيفة “الغارديان” البريطانية، كانت “إسرائيل” قد ناقشت مع السلطة الفلسطينية عام 2007 صفقة لشراء غاز غزة مقابل 4 مليارات دولار سنوياً، ولكن فوز حركة “حماس” في الانتخابات التشريعية حينها أدى إلى تعليق المشروع وفرض حصار مشدد على القطاع.
وفي 2022، أبرمت “إسرائيل” اتفاقاً تاريخياً مع لبنان بوساطة أمريكية لترسيم الحدود البحرية، والذي سمح لها بالتوسع في مشاريع الغاز دون تهديد قانوني. ويتضح أن الهدف المستقبلي يكمن في فرض سيطرة مماثلة على غزة، عبر تهجير سكانها وإعادة توظيف مواردها لمصلحة “إسرائيل”، وهو ما تؤكده التحركات السياسية الأخيرة، كما يرى مراقبون.