مقالات ورأى

معصوم مرزوق يكتب: الجد والحفيد والحلواني!

كان الصبي الذي عشق القراءة بنهم ، يسأل جده بإلحاح:

مين هو الحلواني اللي بني مصر ؟.

وكان الجد الذي تفرغ لمشاغباته خاصة بعد صلاة الجمعة التي كان دائما يصحبه فيها ، يحاول أن يجيبه ، بإجابات مختلفة ، يتذكر الفتي ( الذي صار شيخا ) منها ما يتعلق ” بأن السبب هو حلاوة مصر وجمالها ” ، وإجابات أخري لم تقنع ذلك الصبي الذي انتبه علي الدنيا كي يسأل .

لكنه لا ينسي حين صحبه الجد معه في لقاء مع اترابه من ذوي المعاش ، وكانوا يتحدثون،ويشربون الشاي والقهوة ويدخنون ، حين أشار إليه جده فجأة محدثا المجلس بأن هذا الطفل النجيب يسأل أسئلة ليس لها من مجيب ، وضرب أمثلة ومنها موضوع ” مصر والحلواني الذي بناها ” ..

ضجت قاعة الديوان بضحكات الشيوخ ، وعلق أحدهم وهو يقرص أذن الصبي :”اللي بني مصر مش حلواني ، وإنما تاجر دخان وحشيش

وضحكوا مرة أخري بإستثناء الجد الذي ضم الحفيد إلي صدره بإعتزاز ومودة لأنه يعرف مدي إعتزاز ذلك الصبي بكبريائه.

لم ينس الصبي أبدا ذلك التعليق الخشن ، ولم يكن يطيق رؤية ذلك الشيخ صاحب التعليق عندما كان يزور الجد .

وستمر السنون ، ويستدعي الحفيد هذه الرواية القديمة عندما سأله أحد أحفاد الأسرة نفس السؤال ، وجد نفسه يضحك ويغرق في الضحك ، وهو يقول مغمغما بأنفاسه المتقطعة :

“اللي بني مصر كان راجل صاحب مزاج ، علشان كده كلنا مبسوطين” .

ولم يعلق ذلك الحفيد ، ويبدو أنه اقتنع !.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى