أحزابمقالات ورأى

يوسف عبداللطيف يكتب: ياسر الهضيبي يكشف جوهر حزب الوفد وتحدياته ومستقبله السياسي

يمثل الحوار الذي دار مع النائب الدكتور ياسر الهضيبي في الحلقة الأخيرة من بودكاست “شباب مصر” لحظة مهمة وفارقة في المشهد السياسي المصري. يبرز هذا الحوار زوايا حساسة في فهم الحزب السياسي الأقدم والأكثر تأثيرًا في مصر، حزب الوفد.

يعبّر ياسر الهضيبي، سكرتير عام الحزب وأستاذ القانون الدستوري، عن رؤى مدهشة بشأن الدور التاريخي للحزب، وقوته في مواجهة الزمن، وكذلك العقبات التي تواجه الأحزاب السياسية في مصر اليوم.

تعكس كلماته شجاعة غير عادية، فهو لا يخجل من الحديث بصراحة عن نقاط الضعف والتحديات الكبيرة التي تهدد بقاء الحزب في مواجهة تآكل النظام الديمقراطي. من هنا تنبع قوة الحوار، إذ تتمازج بين النقد البناء والمدح الثابت لمواقف الحزب وقادته.

يتحدث ياسر الهضيبي عن حزب الوفد كأنه رمز خالد يعكس تطلعات المصريين ويمثل إرثًا تاريخيًا لا يمكن تجاوزه، ولكن في نفس الوقت لا يتردد في تسليط الضوء على مشكلة جوهرية تواجه الحزب وهي التمويل.

يشرح الهضيبي ببراعة كيف أن ضعف التمويل هو التحدي الأول الذي يواجه الوفد وكل الأحزاب الأخرى، مؤكدًا أن الدولة لا توفر دعمًا ماليًا كافيًا للأحزاب الصغيرة والمتوسطة، مما يقوض فرصها في المنافسة على الساحة السياسية.

يتناول أيضًا مسألة الديمقراطية داخل الأحزاب نفسها، مشددًا على أن الديمقراطية الحقيقية تبدأ من داخل الحزب وليس فقط في السياسات العامة.

يُظهر الهضيبي انفتاحًا نادرًا في الحديث عن دور البرلمان المصري ودور الوفد فيه. ينتقد بكل جرأة ضعف الدور الرقابي للبرلمان الحالي، وهو موقف لا يتبناه الكثيرون خوفًا من العواقب.

لكنه لا يتوقف عند النقد فقط، بل يعبر عن أمله بأن تشهد الفترة القادمة برلمانًا أقوى ومعارضة فعّالة قادرة على التصدي للتحديات السياسية والاقتصادية.

يذهب بعيدًا ليقارن هذا الوضع بما كان عليه الوفد في الماضي، حين كانت له رموز ضخمة وشخصيات سياسية لا تتردد في طرح البدائل وتنفيذها بجدارة.

يثير الحوار أيضًا موضوع الشباب والمرأة، وهي نقطة أخرى يعبر فيها الهضيبي عن تقديره الشديد لدور الشباب في الحزب.

يعبر عن مدى اهتمام الوفد بتمكين الشباب والمرأة، ويوضح كيف أن الحزب يسعى جاهدًا لخلق قنوات تواصل مباشرة مع الجيل الجديد، وهو ما تجلى في اتحاد الشباب الوفدي ولجنة الشباب النوعية.

يستعرض الهضيبي بفخر الأرقام والإنجازات التي حققها الوفد في هذه المجالات، مثل الفعالية التي استضافتها أسيوط والتي شهدت مشاركة مكثفة من النساء.

يمتدح الهضيبي أيضًا الإعلام، ولكن لا يخلو حديثه من التحذير من التحيزات الإعلامية. يرى أن الإعلام المصري يلعب دورًا كبيرًا في تشكيل الرأي العام، لكنه يحتاج إلى مزيد من الحيادية والموضوعية ليعكس صورة حقيقية عن الحياة السياسية في مصر.

في حديثه عن الانتخابات البرلمانية المقبلة في 2025، يعرب الهضيبي عن تفاؤله بأن حزب الوفد سيكون في طليعة المشهد السياسي.

يوضح أن الحزب يستعد بجدية لهذه الانتخابات، ويؤكد على أن التجارب الانتخابية السابقة، سواء في 2005 أو 2024، قد منحت الحزب دروسًا ثمينة، وأن الحزب الآن أكثر استعدادًا من أي وقت مضى لمواجهة التحديات السياسية المقبلة.

الحوار مع ياسر الهضيبي كان بالفعل حوارًا جريئًا وصريحًا إلى أقصى الحدود. لم يقتصر الهضيبي على تقديم صورة مثالية لحزب الوفد، بل تطرق إلى مكامن القوة والضعف على حد سواء، كاشفًا عن أزمات التمويل وغياب العدالة الحزبية، ومسلطًا الضوء على دور الشباب والمرأة، ومعبرًا عن قلقه من ضعف الرقابة البرلمانية.

كل هذه النقاط تجعلنا ندرك أن حزب الوفد، رغم تاريخه العريق، لا يزال يواجه تحديات كبيرة، لكنه أيضًا يملك الإمكانيات والرؤية التي تؤهله للصمود والتطور.

تحليل الهضيبي لم يكن مجرد كلمات عابرة، بل يعبر عن رؤية عميقة ومستقبلية لحزب الوفد ولمصر بشكل عام.

المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى