مقالات ورأى

إسلام الغمري: مخطط التهجير القسري من غزة إلى سيناء.. الأخطار والسبل العملية لإفشاله

يعود الحديث مجددًا عن مخطط التهجير القسري لسكان قطاع غزة، والذي طرحه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مقترحًا نقل الفلسطينيين إلى سيناء تحت ذريعة إعادة الإعمار. هذا الطرح ليس جديدًا، بل هو امتداد لسياسات صهيونية قديمة تهدف إلى تفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها، وتحويل القضية الفلسطينية من صراع تحرري إلى مجرد أزمة إنسانية.

لكن هذه المؤامرة لا تستهدف الفلسطينيين وحدهم، بل تهدد أيضًا الأمن القومي المصري، وتمثل خطرًا استراتيجيًا على المنطقة برمتها. فكيف نتصدى لهذا المخطط؟ وما هي مخاطره على فلسطين ومصر؟ وكيف يمكن توحيد الجهود الرسمية والشعبية لإفشاله؟

مخاطر التهجير على القضية الفلسطينية
1. تصعيد سياسة التطهير العرقي: يهدف المخطط إلى إفراغ غزة من سكانها، وهو امتداد لنهج التطهير العرقي الذي تمارسه إسرائيل منذ النكبة عام 1948.
2. إجهاض أي حل سياسي للقضية الفلسطينية: يهدف التهجير إلى تصفية القضية الفلسطينية بجعل الأرض خالية من سكانها، مما يسهل ضمها بشكل كامل إلى الاحتلال.
3. إلغاء حق العودة: تهجير الفلسطينيين إلى سيناء أو أي مكان آخر يعني دفن حق العودة، وتحويل اللاجئين إلى مشكلة دائمة دون أفق للحل.
4. إعادة إنتاج نكبة جديدة: كما حدث في 1948، فإن تهجير سكان غزة سيخلق كارثة إنسانية وسياسية جديدة، تدفع الفلسطينيين إلى العيش في مخيمات مؤقتة لا تتحول أبدًا إلى وطن حقيقي.

المخاطر على الأمن القومي المصري


1. تهديد سيادة مصر على سيناء: استيعاب مئات الآلاف أو الملايين من الفلسطينيين في سيناء قد يخلق واقعًا جديدًا يدفع نحو تدويل القضية، مما يعرض سيناء لمخاطر تقسيم محتملة.
2. زعزعة الاستقرار الداخلي: أي تحرك لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء سيؤدي إلى حالة من الاضطراب الداخلي، وسيخلق مشكلات أمنية واجتماعية قد تستغلها الجماعات المسلحة أو الأطراف الخارجية.
3. تحويل سيناء إلى ساحة صراع دائم: بدلاً من إنهاء القضية الفلسطينية، سيخلق هذا المخطط بؤرة توتر جديدة، حيث ستسعى إسرائيل إلى السيطرة على المزيد من الأراضي، وستصبح سيناء مركزًا لموجات صراع متجددة.
4. ضغوط دولية على مصر: قبول المخطط – ولو ضمنيًا – سيؤدي إلى ضغوط دولية هائلة على مصر للتعامل مع الفلسطينيين كلاجئين، مما قد يفتح الباب أمام تدخلات أجنبية في الشأن المصري.

كيف نتصدى لهذا المخطط؟

أولًا: الجهود الرسمية
• موقف مصري واضح وحاسم: يجب أن يكون هناك رفض قاطع من الدولة المصرية لأي حديث عن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وتأكيد أن سيناء أرض مصرية غير قابلة لأي تغييرات ديموغرافية أو سياسية.
• تحركات دبلوماسية دولية: ينبغي لمصر أن تقود تحركات دبلوماسية لرفض هذا المخطط، وإيضاح مخاطره على الأمن الإقليمي.
• دعم صمود غزة: بدلاً من الحديث عن تهجير السكان، يجب أن يكون هناك دعم عربي ودولي لإعادة إعمار غزة داخل أراضيها، مما يمنع إسرائيل من تحقيق أهدافها.

ثانيًا: الجهود الشعبية والمجتمعية
• إعلام شعبي تعبوي: لا بد من رفع مستوى الوعي لدى المصريين والفلسطينيين حول خطورة هذا المخطط، عبر وسائل الإعلام التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي.
• حراك شعبي عربي ودولي: تنظيم مظاهرات وفعاليات دولية رافضة للتهجير القسري، بالتنسيق مع منظمات حقوقية عالمية.
• دعم المقاومة الشعبية الفلسطينية: تعزيز صمود الفلسطينيين في غزة عبر دعم مادي ومعنوي، لمساعدتهم على البقاء على أرضهم.
• تنسيق الجهود بين القوى الوطنية: القوى السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني في مصر والعالم العربي يجب أن تنسق جهودها لخلق موقف شعبي موحد ضد هذا المخطط.

الخاتمة

مخطط تهجير سكان غزة إلى سيناء ليس مجرد فكرة عابرة، بل هو مشروع قديم متجدد يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتهديد الأمن القومي المصري. التصدي لهذا المخطط يتطلب موقفًا سياسيًا حاسمًا من الدولة المصرية، وحراكًا شعبيًا وإعلاميًا مستمرًا، إضافة إلى تعزيز صمود الفلسطينيين في غزة.

القضية الفلسطينية ليست مجرد أزمة إنسانية، بل هي صراع تحرري ضد الاحتلال. ومن واجب الأمة كلها أن تكون في صف المقاومة والصمود، لا في صف التهجير والاستسلام.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى