مقالات ورأى

هلال عبدالحميد يكتب: قانون التصالح ( الصلح مش خير ) !

أتابع عن قرب تطبيق قانون التصالح في مخالفات البناء، ومشكلاته على الأرض. واشتركت في عدة مجموعات خاصة بقانون التصالح على الفيس بوك. فمنذ إصداره في المرة الأولى تحت رقم ١٧ لسنة ٢٠١٩، ومرورًا بالقانون رقم 1 لسنة 2020، وحتى آخر قانون للتصالح تحت رقم 187 لسنة 2023.

وبمتابعة شكاوى أعضاء مجموعات التواصل الاجتماعي لم تفلح كل هذه التعديلات في حل مشكلات المتقدمين للتصالح، جميعهم يشعرون بالندم لأنهم تقدموا بطلبات التصالح، ويعتقدون أن كل هذه القوانين كانت مجرد مصيدة لتقليب جيوبهم، والاستيلاء على أموالهم دون فائدة تذكر.

فالغالبية العظمى من الطلبات تمر بتعقيدات لا حدود لها، وفي كل مرحلة يدفع المتقدمون مبالغ طائلة، ويطالبون برسوم قيود ارتفاع، ودفع رسوم تحسين لم ترد مطلقًا في القانون، وتستغل الوحدات المحلية حاجة المواطنين لإنهاء ملفاتهم للحصول على أموال طائلة تحت مسميات مختلفة
وحتى من نجا وحصل على نموذج (10 ) وهو بمثابة النموذج الأخير حسب القانونين السابقين أو النموذج (8) حسب القانون الأخير فإن هذه النماذج كما هو شائع على كل المجموعات – التي تصل لمئات الآلاف من الأعضاء – لا قيمة عملية لها.

فعندما يسأل سائل عبر إحدي المجموعات عما يفعله بعد أن حصل على نموذج (8) أو (10) تأتيه مباشرة مئات الردود المتشابه: ( بله واشرب ميته – حطه في الدرج واقرا عليه الفاتحة )

ثم يبدأ الأعضاء في شرح تجاربهم :
• أنا حصلت على نموذج (8) وحاولت أخد خطاب الحي علشان اركب المرافق، ولا عرفت.
• ويقول ثانٍ: حصلت على نموذج (10) وحاولت أعمل رخصة علشان أصب السقف ومش راضيين
• ويقول ثالث : طلبوا مني رسوم تحسين على كل متر مبلغ كذا وأنا معدش معايا أدفع
• ورابع : فارضين رسوم قيود ارتفاع خيالية وأحنا وقعنا في المصيدة ومحدش سما علينا
وهكذا عبر تعليقات كثير ومحبطة ومتشائمة، وجميعها تنعي حظها الأسود وأنهم لم يستفيدوا شيئًا غير تقليبهم

تجربتي

كنت بنيت منذ أكثر من 20 سنة مزرعة دجاج في أرض زراعية، وهي بمثابة استثمار زراعي ولا يعد بأي منطق اعتداء على الأراضي الزراعية وتم تحرير محضر تبويروالبناء على أراضٍ زراعية وبرأتني المحكمة من هذه التهمة الجائرة
وعندما صدر قانون التصالح تقدمت في 16-12-2019بطلب، ودفعت الرسوم المقررة لجدية التصالح وكنت قد حررت توكيلًا لمهندسة لتقوم بعملية تقديم الطلب ومتابعته، ولم يتحرك الطلب وبعد الحاح مني قالوا إنه تم رفضه .

• ليه ؟!
• لا أحد

أنشأت حسابًا على موقع ( بوابة خدمات المحليات ) التابع لوزارة التنمية المحلية، وبدأت البحث عن الطلب فوجدت أنه تم تقديمه وتم دفع الرسوم ثم تم الرفض وحاولت عن طريق الموقع معرفة سبب الرفض دون جدوى

تقدمت المهندسة بطلب جديد وبرسوم جديدة ووجدت كل ذلك مثبتًا بحسابي على موقع خدمات البوابة وذلم بتاريخ 6-8-2020 ولكنني لم أشاهد أية اجراءات على الطلب

عندما توجهت لمجلس المدينة وجدتهم لا يعرفون أي شيء عن القانون الجديد وطلبوا مني دفع رسوم جديدة وعمل طلب جديد – القانون الجديد يعتبر الرسوم القديمة سارية ولكن ما علينا، فدفعت بالتي هي أحسن – وكتب لي في ايصال الدفع :
اسم الخدمة : التصالح عن بعض المخالفات وتقنين الأوضاع قانون 187 لسنة 2023 ( لأول مرة مرفوض على قانون 17 ) مرة تانية سألت : طب ليه مرفوض ؟!
ولا إجابة !!
وهكذا يدور المواطنون جميعًا في ساقية قوانين الحكومة للتصالح.

وأحد المواطنين اشتكى لنائبة مركزه أنه حصل على نموذج (8) ويحاول الحصول على خطاب المرافق، ومجلس المدينة لا يوافق، النائبة هاتفت المسئولين بوزارة التنمية المحلية: وكانت الإجابة : ازاي من حقه ياخد جواب!!

ولكن المجلس مصر على موقفة الرافض، فذهب المواطن للنيابة الإدارية التي استدعت المسئولين بالمجلس وافهمتهم أنه من حقه الحصول على خطاب لتوصيل المرافق

ولكن مجلس المدينة راسه وألف سيف ما يدي المواطن خطاب المرافق

على الرغم من كل هذه السنوات، وتلك التعديلات،إلا إن المواطنين الذين تقدموا لطلب التصالح في مخالفات البناء على القانون (17)لسنة 2109 بلغ 2،9 مليون طلب حسب تصريحات الوزيرة . والتي أضافت أن ما تم انجازه منها بلغ 500 ألف طلب
المصري اليوم

لكن الوزيرة لم تقل عدد الطلبات التي قٌبلت، وما تم فيها، بينما قالت أن عدد المتقدمين على القانون الجديد (187) لسنة 2023 وصل لـ 600 ألف

بينما يقول النائب إيهاب منصضور رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي خلال إحدى الندوات نهاية ديسمبر الماضي : إن قانون التصالح تعرض لفشل كبير, وان ما انهو الاجراءات لم يزد عن 4% وبعد تيسيرات القانون الجديد وصلت النسبة لـ 8% وتبقى 92% بعد مرور خمس سنوات ونصف على إصدار القانون

وتواصل وزارة التنمية المحلية بوزيرتها الجديدة دكتورة منال عوض منذ أن تولت منصبها في 4 يونيو 2024 المضي قدمًا في حملتًها الإعلانية عبر الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية (قانون التصالح الجديد : الصلح خير ) !

ولكن الحقيقة المرة التي يقولها المتقدمون للتصالح, وحتى الحاصلين عليه يقول لسان حالهم وعبر مواقع التواصل الاجتماعي ( الصلح مش خير، الصلح فيه سم قاتل ).

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى