استمتعت بقراءة مقال بعنوان مسرحية “إمبراطورية اللصوص وسقوط أقنعة الفساد“، المنشورة على موقع “أخبار الغد”، وأعجبتني شخصية “الكبير أوى”، و هو “الرجل الذي لم يتردد في اتخاذ القرار الجريء بإقالة جميع هؤلاء الفاسدين دفعة واحدة فورًا،
وأحال جميع المتورطين إلى محاكمة عاجلة .. كانت تلك اللحظة، رغم أنها جاءت متأخرة، أشبه بانفجار العدالة وسط احتفالات الشعب، لحظة الفرح الحقيقي بعد سنوات من الظلم والانهيار الأخلاقي .. الحلم كان واضحا و المشهد مكشوف”.
ذكرتني المسرحية بمصطلح قرأته منذ فترة على منصة Harvard Business Review بعنوان “الفيــل في الغرفة” و الذى يتداوله علماء الإدارة العامة، لكن : ماذا يعنى “الفيـل فى الغرفـة” ؟
مصطلح مجازى يشير إلى إشكالية إدارية صعبة، او مثيرة للجدل لا يريد أحد التحدث عنها، أو مناقشتها، بسبب أن الخوض فيها أمر غير مريح أو محرج، ويتم عوضا عن ذلك تجاهل المشكلة !!
يسبب تجاهل حالة “الفيل في الغرفة” – ضمن الهيئات الحكومية-بقائها داخل الغرفة لمدة طويلة جدا، و تثبيط عزيمة الموظفين، و انخفاض الإنتاجية، و ُينظر بموجبها للسلطة المختصة على إنها ضعيفة و غير فعالة، و تفتقر إلى المهارات القيادية في حال بقاء “الفيل” دون إخراجه من الغرفـة !!.
وهو الأمر الذى يسبب استشراء الفساد المالي و الإداري .. و المحزن في الامر – أيضا – أن بقاء الفيل في الغرفة يعرض الموظفين الشرفاء إلى الضغــوط و التوتر .. و يسبب لهم الاكتئاب؛ و هو ما ينعكس سلبا على عملهم ..
تذكرنا المسرحية بأهمية الثقافة – والتي قال عنها الفيلسوف هربرت ماركيوز – “لا قيمة لها إلا إذا كشفت الفارق بين الواقع كما هو كائن، وبين ضرورة تغيير هذا الواقع إلى الأفضل، أي إلى ما يجب أن يكون“.
تذكرنا المسرحية بتساؤل المهندس إبراهيم محرم ، الرئيس الأسبق لجهاز بناء وتنمية القرية : “إن الصعيد بحاجة إلى تنمية ثقافية تركز على تشخيص المشاكل التي أعاقت التنمية ومعالجتها بصورة مناسبة، وبحث لماذا الصعيد أكثر عصبية وتصلباً تجاه تقبل الجديد ؟
ولماذا ما يزال العرف أقوى من القانون .. وكلها تساؤلات تلعب التنمية الثقافية دورا هاما لعلاجها”.
بالمجمل فإن المسرحية، تؤكد على حقيقة هامة وهى :
أن أي ثقافة لا ترتقى بفكر و إنسانية صاحبها، ولا تمنحه سلوكا محترما في التعامل مع مخالفيه؛ فليس له من الثقافة و لا من الإدارة نصيب !!
و السؤال الهام:
هل يجرؤ “الكبير أوى” على إخراج بقية الأفيال من الغرفة؟