تقاريرحقوق وحريات

مصر ترفض الضغوط الدولية بشأن حقوق الإنسان وتتمسك بعقوبة الإعدام في مواجهة التحديات

أعلنت الحكومة المصرية عن استعدادها لقبول غالبية توصيات الدول المشاركة في المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان بجنيف فيما عدا بعض القضايا الحساسة التي تثير جدلاً داخلياً ودولياً.

أكدت مصر التزامها الكامل بالتنسيق مع الدستور والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان لتحقيق تقدم ملحوظ في هذا الملف، الذي يمثل تحدياً على مستوى الداخل والخارج.

أشارت وزارة الشئون النيابية والقانونية المصرية بقيادة المستشار محمود فوزي إلى أن الدولة المصرية مستعدة لقبول معظم التوصيات التي تتماشى مع ثقافتها وتقاليدها.

جاء هذا الموقف الحاسم في وقت تتعرض فيه مصر لضغوط دولية متزايدة لإلغاء عقوبة الإعدام. أصر المستشار على أن هذه القضية لها أبعاد دستورية وتشريعية وثقافية لا يمكن تجاهلها أو التهاون فيها.

رفضت الحكومة المصرية بشدة الدعوات المتكررة من بعض الدول والمنظمات الدولية إلى وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، مؤكدة أن هذه العقوبة تتعلق بجوهر القصاص الدستوري والديني في البلاد. لم تترك مصر أي مجال للتشكيك في موقفها، حيث شددت على أن عقوبة الإعدام في البلاد لا تُستخدم بشكل موسع أو مفرط، بل تُطبق في حالات نادرة وبمعايير صارمة جداً.

شدد المستشار محمود فوزي على أن ضمانات عقوبة الإعدام في مصر قد بلغت مستويات عالية من الحذر والتدقيق. أوضح أن القوانين الجنائية المصرية تُقيّد بشكل كبير الجرائم التي تستوجب هذه العقوبة، مشيراً إلى أن تنفيذها يمر بسلسلة طويلة من الإجراءات والضمانات القانونية. تمثل هذه الإجراءات حماية حقيقية ضد أي تعسف في استخدام هذه العقوبة.

انتقدت مصر بشدة بعض التوصيات التي لا تتوافق مع الثقافة والمجتمع المصري، مثل توصيات إلغاء عقوبة الإعدام. أكد المسؤولون أن أي محاولة لفرض هذا النوع من التوصيات هو تدخل مباشر في شؤون السيادة المصرية ولن يكون محل قبول. يُعتبر هذا الملف واحداً من أكثر القضايا المثيرة للجدل التي تواجهها مصر على الساحة الدولية، إذ يُعدّ البعض أن عقوبة الإعدام تمثل انتهاكاً لحقوق الإنسان، بينما تؤكد مصر أنها جزء لا يتجزأ من منظومتها القضائية.

وفي إطار ردها على هذه الانتقادات، شددت مصر على أن حقوق الإنسان مسألة متعددة الأبعاد، ولا تقتصر فقط على الجوانب القانونية. أشار المسؤولون إلى أن مصر قد حققت تقدماً هائلاً في مجال حقوق الإنسان بشكل عام، وذلك من خلال تنفيذ إصلاحات شاملة في مختلف القطاعات. لم تكتفِ مصر بتطوير التشريعات، بل أطلقت أيضاً مجموعة من البرامج والمبادرات التي تهدف إلى تحسين حياة المواطنين وضمان حقوقهم.

تابعت الحكومة المصرية مساعيها لتعزيز حقوق الإنسان من خلال التركيز على قضايا مثل توفير السكن الملائم، وتحسين مستوى التعليم والصحة، وتعزيز حقوق المرأة والطفل، وهو ما أشاد به المجتمع الدولي. ومع ذلك، يبقى ملف عقوبة الإعدام واحداً من التحديات الكبرى التي تواجهها الدولة المصرية في تعاملها مع المجتمع الدولي.

أبرز الإعلام المصري بدوره التقدم الملحوظ الذي شهدته البلاد في مجال حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، مشيراً إلى الإنجازات التي تحققت تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي. أكد الإعلامي عمرو خليل أن مصر قد أحرزت تقدماً واضحاً في هذا المجال من خلال تنفيذ عدد من التوصيات الدولية. كما أشار إلى أن مصر قد قدمت 371 توصية في مراجعة حقوق الإنسان الثالثة في عام 2019، وتم تنفيذ 99% منها بشكل كلي أو جزئي، وهو ما يعكس التزام الحكومة المصرية بتحسين أوضاع حقوق الإنسان.

أوضحت الحكومة المصرية أن التوصيات المتعلقة بتحسين حياة المواطنين، وتطوير البنية التحتية، وتعزيز حقوق الفئات المهمشة كانت محل اهتمام خاص. عملت الحكومة على تنفيذ برامج شاملة تهدف إلى تحسين ظروف الحياة اليومية للمواطنين، وهو ما لاقى ترحيباً دولياً واسعاً.

رفضت الحكومة المصرية قبول التوصيات التي تتناقض مع المبادئ الدستورية والقانونية والدينية للبلاد. أكد المستشار محمود فوزي أن مصر تعمل بجدية لتحقيق توازن بين الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان وبين الحفاظ على قيمها وتقاليدها. أشار إلى أن هذه القضايا الشائكة تتطلب فهماً عميقاً للواقع المصري وأنه لا يمكن تبني سياسات تتعارض مع هذه القيم.

في الوقت نفسه، أكدت مصر على استعدادها الدائم للتعاون مع المجتمع الدولي في ملف حقوق الإنسان، إلا أنها حذرت من محاولات التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية. تعتبر مصر أن حقوق الإنسان ليست مسألة يمكن تناولها بشكل سطحي، بل تتطلب دراسة شاملة تراعي الفوارق الثقافية والدينية.

شددت مصر على أنها لن تقبل أي توصية تمس سيادتها أو تتعارض مع دستورها، وأن ملف حقوق الإنسان سيظل جزءاً من السياسات الداخلية التي تعمل الدولة على تطويرها بما يتماشى مع احتياجات شعبها ومصالحها الوطنية.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى