تأجيل الاحتلال الإفراج عن الأسرى: محاولة فاشلة لترميم الصورة المهزومة
في تحليلٍ معمق للأوضاع الراهنة، رأى كُتاب ومحللون أن تأخير الإفراج عن الأسرى يعد بمثابة فشل واضح، يعكس واقع المشهد الحالي في المنطقة.
أفاد المحللون أن الاحتلال الإسرائيلي عمد إلى وضع عوائق ومماطلة خلال تنفيذ صفقة تحرير الأسرى، مما يضاعف من الإحباط لدى القيادة الإسرائيلية، ويشير إلى عدم قدرتهم على مواجهة التحديات المتزايدة. كما اعتبروا أن مثل هذه الخطوات لا تعدو كونها محاولات يائسة لترميم صورة حكومة نتنياهو أمام المجتمع الإسرائيلي، وهي محاولات تفتقر إلى الجدوى الفعلية.
وأشار المحللون إلى أن هذه الإجراءات تؤثر سلباً على ثقة الجمهور الإسرائيلي في قدرة الحكومة على اتخاذ خطوات جادة وفعّالة في قضايا تتعلق بالأسرى والمفاوضات. وأكدوا أن الشارع الإسرائيلي يراقب هذه الأحداث بقلق، مع تعزيز الشعور بأن الحكومة الحالية تفتقر إلى استراتيجية واضحة وشاملة لمعالجة الملفات الحساسة.
وأشار المحللون إلى أن تعمد الاحتلال وضع العوائق والمماطلة خلال تنفيذ صفقة تحرير الأسرى يعكس إحباط نتنياهو وحكومته في مواجهة التحديات الراهنة. حيث يعتبر الكثيرون أن هذه الخطوات ليست سوى محاولات يائسة لترميم صورتهم أمام المجتمع الإسرائيلي، دون جدوى.
ولفت الكاتب السياسي والمحاضر الجامعي، فريد أبو ظهير، إلى أن القيادة الإسرائيلية، وتحديدا رئيس وزرائها، تشعر بغيظ شديد من المشاهد التي تخرج من غزة. وقال: “الصور التي تُظهر المسلحين من فصائل المقاومة، بالإضافة إلى سيناريو تسليم الأسرى الإسرائيليين، وحشود الجماهير التي كانت حاضرة، تشكل صدمة حقيقية. هذا ما يشير له الشارع الإسرائيلي، وخاصة القيادات السياسية.”
وأشار أبو ظهير أيضاً إلى أن أعداد النازحين من الجنوب إلى الشمال، والتي وصلت إلى مئات الآلاف، تشكل دليلاً على مدى تأثير الوضع الحالي على المجتمع الإسرائيلي، مما يزيد من ضغوطات على الحكومة الحالية ويعكس الفشل في إدارة الأزمات.
ونبه أبو ظهير الى ان قادة الاحتلال يشعرون بأنهم عاجزون عن الرد على هذه المظاهر التي تهدف إلى التأكيد على أن جيش الاحتلال لم يحقق أهدافه في الحرب خلال الخمسة عشر شهرا الماضية.
ويرى أبو ظهير بان مصدر هذا العج هو توقيع الاتفاق بعد أشهر طويلة من الحوار والتفاوض، ووجود ضامنين للاتفاق، وتحت ضغط إدارة ترامب التي لن تتساهل مع أي خرق لهذا الاتفاق.
وأكمل: “لذلك، يبحث قادة الاحتلال عن ذرائع، وحتى لو كانت ذرائع واهية، للرد على الفعل الذي يخرج من قطاع غزة ، ويدرك الاحتلال الإسرائيلي أنه لن يستطيع خرق الاتفاق، ولن يستطيع وضع عراقيل جدية تؤدي إلى إفشال الصفقة للأسباب التي ذكرناها آنفا. .
كما ان الاحتلال وبحسب أبو ظهير يسعى للتنغيص على الفلسطينيين من جهة، والضغط للحصول على شروط أفضل فيما يتعلق بالتفاصيل من جهة ثانية، ومحاول تخفيف الصدمة عن الجمهور الإسرائيلي من جهة ثالثة.
ويحاول الاحتلال من خلال هذه الأفعال، السعي لتكريس الصورة المشوهة التي عمل على مدار خمسة عشر شهرا على وصم المقاومة الفلسطينية بها، وهي صورة الهمجية والإرهاب، لتاتي النتيجة عكسية فقد أظهرت المشاهد التي خرجت من غزة بأن هؤلاء المقاومين هم أناس منظمون وأقوياء، وأنهم يتعاملون مع الأسرى الإسرائيليين بكل إنسانية وأخلاق.
بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي عزام ابو العدس بان ما تقوم به حكومة الاحتلال من وضع لمنغصات في كل مرة يتم تنفيذ فيها مرحلة من مراحل الصفقة يعبر عن حاله الجنون والتخبط التي تعيشها تلك الحكومة بفعل مشهد النصر الذي حققته المقاومة والقدرة الفائقة على إخراج الصفقة بهذا الزخم الإعلامي والتحضير الذي لم يخطر على بال أحد.
وأكد ابو العدس بان تلك المحاولات والمناقصات لم تفلح بأي حال من الأحوال بنفي صورة مشهد السعادة والفرحة الذي ينتاب المجتمع الفلسطيني أو يفلح في تركيع المقاومة الفلسطينية وارغامها على التراجع عن مشاهد تحرير الأسرى والاحتفال ضمن بروتوكولات معينه في قطاع غزه.
وعلى العكس مضايق تماما يقول ابو العدس:” فان ما يقوم به الاحتلال يزيد من زخم الحالة ويؤكد على اصطفاف الشعب الفلسطيني وراء المقاومة ونهجها وتأييده لهذه الصفقة التي حررت المئات من أبناء شعبه من السجون بعد أن فشلت السياسة في ذلك”.
وبعد تلكؤ من قبل الاحتلال والتهديد بوضع العراقيل، أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الخميس، عن 110 أسرى فلسطينيين ضمن الدفعة الثالثة من المرحلة الأولى لصفقة تبادل الأسرى مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وذلك في إطار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة،.
وجاء الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين مقابل إطلاق سراح ثلاثة أسرى “إسرائيليين” في غزة، وهم أربيل يهودا، وآجام بيرغر، وجادي موشي موزسس، بالإضافة إلى خمسة محتجزين تايلنديين.
وشهدت عملية الإفراج توتراً ميدانياً، حيث اندلعت مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في محيط سجن “عوفر” غربي رام الله، عقب مغادرة حافلتين تقلان الأسرى المفرج عنهم. وأطلقت قوات الاحتلال قنابل الغاز المسيل للدموع تجاه الفلسطينيين الذين احتشدوا لاستقبال الأسرى، في محاولة لتفريق التجمعات.
واحتشد آلاف الفلسطينيين في مجمع رام الله الترويحي للاحتفال بعودة الأسرى المحررين، برغم التشديدات الأمنية. كما وصلت مجموعة من الأسرى المقدسيين إلى منازلهم وسط إجراءات أمنية مشددة من قبل قوات الاحتلال. وفي قطاع غزة، أفاد مراسل الجزيرة بوصول تسعة من الأسرى المحررين ضمن هذه الدفعة.
من جانبها، أكدت حركة “حماس”، في بيان لها اليوم، أن الاستقبال الجماهيري الحاشد للأسرى المحررين، رغم محاولات الاحتلال التنكيل بعائلاتهم، يؤكد أن “قضية الأسرى تمثل خطًا أحمر بالنسبة للشعب الفلسطيني”.
وكان رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أعلن الأربعاء 15 كانون ثاني/يناير الجاري، التوصل رسميا لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وجاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده رئيس الوزراء القطري بالعاصمة الدوحة، بعد وقت قصير من إعلان “حماس” تسليم وفدها الوسطاء القطريين والمصريين موافقتها على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وقالت “حماس” من جانبها، إن “اتفاق وقف إطلاق النار هو ثمرة الصمود الأسطوري لشعبنا الفلسطيني العظيم ومقاومتنا الباسلة في قطاع غزة، على مدار أكثر من 15 شهرا”.