الأونروا: خطر احتلال مقرها في حي الشيخ جراح بالقدس خلال أيام
حذر متحدث وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، جوناثان فاولر، من أن قوات الاحتلال الإسرائيلية قد تستولي على مقر الوكالة في حي الشيخ جراح بالقدس خلال الأيام القليلة المقبلة، مما يهدد سلامة الموظفين والعمليات الحيوية في المنطقة.
وأوضح فاولر في حديثه مع الأناضول أنه تم اتخاذ القرار بنقل الموظفين الدوليين البالغ عددهم حوالي 40 موظفًا، حيث انتهت تأشيراتهم اليوم. وأشار إلى أن وكالة “الأونروا” تعمل من خلال عقد إيجار مستمر منذ عام 1951، وأن تغيير السيطرة السياسية لا يؤثر على هذا العقد. وأكد ضرورة إخلاء المقر في ضوء احتمال حدوث أعمال عنف أو تصعيد يوم الخميس المقبل.
وبالإضافة إلى ذلك، لفت فاولر إلى أن الأنشطة التعليمية ستتوقف حتى الأحد المقبل لأسباب أمنية، في حين ستظل العيادات الطبية مفتوحة قدر الإمكان لضمان تقديم الرعاية الطبية اللازمة للاجئين. وأضاف أن الوكالة قد تمكنت من توفير الغذاء لأكثر من مليون شخص في غزة خلال الأيام الثلاثة الأولى من وقف النار، محذرًا من أن انهيار هذه العمليات قد يؤدي إلى كابوس إنساني.
وقال فاولر: “نحن وكالة اللاجئين الفلسطينيين، وإذا لم نتمكن من العمل بشكل فعال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فماذا يُفترض بنا أن نفعل؟.”
وتستعد الوكالة لوقف عملياتها في مقرها، مع دخول الحظر الإسرائيلي للأونروا حيز التنفيذ الخميس، ما يعني حرمان عشرات آلاف اللاجئين الفلسطينيين من خدمات بينها التعليم والرعاية الصحية.
ووصف فاولر، خلال مقابلة مع الأناضول في مقر الوكالة، حظر إسرائيل عمل الأونروا بأنه “غير مقبول على الإطلاق لأي سبب، على الأقل بحسب القانون الدولي”.
وسيكون من شأن تنفيذ قوانين أقرها الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي قبل 3 أشهر، تقويض عمل الوكالة الأممية في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتزعم إسرائيل أن موظفين لدى الأونروا شاركوا في هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وهو ما نفته الوكالة، وأكدت الأمم المتحدة التزام الأونروا بالحياد، وتتمسك باستمرار عملها، وترفض الحظر الإسرائيلي.
وضمن الاستعدادات لإخلاء المقر، قال فاولر إن الوكالة أرسلت مركباتها ومعداتها إلى الضفة الغربية المحتلة ونقلت وثائقها المرقمنة إلى الأردن.
وأكد أن قرار إسرائيل حظر عمل الأونروا وإخلاء مقرها يؤثر سلبا على عمل الوكالة، ليس في القدس الشرقية فحسب، بل أيضا بالضفة الغربية وقطاع غزة.
وتعاظمت حاجة الفلسطينيين إلى الأونروا، أكبر منظمة إنسانية دولية، تحت وطأة حرب إبادة جماعية شنتها إسرائيل بدعم أمريكي على قطاع غزة لمدة أكثر من 15 شهرا.
وفيما يلي نص المقابلة مع متحدث الأونروا:
** إسرائيل قررت أن تغادروا المقر غدا الخميس. فما خطتكم؟
لا يمكن أن نعرض موظفينا ومرافقنا، بما في ذلك الوثائق والمواد وكل ما لدينا، للخطر لأن هناك احتمالا حقيقيا جدا لحدوث شيء سيىء هنا الخميس.
أحد نواب عمدة القدس دعا إلى مظاهرات خارج المبنى للاحتفال بطرد الأونروا، وهذه نفس الحركات التي نظمت مظاهرات العام الماضي وتحولت إلى أعمال عنف، وحاولوا تحطيم البوابة وإشعال النار في المجمع. لذا، هناك خطر حقيقي جدا.
نتيجة للقانون الذي مرره الكنيست، نهاية أكتوبر 2024 (حظر عمل الأونروا)، نعلم أنهم يسعون صراحة إلى حظر عملياتنا في القدس الشرقية.
وبالطبع، هذا غير مقبول على الإطلاق لأي سبب، على الأقل بحسب القانون الدولي.
هذا المجمع محمي دبلوماسيا، بغض النظر عما إذا كان تابعا للأونروا أم لا، ونعلم أن السلطات الإسرائيلية أعلنت خططا لبناء مساكن (وحدات استيطانية) ومرافق تسوق في هذا المجمع.
لذا، هناك خطر حقيقي للغاية من حدوث شيء ما، ولهذا السبب اضطررنا مثلا إلى إرسال مركباتنا إلى الضفة الغربية.
ونقلنا أشياء مثل الطابعات والماسحات الضوئية و(غيرها من) الأشياء التي نحتاجها لنتمكن من أداء عملنا في مكان ما.
كما نقلنا الوثائق، قمنا برقمنة أرشيفاتنا لسنوات عديدة، وهذا (الإخلاء المرتقب) أدى إلى تسريع عملية الرقمنة.
نقلنا الوثائق إلى (العاصمة الأردنية) عمَّان للتخزين الآمن والرقمنة، ومزقنا وثائق أخرى لم تعد هناك حاجة إليها.
وهناك خطر حقيقي للغاية من أن يتم الاستيلاء على هذا المجمع (المقر) خلال أيام.
** ولمَن تعود ملكية الأرض المقام عليها مقر الأونروا في القدس؟
نحن هنا منذ 1951، الأرض مستأجرة من الأردن. إنه أمر معقد، لكن لدينا كل الحق في أن نكون هنا، على الرغم مما قاله المسؤولون الإسرائيليون.
لدينا عقد إيجار ساري المفعول، ولم يتبدل شيء مع تغيير السيطرة السياسية (احتلال إسرائيل للقدس).
(يتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية، التي لا تعترف باحتلال إسرائيل المدينة عام 1967 ولا بضمها إليها في 1981)
** كم موظفا في مقر القدس؟
إنه المقر الرئيسي لمكتبنا الميداني في الضفة الغربية. الخدمات القانونية والاتصالات والعلاقات الخارجية لديها موظفون هنا. ومقرنا الرئيسي الآن في عمان بالأردن.
لدينا مشكلة منذ بداية الحرب في غزة، فمعظم موظفينا يأتون للعمل في المكتب من الضفة الغربية، وقد مُنعوا من دخول الأراضي الإسرائيلية، رغم أنها أراض محتلة في نظر القانون الدولي.
لذلك كان علينا التكيف للعمل عن بعد والعمل في مواقع أخرى داخل الضفة الغربية. الموظفون الذين يعملون هنا كانوا نحو ثلث عدد موظفينا العاديين. لدينا حوالي 400 أو 450 موظفا.
واعتبارا من الغد (اليوم الأربعاء)، سيجب على جميع الموظفين الدوليين المغادرة، ونحن أقلية من الموظفين، نحو 40 شخصا؛ لأن السلطات الإسرائيلية قامت بتقصير مدة تأشيراتنا لتنتهي غدا (اليوم الأربعاء). لذا، سنغادر.
أما الموظفون المحليون في المجمع فيحملون هوية القدس، لذا هم قادرون على التحرك.
لكن السؤال هو، ماذا سيفعلون؟ حسنا، لا يمكنهم القدوم إلى المكتب، فلن يكون آمنا، لذا، سيتعين عليهم العمل من المنزل.
لكننا ما زلنا لا نفهم كيف سيتم تطبيق القانون (الحظر) فعليا. فهل سيتمكنون من العمل بأمان حتى من المنزل؟ لا نعرف ذلك بعد. وغياب الوضوح يجعل الأمر غير مقبول على الإطلاق.
** في القدس الشرقية لديكم هذا المبنى وتوجد عيادة بالبلدة القديمة ومدرسة في كفر عقب فهل ستخلون العيادة والمدرسة أيضا؟
لأسباب أمنية، سيتم إغلاق المدارس والمرافق التعليمية حتى الأحد (المقبل)؛ لأننا بحاجة إلى الحصول على فكرة أوضح عما سيحدث بالفعل.
وستظل العيادات تعمل بقدر ما تستطيع، فقد كلفتنا الجمعية العامة للأمم المتحدة بتقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين، ويجب أن نكون قادرين على مواصلة فعل ذلك، وسنحاول الاستمرار.
بالطبع يبدو أن عملياتنا في القدس مهددة بشدة. لدينا 70 ألف شخص يستفيدون من خدماتنا الطبية في القدس الشرقية. لدينا ما يزيد قليلا عن 1000 طالب في نظامنا التعليمي.
وبالنسبة إلى طلاب المدارس، وأيضا التدريب المهني، لا نعرف ماذا سيحدث لهم.
(تأسست الأونروا في 1949 بموجب تفويض من الجمعية العامة الأممية لتقديم الدعم الإغاثي والتعليم والصحة للاجئين الفلسطينيين في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، وقدمت منذ تأسيسها خدمات حيوية لنحو 5.7 ملايين لاجئ فلسطيني)
** بما أن تأشيراتكم ستنتهي فكيف يمكنكم العمل في الضفة الغربية وغزة؟
الموظفون الدوليون يشكلون أقلية كبيرة في الأونروا، لا نشكل سوى بضع مئات من العاملين مقارنة بثلاثين ألف شخص يعملون في الأونروا في مختلف أنحاء المنطقة. لذا، نحن لسنا محرك الأونروا.
ولكن، نعم، الحقيقة هي أن القانون الثاني الذي أقره البرلمان الإسرائيلي يحظر الاتصال بين المسؤولين الإسرائيليين والأونروا، وهناك العديد من السيناريوهات لما قد يعنيه هذا، ولا نعرف حقا ما هو السيناريو الأسوأ.
دعنا نقُل مثلا ماذا عن الموظفين المحليين في الضفة الغربية؟ هل يستطيع المعلمون وعمال الصرف الصحي عبور نقطة تفتيش (إسرائيلية) للذهاب إلى العمل؟ هذه الأشياء غير واضحة تماما.
ثم في غزة بالطبع. نحن أكبر منظمة إنسانية، نحن أكبر وكالة تابعة للأمم المتحدة تعمل في غزة. ولدينا 13 ألف موظف.
تمكنا من إدخال الغذاء لمليون شخص خلال الأيام الثلاثة الأولى من وقف إطلاق النار (الذي بدأ في 19 يناير/ كانون الثاني الجاري).
ماذا لو لم نتمكن من فعل ذلك؟ ستكون العملية غير مستدامة وستنهار. هذا سيناريو كابوسي تماما في الوقت الذي أصبح فيه من الممكن زيادة المساعدات إلى غزة. نحن في حالة عدم يقين تام في الوقت نحتاج فيه إلى يقين مطلق.
(خلّفت حرب الإبادة الإسرائيلية بغزة، بين 7 أكتوبر 2023 و19 يناير 2025، نحو 159 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، وأكثر من 14 ألف مفقود، وحوالي مليوني نازح من أصل 2.3 مليون فلسطيني، مع شح شديد متعمد في الغذاء والدواء).
** هل تعتقد أن العالم فشل في حماية الأونروا؟
كانت هناك كثير من الدعوات (لحماية الوكالة) وكثير من الدعم الصوتي، ولكن لم يكن هناك أي شعور بأن إسرائيل تنوي تجميد تنفيذ هذه القوانين أو حتى سحبها بالكامل.
وهذا ما يجب أن يحدث، فهذه القوانين تتعارض مع القانون الدولي، لذا فهو قانون ضد القانون (الدولي).
** يعتقد بعض الإسرائيليين أن هذه هي بداية نهاية الأونروا.. فما رأيكم؟
من الواضح أن هذا (الحظر) يجعل عملياتنا صعبة للغاية، وهذه ضربة كبيرة للوكالة.
** أخيرا هل سيتم نقل مكاتب العمليات في الضفة الغربية وربما غزة إلى الأردن؟
ننظر في سيناريوهات عديدة. وهذا في حد ذاته سيكون وضعا مأساويا، لأننا وكالة اللاجئين الفلسطينيين.
إذا لم نتمكن من العمل بشكل فعال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فماذا يفترض بنا أن نفعل؟! لا ينبغي لنا أن نكون في هذا الموقف.