تقاريرحقوق وحريات

توقف مصنع أبو قرقاص للسكر يفاقم أزمة صناعة السكر في مصر للعام الثاني على التوالي

شهد مصنع أبو قرقاص للسكر بالمنيا توقفًا جديدًا للمرة الثانية في أقل من عامين، وذلك بعد أسبوعين فقط من بدء تشغيله.

جاء هذا التوقف بقرار سياسي أثار الكثير من التساؤلات حول غياب الأسس الاقتصادية أو الدراسية المتأنية التي تدعمه. هذا القرار المتسرع أدى إلى تفاقم وضع المصنع الذي كان يواجه بالفعل تحديات كبيرة في عملياته الإنتاجية.

كشف العاملون داخل المصنع أن الكميات التي تم استلامها من القصب منذ بداية الموسم لم تتجاوز 40 ألف طن، وهو رقم ضئيل مقارنة بالقدرة التشغيلية للمصنع التي تصل إلى 750 ألف طن سنويًا.

في الماضي، كان المزارعون يوردون ما يقارب 950 ألف طن سنويًا من القصب إلى المصنع، ولكن تغيرات كبيرة حدثت في القطاع أدت إلى تراجع ملحوظ في التوريد.

اضطر العديد من المزارعين إلى التوجه نحو زراعة محاصيل أخرى أكثر اقتصادية وأقل استهلاكًا للمياه، وذلك بعد أن واجهوا تضييقات حكومية بشأن زراعة القصب.

استهلاك القصب كميات هائلة من المياه دفع الحكومة إلى تقليل الاعتماد عليه، ما جعل الفلاحين يبحثون عن بدائل تضمن لهم عائدات أفضل دون الضغط الناتج عن سياسات الحكومة.

اتجه صغار المزارعين إلى بيع محصول القصب لمصانع العسل الأسود بدلًا من توريده لمصانع السكر الحكومية. وجد هؤلاء المزارعون في هذا التحول فرصة لتحقيق مكاسب مالية أكبر،

حيث تقدم مصانع العسل الأسود أسعارًا مغرية تصل إلى 4 آلاف جنيه للطن، بينما تقدم الحكومة سعرًا أقل بكثير لا يتجاوز 2500 جنيه للطن، مما أدى إلى إحجامهم عن التعامل مع مصانع السكر.

أدى هذا التحول إلى تفاقم أزمة صناعة السكر في مصر بشكل عام. قامت العديد من المواقع والصحف المحلية بمحاولة نفي الأنباء المتعلقة بإغلاق مصنع أبو قرقاص، مؤكدة أن المصنع يعمل بشكل طبيعي.

ومع ذلك، أكدت مصادر من داخل شركة السكر الوطنية أن هناك أزمة حقيقية في القطاع، وأن مصر اضطرت لاستيراد أكثر من مليون طن من السكر هذا العام لسد العجز الناتج عن التراجع في إنتاج المصانع المحلية.

تراجعت عمليات مصنع أبو قرقاص على مدار السنوات الأربع عشرة الماضية بشكل ملحوظ، حتى وصل الأمر إلى أن المصنع عمل لمدة 10 أيام فقط في الموسم الأخير.

ولا يعتبر مصنع أبو قرقاص الوحيد المتأثر؛ مصنع نجع حمادي الذي كان يشغل في السابق أكثر من مليون و700 ألف طن سنويًا، شهد تراجعًا حادًا ليصل إنتاجه هذا العام إلى 850 ألف طن فقط. أما مصنع جرجا فقد استغل نصف طاقته الإنتاجية فقط هذا الموسم.

أكدت هذه الوقائع أن صناعة السكر في مصر تواجه تحديات كبيرة تهدد استمراريتها على المدى الطويل. تراجع الإنتاج بشكل ملحوظ، وزيادة الفجوة بين أسعار التوريد الحكومية والأسعار التي تقدمها مصانع العسل الأسود،

إضافة إلى أزمة الثقة بين المزارعين والحكومة، كلها عوامل تشير إلى أن هذه الصناعة بحاجة إلى إعادة تقييم شامل وسياسات جديدة تدعم الفلاحين وتعيد إحياء القطاع.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى