مقالات ورأى

يوسف عبداللطيف يكتب: والدي وطني وتربوي ترك بصمة خالدة في مجال التعليم

تلقيت نبأ وفاة والدي الحبيب، في يوم 23 يناير 2023، ذلك الرجل الذي لم يكن مجرد أب، بل كان رمزاً للعطاء الوطني والقيم التربوية النبيلة.

وقف شامخاً كرجل من رجالات التربية والتعليم، وشكّل قدوة للعديد من رجالات الدولة الذين نهلوا من حكمته وتوجيهاته. ترعرع على يده أجيال من الشخصيات التي اعتلت مناصب عليا في شتى المجالات، وكل منهم حمل في قلبه وفي عقله جزءاً من رؤية والدي الثاقبة ونصائحه التي لا تُنسى.

وتدرج في المناصب التعليمية والإدارية حتى وصل إلى منصب رئيس قطاع أسيوط بحري التعليمي، حيث ترك بصمة لا تمحى على نظام التعليم في المحافظةالقطاع الذي ترأسه.

استرجع تفاصيل ذلك اليوم المؤلم وكأن الوقت قد توقف عند لحظة سماع الخبر. شعرت وكأن العالم حولي خفت صوته، وشعر قلبي بالثقل الذي لم أختبره من قبل.

في هذه اللحظة، لم أفقد فقط والدي، بل فقدت عموداً من أعمدة التربية والتعليم، الرجل الذي لم يكن فقط ينقل المعرفة، بل كان يشكّل قلوب وعقول الأجيال القادمة. كان والدي، رحمه الله، يحترم التعليم بكل تفاصيله، ويعتبره رسالة مقدسة تساهم في بناء الوطن والمستقبل.

أعترف بأن ذكراه السنوية تحمل لي الكثير من الحزن، ليس فقط لفقدانه الشخصي، ولكن لأن غيابه ترك فراغاً كبيراً في منظومة التعليم. عرفه كل من عاصره كإنسان ذي أخلاق رفيعة ورؤية تعليمية تواكب العصر.

أحب الجميع العمل معه، وكان قائداً بحق، يُلهم زملاءه ويحفزهم على العطاء، لأنه آمن أن التعليم هو السلاح الأقوى لبناء مجتمع متقدم.

كان والدي يستقبل الناس بحب كبير، ويعامل الجميع بعدالة واحترام، وكان يحلم بأن يرى كل طالب يتخرج بشخصية واثقة، مُعدّة لخوض غمار الحياة بنجاح.

أسهم والدي بشكل لا يمكن إنكاره في تطوير قطاع أسيوط بحري التعليمي، وظل ملتزماً بتحقيق الأفضل للطلاب والمعلمين على حد سواء.

لم يكن منصبه هدفه، بل كان وسيلة لخدمة التعليم وأبناء هذا الوطن. شهدت مسيرته التعليمية محطات عديدة من التحديات والنجاحات، ولكنه لم يتوقف يوماً عن السعي نحو الأفضل، وسخر وقته وجهده لتحسين ظروف التعليم وتطوير المناهج التعليمية.

واليوم، في الذكرى السنوية لوفاته، أناشد الوزير محمد عبداللطيف وزير التربية والتعليم واللواء دكتور هشام أبوالنصر محافظ أسيوط أن يخلدوا ذكرى هذا الرجل العظيم بإطلاق اسمه على أحد المعالم التعليمية البارزة في أسيوط.

أطالب بتغيير اسم قطاع أسيوط بحري التعليمي إلى “قطاع عبداللطيف يوسف التعليمي”؛ فالقطاع الذي خدمه والدي بكل تفانٍ وإخلاص يستحق أن يحمل اسمه، ليظل ذكره حاضراً بين الأجيال التي تتلقى تعليمها تحت نفس السقف الذي عمل فيه بإخلاص طوال حياته.

وإن لم يكن ذلك ممكناً، فأتمنى أن يتم تغيير اسم مدرسة الجلاء الابتدائية، التي كانت مقر هذا القطاع أثناء فترة رئاسته، إلى “مدرسة عبداللطيف يوسف الابتدائية”، ليبقى اسمه مرتبطاً بالعلم والمعرفة التي أحبها وعاش من أجلها.

لم تكن مساهمات والدي مجرد إنجازات على الورق أو أرقام في تقارير رسمية، بل كانت تغييرات جذرية في عقول وقلوب الكثيرين ممن مروا تحت إشرافه التعليمي.

كان يؤمن أن كل طفل له حق في التعليم الجيد، وكان يبذل قصارى جهده لتوفير بيئة تعليمية تجعل من هؤلاء الأطفال قادة المستقبل. علمنا منذ نعومة أظافرنا أن التعليم ليس مجرد مهنة، بل هو التزام ورسالة سامية يجب أن نحملها بحب وإخلاص.

أدرك جيداً أن الكلمات لن تكون كافية لوصف عظمة والدي وإسهاماته، ولكنني أؤمن أن تخليد اسمه سيكون جزءاً من رد الجميل لرجل أعطى حياته كاملة لخدمة التعليم.

المزيد

تعليق واحد

  1. هؤلاء هم الرجال بحق.. و بهم نقتدى.. أسأل الله العظيم أن يجعل عطائه فى ميزان حسناته يوم القيامه.. غنه سميع مجيب..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى