مؤسسة المفقودين في سوريا: البحث عن الحقيقة وسط الفوضى والآلام الإنسانية
تولي كارلا كينتانا قيادة مؤسسة المفقودين في سوريا رسميًا لتخوض مهمة ضخمة تسعى لفتح الأبواب المغلقة أمام مصير المفقودين، وهي مهمة لا تحتمل التأجيل أو التراخي في ظل معاناة أسر من دون إجابات قد تحطم قلوبهم. تنقض على الوضع المأساوي في سوريا بكل شجاعة، حيث تمثل المؤسسة المستقلة هيئة غير مسبوقة ضمن منظمات الأمم المتحدة.
ليس مجرد مشروع للبحث عن المفقودين، بل خطوة جريئة تكشف النقاب عن اختفاء العديد من الأبرياء في ظروف سياسية وعسكرية معقدة للغاية.
تكشف كينتانا في تصريحاتها الأخيرة عن الجهود المستمرة التي تبذلها المؤسسة لتوضيح مكان وجود المفقودين، وتأكيد أن هذه المهمة لا تقتصر على أبعاد إنسانية فقط، بل تشمل التزامًا بمتابعة كل حالة وفقًا للظروف المحيطة باختفاء الأفراد، من اختطاف أو نزوح قسري أو نتائج الحروب الدائرة. تؤكد أن المؤسسة مستقلة تمامًا، وتعترف بتعدد العوامل التي تدخل في اختفاء الأفراد من جميع الفئات، من مختلف القوميات والسياسات، فهي تشمل كل من فقدوا بغض النظر عن انتمائهم السياسي أو العرقي.
تعترف كينتانا بأن اختفاء الأفراد ليس ظاهرة جديدة، ولكن يتعين التعلم من دروس الماضي لتجنب الوقوع في نفس الأخطاء. سعي المؤسسة للكشف عن الحقيقة بات ملحًا من أجل تحقيق العدالة في بلد يتنقل بين الفوضى والهدم على جميع الأصعدة. تكشف كينتانا أن الآلاف من السوريين لا يزالون لا يعرفون أين يرقد أقاربهم المفقودين، موجهة جميع الجهود نحو اكتشاف مصيرهم مهما كلف الأمر.
تواجه المؤسسة تحديات جمّة في طريقها، حيث تصر كينتانا على التنسيق مع كافة الجهات المعنية، سواء كانت سلطات أو منظمات دولية، مبدية استعداد المؤسسة التام للعمل جنبًا إلى جنب مع المجتمع المدني في سوريا. المؤسسة لا تكتفي بالبحث فقط، بل تسعى لتطوير قدرة المجتمع السوري على التعامل مع هذه الأزمات المستقبلية، عبر بناء مؤسسة مختلطة وطنية سورية ودولية، خاصة عندما تتوافر الظروف المواتية.
تحذر كينتانا من أن أي خطوة غير مدروسة في التعامل مع الوثائق والسجلات المتعلقة بالمفقودين قد تضر بالقدرة على كشف الحقيقة في المستقبل. تحرص المؤسسة على حفظ سجلات دقيقة للمعلومات المهمة المتعلقة بالمفقودين، مستندة إلى ضرورة الحفاظ على الذاكرة الجماعية لآلام الأسر والشعب السوري.
تكشف كينتانا أن الحق في معرفة الحقيقة ليس فقط حقًا فرديًا، بل هو حق جماعي لجميع السوريين، وأن معرفة مصير المفقودين هو جزء من هذه الحقيقة التي لا يمكن إغفالها. يتصاعد التحدي نحو تحقيق السلام المستدام في سوريا من خلال كشف هذا السر الذي يلوح في الأفق دون حل.