حرب ضياء مكاوي ضد عتاب عادل تكشف فساد هيئة قصور الثقافة في مصر
تبدأ القضية المثيرة من خلف كواليس هيئة قصور الثقافة، حيث يتحول صراع المناصب إلى حرب شعواء تُدمّر فيها الشخصيات المهنية الجادة.
يتزعم هذه الحرب ضياء مكاوي، الذي تم إقالته بقرار الدكتور أحمد هنو وزير الثقافة رقم 551 لسنة 2024 من عدة مناصب كان يتولاها في وقت واحد، وإحالته إلي وظيفة أستشاري إدارة عامة ب فقد أستغل مكاوي سلطته للانتقام من كل من يهدد مكانته، رغم أن جميع تقارير تقييمه المهني كانت تشير إلى فشله الذريع وعدم كفاءته وأن بقائه في منصبه كمدير عام لفرع ثقافة أسيوط كان باطلاً منذ عام 2020، إلا أنه استمر في تحريك خيوط اللعبة في الظل
تفتح هذه القضية الباب أمام تساؤلات عديدة حول الفساد المستشري في الهيئة وأثره المدمر على القيادات الشابة مثل الدكتورة عتاب عادل، التي تعتبر ضحية جديدة في سلسلة من الضحايا الذين عارضوا هذا الفساد.
يقول ناصر مصلح، محامي الدكتورة عتاب، إن القضية التي بين يديه تعد واحدة من أعقد القضايا وأكثرها مرارة، إذ لا يمكن تصور كيف أن قيادات في المؤسسات الحكومية تعمل على تدمير ثقافة الوطن وتطلعاته.
تعود قصة الدكتورة عتاب إلى عام 2023، عندما قررت العودة إلى فرع ثقافة سوهاج بعد غياب دام خمس سنوات. تزامن هذا مع محاولة مكاوي الانتقام من كل القيادات التي لم تسايره في الفساد.
تبدأ مهمتها بتولي إدارة قصر ثقافة الكوثر المهمل والذي يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة. تتنقل بين أرجاء المكان المليء بالأتربة والأوساخ، مدفوعة بحماسة لتغيير الوضع.
تبدأ في إصلاحه من خلال تنظيفه بنفسها، دون أن يلقى دعمًا يذكر من أي جهة مسؤولة. تستعين بالموظفين والزملاء لرفع الأتربة وتطهير المكان من دون انتظار مقابل.
تواجه عتاب معركة كبيرة ضد بعض الموظفين الذين رفضوا العودة إلى العمل بعد غياب طويل. تتمسك بمسؤولياتها وتُجبرهم على الحضور وتقديم أداء مهني.
تتعرض هذه المحاولات للعرقلة من قبل جلال أبو الدهب، المدير العام الذي كان يفترض أن يدعمها، لكنه اختار الوقوف ضدها.
تتفاقم الأزمة حين يبدأ ضياء مكاوي، الذي كان يشغل عدة مناصب في آن واحد، في الهجوم عليها بشكل غير مبرر.
ينظم حملة مغرضة ضدها باستخدام صحفيين مرتزقة لنشر أكاذيب عن حياتها المهنية. يتهمها بالعديد من الأمور الباطلة، مثل عدم كفاءتها وزعم أن قيادتها للموقع كانت سببًا في إغلاقه.
يتحول الهجوم ضد الدكتورة عتاب إلى حملة تشويه منظمة تسعى لتدمير سمعتها بالكامل. لا يكتفي مكاوي بذلك، بل يواصل محاولاته لتأليب الرأي العام ضدها عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
يدّعي أن عتاب لم تكن مؤهلة للمنصب رغم حصولها على درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى من جامعة عين شمس. يحاول الطعن في كل نجاح حققته، في مسعى لتدمير أي فرصة لها للبقاء في منصبها أو التقدم فيه.
تنكشف هذه الحملة بأنها جزء من استراتيجية مكاوي الأكبر للإطاحة بكل من لا يتماشى مع نهجه الفاسد. لا يتوقف عند الدكتورة عتاب فقط، بل شمل الهجوم العديد من القيادات الشابة الأخرى التي تعرضت لنفس المعاملة.
يظهر أن مكاوي، على الرغم من تدهور تقاريره وتقييمه المهني بشكل كارثي، كان لا يزال يحافظ على مكانته بفضل تلاعبه بالسلطة والإعلام. يعكس هذا سلوكًا خطيرًا يتسم بالاستبداد في مواجهة أي تحدٍ لسلطته.
تشير التفاصيل المتسربة من هذه القضايا إلى حجم الفساد المستشري في هيئة قصور الثقافة، حيث تُدار المؤسسة على أسس شخصية بدلاً من المهنية.
يعكس الوضع المزري تراجع جودة الأداء الثقافي في العديد من الفروع التي تم تدميرها بيد هؤلاء المسؤولين. يُظهر ذلك أن مكاوي وزملاءه كانوا يعملون على إبقاء المنظمات في حالة من الفوضى لضمان استمرار هيمنتهم عليها، بغض النظر عن تأثير ذلك على الثقافة والفن في مصر.
تستمر معاناة الدكتورة عتاب، التي كانت تسعى فقط للقيام بعملها بأمانة. تتحمل مسؤولية مكان مهدم، وتضطر لإنفاق أموالها الشخصية من أجل تنظيفه وإصلاحه، ومع ذلك تُتهم وتُشوه سمعتها بسبب الصراع الذي لا ذنب لها فيه.
تتصدى لمحاولات إقصائها من قبل قوى فاسدة، لكنها تجد نفسها في مواجهة مع منظومة معقدة تستفيد من بقاء الوضع على حاله.
تظهر هذه القضية كارثة حقيقية في ظل التعيينات الفاسدة والممارسات الظالمة التي تحكم الهيئة. يظهر جليًا أن القيادات الفاسدة تسعى جاهدًا لتحطيم كل من يرفض المشاركة في هذه المنظومة الفاسدة.
تُفضح اللعبة القذرة التي يحيكها هؤلاء ضد أي شخص يحاول إصلاح الوضع أو تقديم أداء مهني. تعكس هذه الواقعة حقيقة مريرة عن كيفية إدارة الثقافة والفنون في مصر، حيث يُستبعد الجادون ويُستغل الإعلام لتدميرهم.
تستمر معركة الدكتورة عتاب ضد الفساد والإقصاء، وتُعد هذه القضية بمثابة جرس إنذار لكل من يحاول العمل بجدية في مجال الثقافة والفنون داخل مصر.
تحاول عتاب أن تثبت جدارتها رغم التحديات المستمرة، لكنها تجد نفسها غارقة في صراع مع قوى أكبر منها. تُظهر هذه القضية بوضوح مدى الفساد الذي يغلف هيئة قصور الثقافة ويعطل تطورها ويمنعها من تحقيق أهدافها النبيلة في خدمة الثقافة والفن في البلاد.