الهيئة العامة لقصور الثقافة تتجاهل حقوق العاملين وتماطل في حل مشكلات صندوق التكافل
يتابع العاملون السابقون في الهيئة العامة لقصور الثقافة بقلق بالغ ما يعانونه من تقاعس مستمر في صرف مستحقاتهم من صندوق رعاية العاملين بالهيئة (صندوق التكافل) منذ عام 2015، رغم خصم الاشتراكات الشهرية لصالح هذا الصندوق طوال فترة خدمتهم.
ويتمسك الجميع بحقهم المشروع في صرف المبالغ التي تم تجميدها على أمل أن تساعدهم في مواجهة أعباء الحياة بعد التقاعد، إلا أن الهيئة تتجاهل حقوقهم بشكل غير مبرر، ويعكس هذا غياب المسؤولية من قبل القيادات المعنية.
حيث بدأت الأزمة في الهيئة العامة لقصور الثقافة منذ عام 2015 عندما تم إيقاف صرف مستحقات العاملين من صندوق التكافل، وهو الصندوق الذي يُستقطع من مرتباتهم شهريًا بهدف توفير الدعم لهم بعد الخروج على المعاش.
ورغم مرور سنوات طويلة على تلك الممارسات، ما زال العاملون يواجهون تعنتًا في صرف مستحقاتهم. ورغم الوعود التي تم تقديمها في عام 2023 على لسان رئيس الهيئة ورئيس النقابة، بقيت الأمور كما هي ولم يحدث أي تحرك جاد من قبل المعنيين لحل تلك الأزمة.
شكلت الهيئة في شهر أغسطس 2023 لجنة برئاسة أحمد السيد درويش، رئيس إقليم غرب ووسط الدلتا، بهدف حل مشكلة الصندوق وإعادة صرف المستحقات ولكن لم يكن لها أي تأثير حقيقي.
استمر التلكؤ في اتخاذ أي خطوة إيجابية، على الرغم من الوعود المتكررة بأن اللجنة ستقوم بحل المشكلة في غضون ثلاثة أشهر، إلا أن اللجنة لم تحقق أي تقدم يذكر.
مر عام كامل على تشكيل اللجنة، ولم يتم اتخاذ أي إجراء فعلي لإنهاء المشكلة وقد فشلت اللجنة في تقديم أي نتائج ملموسة طوال عام كامل، ليكشف بذلك حجم الفشل والتقاعس الذي يحيط بالهيئة.
بل إن آخر اجتماع للجنة كان في أكتوبر 2023، تبين أن رئيسها، أحمد السيد درويش، لم يبذل أي جهد لحل الأزمة. ويكفي أن اللجنة لم تجتمع إلا بضغط من الزملاء الذين خرجوا على المعاش، الأمر الذي يعكس عدم اهتمام رئيس اللجنة بهذا الموضوع الحيوي.
وكان دور رئيس اللجنة محصورًا في التحجج بعدم القدرة على حضور الاجتماعات في القاهرة، نظرًا لأنه يقيم في الإسكندرية، مما أدى إلى تعطيل أعمال اللجنة بشكل شبه كامل.
تفاجأ العاملون عندما علموا أن اللجنة المعنية لم تباشر أي خطوة في إرسال المستندات المطلوبة إلى الخبير الاكتواري منذ أكتوبر 2023، مما أدى إلى تعطيل تنفيذ الحلول المالية لمدة طويلة.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد. فقد أكدت دعاء منصور، التي توفيت في حادث مؤلم، أن الخبير الاكتواري الذي تم التواصل معه لتحديد مستحقات العاملين، لم يتلقَّ الأوراق المطلوبة من رئيس اللجنة، أحمد السيد درويش، منذ أكثر من عشرة أشهر.
كيف يمكن لحل مشكلة مستمرة منذ عام 2015 أن يتعطل بسبب عدم إرسال مستندات إلى الخبير الاكتواري؟ إن هذا التقاعس يعد مؤشرا واضحا على غياب الجدية وعدم الإحساس بالمسؤولية تجاه حقوق العاملين في الهيئة.
إن التقاعس عن العمل وغياب المبادرة كانا سمة واضحة منذ تشكيل اللجنة وحتى الآن. لم يعقد أي اجتماع فعال للجنة طوال تلك الفترة، ولم يتم إرسال أي مستندات للخبير الاكتواري الذي كان من المفترض أن يقدم تقريره بشأن كيفية حل أزمة صندوق التكافل.
تلكؤ اللجنة، الذي طال لأكثر من عام كامل، يضاف إلى سجل الهيئة المشبوه في الفساد وبينما يضيع الوقت في المماطلة، يغرق صندوق التكافل في مستنقع من الفساد المالي والإداري الذي يتسع يوماً بعد يوم. عدم تصرف اللجنة يعكس عدم الكفاءة في معالجة القضايا الحقيقية، ويثبت تواطؤ الهيئة مع قوى الفساد التي تمسك بزمام الأمور في غياب الرقابة الحقيقية.
تؤكد الشهادات المتعددة من قبل الموظفين الذين خرجوا على المعاش أن اللجنة التي تم تشكيلها لم تقم بأي عمل ملموس منذ عام كامل.
لم تنعقد الاجتماعات بصورة منتظمة، بل كان الحضور مشروطاً بضغط الزملاء، ما جعل رئيس اللجنة، أحمد السيد درويش، يواجه انتقادات شديدة من كافة الأطراف. الأسوأ من ذلك هو عدم إرسال المستندات المطلوبة للخبير الاكتواري، حيث لم يتخذ رئيس اللجنة أي خطوة منذ أكثر من عشرة أشهر رغم إشعاراته المتكررة.
يمثل هذا تواطؤاً واضحاً مع الفساد المستشري في الهيئة العامة لقصور الثقافة. رئيس اللجنة، الذي يواصل تجاهل مسئولياته، لم يتخذ أي إجراءات حقيقية في سبيل تسوية هذه القضية المالية، مما يهدد حقوق العاملين السابقين في الحصول على مستحقاتهم. تم تكليف الهيئة بحل هذه الأزمة، ولكن التنفيذ يبقى في غيبوبة تامة.
من جانب آخر، ينتقد العاملون السابقون في الهيئة رئيس النقابة السابق، حسان حسن، الذي بدلاً من أن يقف مع العاملين للدفاع عن حقوقهم، يواصل التصريحات التي لا تقدم أي حلول ملموسة.
في الاجتماع الذي تم عقده في يوليو 2023، وعد رئيس النقابة السابق بتحقيق تقدم كبير في حل المشكلة، إلا أنه لم يتخذ أي خطوات جادة بعد مرور أكثر من عام على هذا الاجتماع. لقد اتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن رئيس النقابة يعمل لصالح الإدارة العليا للهيئة، ولا يهتم بحقوق العاملين الذين وثقوا به.
وقد تجلى عدم اهتمام النقابة في فشلها المستمر في تفعيل دورها في الضغط على الهيئة لحل المشكلة. فالمماطلة التي أظهرها رئيس النقابة وحسن تصريحاته الغير مبررة تؤكد أن النقابة لا تقدم أي قيمة حقيقية للعاملين في الهيئة.
ففي الوقت الذي كان يجب على رئيس النقابة أن يكون صوت العاملين، نجد أنه بدلاً من ذلك يتعاون مع القيادات في الهيئة لإطالة أمد المشكلة وتقديم وعود فارغة لا تفضي إلى نتائج ملموسة.
ما يؤكد فساد الهيئة بشكل أكبر هو التناقضات الكثيرة في تصريحات مسؤولي الهيئة. في الاجتماع الأخير الذي تم في يوليو 2023، أكد هشام عطوة، رئيس الهيئة في ذلك الوقت، أنه سيتم تحويل الأموال من حساب الهيئة إلى ودائع للبنك لضمان استفادة أعضاء الصندوق من الفوائد، ولكن لم يتم تنفيذ هذا الوعد. وحتى الآن، لا يزال الوضع كما هو، والمماطلة تتواصل.
وكذلك على الرغم من وعد رئيس النقابة في ذاك الوقت خلال اجتماع في يوليو 2023 بأن مستحقات العاملين ستُصرف بعد ثلاثة أشهر، إلا أن هذه الوعود كانت مجرد مسكنات وقتية لتخفيف غضب الموظفين. وفي نفس الوقت، أظهرت تصرفات رئيس النقابة أنه كان يدير اللعبة لصالح القيادات العليا في الهيئة، دون اكتراث بمصالح العاملين.
تعتبر تلك الوعود الكاذبة جزءاً من مسلسل طويل من الإهمال والمماطلة الذي تمارسه الهيئة تجاه حقوق العاملين. ورغم تأكيدات رئيس النقابة ورئيس الهيئة، لم يتحقق شيء على أرض الواقع.
بل إن الوضع المالي للصندوق يزداد سوءًا. رغم أن الأموال التي يجب أن تُخصص لدعم العاملين بعد تقاعدهم كانت تحت إشراف الرقابة المالية، إلا أن قرارات الهيئة حول كيفية استخدام تلك الأموال كانت غامضة ومبهمة.
ففي اجتماع مجلس الإدارة الأخير، تم التوصل إلى ضرورة تحويل 9 ملايين جنيه إلى وديعة على الرغم من التناقض في تصريحات رئيس الهيئة الذي أكد أنه سيتم صرف الأموال على آخر مرتب دون توضيح كيفية استفادة الصندوق من تلك الوديعة.
ثم تتابعت الوعود التي أعقبت ذلك، حيث تم الإعلان عن ضرورة إنهاء الإجراءات القانونية من قبل الخبير الاكتواري، ولكن تم تأجيل كافة الاجتماعات بشكل مستمر.
كان من المقرر عقد اجتماع في أغسطس 2024، ولكن تم تأجيله مرة تلو الأخرى إلى سبتمبر 2024، مما يشير إلى أن اللجنة فشلت في اتخاذ أي خطوة ملموسة.
كما تم نشر تأكيدات عديدة على صفحات صندوق التكافل التي تبين أن اللجنة المعنية بحل المشكلة لم تحقق أي تقدم منذ أكتوبر 2023.
بل كانت الاجتماعات تقتصر على مجرد اللقاءات الشكلية دون اتخاذ أي قرارات حاسمة أو إتمام الإجراءات اللازمة لحل مشكلة الصندوق.
ويتضح أن هذه اللجنة، التي ترأسها أحمد درويش، لم تبذل أي مجهود حقيقي لحل الأزمة، مما يعكس ضعفًا شديدًا في القيادة داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة.
إن تصرفات رئيس النقابة، حسان حسن، لم تكن أقل استفزازًا. في وقت سابق، كان يتحدث عن أهمية التعاون مع الزملاء واتخاذ خطوات سريعة لحل المشكلة، ولكن تكرر التأجيل، مما أدى إلى انكشاف نواياه.
بدلاً من أن يعمل على تحقيق مطالب العاملين، وجدناه يساند قيادة الهيئة ويطبل لها من أجل مصالحه الخاصة. هكذا، يثبت حسان حسن مجددًا أنه لا يعمل لصالح العاملين في الهيئة، بل يسعى لحماية مصالح القيادات.
في هذا السياق، يواصل العديد من العاملين والزملاء المحالين للمعاش، من مختلف الأقاليم، توجيه الاتهامات بالتقصير إلى رئيس الهيئة ورئيس النقابة، مؤكدين على أن كل ما تم إنجازه هو مجرد كلام فارغ ووعود زائفة لا طائل من ورائها.
إن هذه التجاوزات لا يمكن السكوت عنها. يجب على وزارة الثقافة أن تتحمل مسؤولياتها في محاسبة كل من ساهم في تعطيل حقوق العاملين والامتناع عن اتخاذ خطوات عملية لحل مشكلة صندوق التكافل.
يتمسك العاملون السابقون بحساباتهم المشروعة التي أودعوها في الصندوق على أمل أن تنقذهم عند التقاعد، ولكن يبدو أن الأمور تسير في الاتجاه الخاطئ.
فبدلاً من أن يتم حل هذه المشكلة في أسرع وقت، تتعقد الأمور أكثر مع مرور الوقت بسبب فساد الإدارة وغياب الرقابة. لم يعد العاملون يثقون في الوعود التي يقدمها المسؤولون في الهيئة أو النقابة.
يتوجب على وزير الثقافة، الدكتور أحمد فؤاد هنو، التدخل بشكل عاجل لحل هذه الأزمة المقلقة والتي تهدد حياة عشرات الآلاف من العاملين السابقين في الهيئة.
ويجب أن يتحمل المسؤولون في الهيئة كامل المسؤولية عن هذا التقاعس المستمر في حل المشكلة، ويجب أن يتم محاسبة كل من شارك في إهدار حقوق العاملين.
لا يمكن بعد الآن السكوت على هذا الوضع المتدهور، فالعاملون السابقون في الهيئة يستحقون أن يتم تصحيح الأوضاع فوراً، وأن يتم صرف مستحقاتهم المتأخرة التي تم حجبها عنهم دون أي مبرر قانوني.