هدنة بوساطة أمريكية مصرية قطرية تضع حداً لحرب غزة بعد 467 يوماً
بدأت المفاوضات الطويلة والمتعبة التي أسفرت عن هدنة بعد 467 يوماً من القتال العنيف في غزة وفرضت الأطراف الراعية، أمريكا ومصر وقطر، الاتفاق على الطرفين وضعت نهاية لهذه الحرب التي أودت بحياة الآلاف وجرحت الآلاف أكثر. تستعد الأطراف لتنفيذ الاتفاق الذي سيتدرج على ثلاث مراحل رئيسية بدءاً من 19 يناير.
أُجبرت إسرائيل على الموافقة أخيراً بعد فشلها في تحقيق أهدافها العسكرية، وخاصة في القضاء على الفصائل الفلسطينية المقاومة على مدى أكثر من 15 شهراً. صمدت الفصائل في وجه العدوان الإسرائيلي وأظهرت قوة غير متوقعة رغم محاولات إسرائيل المتكررة لإضعافها. واجهت الفصائل الفلسطينية موجة من الاغتيالات والاعتداءات لكنها استمرت في المقاومة، ومع الوقت، أثبتت أن إسرائيل غير قادرة على القضاء عليها بالكامل.
ظل الشعب الغزاوي على صبره وشجاعته رغم هول المجازر والدمار. تحمل الغزاويون وطأة الحرب ببطولة غير مسبوقة، حيث فقدوا حوالي 50 ألف شهيد، ودفنوا عشرات الآلاف من الجرحى والضحايا تحت أنقاض البيوت المدمرة. استمر الغزاويون في حياتهم اليومية على الرغم من الموت والدمار الذي يحيط بهم، وظهروا كحاضنة قوية وداعمة للفصائل المقاومة، مما ساهم بشكل مباشر في استمرار القتال حتى الوصول إلى الهدنة.
تصاعد فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” مع مرور الوقت، حيث أعلن منذ بداية الحرب أن هدفه القضاء على الفصائل الفلسطينية لكنه لم يتمكن من تحقيق هذا الهدف. استمرت الفصائل في الصمود رغم مرور الشهور، ما دفع نتنياهو إلى الاستمرار في العدوان بشكل غير مثمر. وبدلاً من تحقيق نصر سياسي أو عسكري، وجد نفسه مضطراً للقبول بالتهدئة بعدما بات واضحاً أن الحل العسكري لا يمكن تحقيقه.
تدخلت عوامل خارجية بشكل كبير في دفع إسرائيل نحو قبول الهدنة، بدءاً من الجهود الحثيثة التي قادها المفاوض الفلسطيني بمهارة فائقة وصبر طويل. ورغم الضغوط التي تعرض لها المفاوض الفلسطيني من جميع الأطراف، إلا أنه استطاع التعامل مع الوضع بإصرار على شروط تحفظ ماء وجه المقاومة وتجلب الأمان للشعب الفلسطيني.
فشلت إسرائيل في اغتيال قادة المقاومة الكبار في محاولات متتالية للضغط على الفصائل، لكن هذه الاغتيالات لم تحقق إلا تعميق الغضب وإثارة عزيمة من بقي من القادة والمقاتلين على المضي قدماً، إما في الميدان أو في طاولة المفاوضات.
أسهمت الولايات المتحدة بشكل غير مباشر في دفع إسرائيل نحو الهدنة، حيث مورست ضغوط أمريكية هائلة على الحكومة الإسرائيلية. ورغم أن الموقف الأمريكي لم يكن واضحاً في البداية، إلا أن تغييرات في السياسة الأمريكية، خاصة تحت إدارة بايدن، لعبت دوراً رئيسياً في إجبار نتنياهو على القبول بما بدا كإعلان هزيمة ضمني.
لعبت قطر ومصر دوراً محورياً في الوساطة وإنهاء الحرب. وشاركت مصر في المحادثات لحفظ أمنها القومي، بينما قدمت قطر دعماً كبيراً لتقريب وجهات النظر، ما جعل هذه الوساطة مؤثرة وحاسمة في التوصل إلى هذا الاتفاق الذي يمثل تحولاً حقيقياً في مسار الصراع.