تقاريرثقافة وفنون

ساقية القاضي ومسرحيات الفساد: رحاب توفيق وإيمان الطحاوي تستوليان على ثقافة المنيا

بدأت الأنشطة الوهمية والفساد المستشري في فرع ثقافة المنيا بيد رحاب توفيق مدير عام الفرع، وإيمان الطحاوي مديرة قصر ثقافة المنيا، تظهر بوضوح، إذ تستوليان على المال العام وتستغلان مناصبهما لتحقيق مصالح شخصية.

يقف وراء هذا الفساد ضياء مكاوي القائم بأعمال رئيس إقليم وسط الصعيد الثقافي سابقاً، الذي لم يتوقف فساده حتى بعد إقالته، حيث يتضح من الأنشطة الثقافية الوهمية والاحتيال المستمر حجم التربح الشخصي على حساب الثقافة.

نفذت رحاب توفيق مشاريع ثقافية مشبوهة هدفها الاستيلاء على المال العام، من بينها مشروع ساقية القاضي الذي استُخدم كغطاء لنهب الأموال من خلال إقامة أنشطة ثقافية على إحدى البواخر العائمة الخاصة بمحافظة المنيا، حيث لم تحقق هذه الأنشطة أي إنجازات حقيقية تخدم المجتمع.

قامت رحاب توفيق بالترويج لنفسها بوصفها مترجمة، رغم أنها لم تصدر أي أعمال مترجمة، بالإضافة إلى حصولها على درجة الدكتوراه الفخرية من مؤسسة غير مرخصة ومشبوهة، مما يكشف انعدام المصداقية في مؤهلاتها.

حاولت رحاب توفيق في 15 يناير الجاري، إجبار أمل قليد، مديرة مخازن فرع ثقافة المنيا، على استلام عهدة أمينة المخازن سحر فتحي التي قضت أكثر من 20 عاماً في هذا المنصب دون مراجعة لعهدتها.

وقد جاء هذا القرار كجزء من سلسلة المجاملات التي تقدمها رحاب توفيق للأشخاص المقربين منها، مثل سحر فتحي، على حساب الموظفين الآخرين كأمل قليد. هذه المجاملات والانتهاكات القانونية تبرز بوضوح فساد الإدارة، إذ يخالف القانون تسليم العهدة لمدير مخازن آخر.

قامت رحاب توفيق أيضاً بتحويل أمل قليد إلى الشؤون القانونية “الملاكي” بهدف إيقاع جزاءات عليها لإجبارها على قبول الاستلام، رغم رفض قليد التوقيع على أي مستندات بهذا الخصوص،

مما يؤكد حجم الضغط والتلاعب الذي تمارسه رحاب توفيق لتحقيق أهدافها الشخصية. وفي المقابل، يمنع القانون مدير المخازن من استلام عهد مخازن أخرى، مما يوضح أن هذا الإجراء يخالف القانون.

الكشف عن وقائع الفساد في قصور الثقافة بالصعيد، وخاصة في المنيا، لم يتوقف عند هذه الأحداث، فقد كشفت الإدارة المركزية للشؤون المالية والإدارية، إدارة مراقبة المخزون السلعي، عن سلسلة من الانتهاكات.

خلال جرد مخازن فرع ثقافة المنيا في يناير 2024، تم اكتشاف فروق كبيرة في السجلات، حيث أظهر محضر الجرد السنوي لعام 2023 فرقاً كبيراً بين قيمة الموجودات التي تم تقديرها بـ 4 ملايين و724 ألف و937 جنيهاً،

وبين التقدير السابق في عام 2022 الذي بلغ 74 مليوناً و394 ألف و290 جنيهاً. هذا الفرق الهائل البالغ نحو 70 مليون جنيهاً يثير التساؤلات حول التلاعب الكبير بالأموال العامة.

فضلاً عن ذلك، كشفت عملية الجرد عن سوء إدارة المخازن وعدم استيفاء بيانات السجلات بدقة، مع كثرة استخدام التصليحات والكشط في الدفاتر، مما يبرز حجم الفساد المستشري في الإدارة.

وتم التنسيق لتكهين التشوينات غير المستخدمة وبيع الكهنة، ولكن بقاء هذه التجاوزات يعكس غياب الرقابة الفعلية على عمليات الإدارة.

إلى جانب فساد الإدارة المالية، تم تنفيذ العديد من الأنشطة الثقافية الوهمية التي لم تحقق أي نتائج تذكر. ومن بين هذه الأنشطة، “برنامج المواطنة وقبول الآخر” الذي تم تنفيذه في 44 قرية من قرى المنيا في العام الماضي.

ورغم الترويج لهذه الأنشطة الثقافية كوسيلة لتعزيز التسامح وقبول الآخر، فإنها لم تكن سوى غطاء لسرقة الأموال العامة وتبديدها على فعاليات لا تحقق أي فائدة ملموسة للمجتمع.

على مستوى البرامج الثقافية الأخرى، تبرز مسابقة “حياة كريمة” التي نفذها فرع ثقافة المنيا تحت إدارة رحاب توفيق، وهي مسابقة أخرى استخدمت كغطاء للاستيلاء على المال العام دون تقديم أي مساهمة فعلية في تطوير المجتمعات المحلية.

تستمر الفعاليات الثقافية اليومية والشهرية بشكل مستمر، لكنها لا تتعدى كونها مجرد واجهة للتربح واستغلال المنصات الثقافية لتحقيق مصالح شخصية.

إيمان الطحاوي، بدورها، لم تكن بعيدة عن هذه الشبكة الفاسدة، حيث قامت بتسيير أعمال قصر ثقافة المنيا، وتم تعيينها بقرار من محمد عبد الحافظ ناصف نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة.

الطحاوي كانت تشغل منصب مدير العلاقات العامة والمراسم بفرع ثقافة المنيا، ومازالت تمارس هذا المنصب بفضل علاقاتها المشبوهة وتقديمها مصالح شخصية على حساب المصلحة العامة.

تشير الأدلة إلى أن الطحاوي استمرت في تنفيذ أجندة ضياء مكاوي، رئيس إقليم وسط الصعيد الثقافي سابقاً، الذي لا يزال يمتلك نفوذاً كبيراً في الإدارة رغم إقالته.

تستمر الطحاوي في استخدام منصبها لتغطية الأنشطة الوهمية والتربح من الأموال المخصصة للأنشطة الثقافية، بدلاً من تقديم أنشطة تعزز دور الثقافة في المجتمع المحلي.

يبرز الفساد في فرع ثقافة المنيا بوضوح من خلال تراكم الأنشطة الوهمية، المجاملات المفضوحة، والتلاعب بالأموال العامة. ورغم الإشراف الرسمي على الأنشطة الثقافية من قبل الهيئة العامة لقصور الثقافة، إلا أن هناك تواطؤاً واضحاً في الفساد المستمر داخل هذا الفرع.

تحتاج المنظومة الثقافية في مصر إلى تطهير شامل لضمان أن الأموال المخصصة للثقافة تستخدم بشكل صحيح لتحقيق أهداف حقيقية تخدم المجتمع.

من المهم الإشارة إلى أن هذا الفساد لا يقتصر على المنيا فقط، بل يمتد ليشمل العديد من فروع الثقافة في الصعيد، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً من الجهات الرقابية لإنهاء هذه التجاوزات.

تحتاج قصور الثقافة في مصر إلى إعادة تنظيم شامل لضمان أن الأنشطة التي يتم تنفيذها تعود بالفائدة الحقيقية على المواطنين، بدلاً من أن تكون مجرد وسيلة للتربح والاستيلاء على المال العام.

يبقى السؤال المطروح: إلى متى سيستمر هذا الفساد في فرع ثقافة المنيا؟

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى