لا تزال الصورة غير واضحة بشأن مجزرة الكنابي التي وقعت في ولاية الجزيرة مؤخرًا، وسط تصاعد الأنباء عن انتهاكات خطيرة شملت القتل خارج إطار القانون، التعذيب، والاعتداءات العشوائية. مثل هذه الجرائم تشكّل تهديدًا خطيرًا للنسيج الاجتماعي والاستقرار في البلاد، مما يستدعي وقفة حازمة من كافة الجهات لمعالجتها ضمن إطار العدالة والقانون.
ضرورة الاحتكام إلى القانون
من غير المقبول أبدًا أن يتم التعامل مع المتهمين بالخيانة أو التعاون مع أي طرف من أطراف النزاع خارج إطار القانون. إذا وُجدت اتهامات بالتخابر مع قوات الدعم السريع أو التعاون معها، فيجب إحالة المتهمين إلى القضاء بعد استجوابهم من قبل الجهات المختصة، مثل الاستخبارات العسكرية، الشرطة، والنيابة. يجب أن يتم هذا وفقًا للإجراءات القانونية التي تضمن حقوق المتهمين، بعيدًا عن محاولات تصفية الحسابات التي قد تُدخل البلاد في دوامة انتقامية وفوضى عارمة.
استغلال الدعم السريع للقبائل
تُشير المعطيات إلى أن مليشيا الدعم السريع استغلت الانتماءات القبلية ونجحت في تجنيد عدد كبير من الشباب المنتمين لقبائل غرب السودان. هذا الأمر أدى إلى تصاعد الصراعات القبلية، حيث أصبح الصراع يبدو وكأنه ذو طابع قبلي في بعض الأحيان. هذا الخلط بين الانتماء القبلي والانتماء السياسي يُعدّ تطورًا خطيرًا، ويجب على القيادات القبلية والسياسية التدخل لنزع فتيل الأزمة ومنع تعميم التهم على مكونات بأكملها، مثل سكان الكنابي البسطاء، الذين لا علاقة لهم بالانتماء إلى مليشيا ال دقلو
التوظيف السياسي للقضية
من المؤسف أن بعض القوى السياسية، مثل “تقدّم”، استغلت هذه الحادثة كعادتها لتحقيق مكاسب سياسية. المتاجرة بدماء الأبرياء والانتهاكات التي تطال المدنيين أمر مرفوض تمامًا، ويزيد من تعقيد المشهد السياسي والاجتماعي في السودان.
نحو سودان العدالة والمساواة
السودان الذي نطمح إليه هو وطنٌ للجميع، لا مكان فيه للتمييز على أساس العرق، الدين، أو الانتماء السياسي. ينبغي أن تقوم الدولة على مبادئ المواطنة المتساوية، العدالة الانتقالية، والمساواة بين أبناء الشعب السوداني كافة. القتل خارج إطار القانون واستهداف المدنيين الأبرياء يهدد مفهوم دولة القانون، ويُكرّس الفوضى التي يسعى الجميع لتفاديها.
قبول الآخر أساس البناء
لا يمكن بناء سودان حر وديمقراطي دون ترسيخ ثقافة قبول الآخر. في الوقت ذاته، يجب على الجهات الرسمية والمجتمعية بذل الجهود لمعالجة جذور الصراعات ومنع الانزلاق إلى انتقامات عشوائية تهدد النسيج الاجتماعي للبلاد.
ختامًا، سكان الكنابي، كغيرهم من المواطنين في ولاية الجزيرة والسودان عمومًا، لهم حقوق مدنية وسياسية أصيلة ينبغي أن تُصان وتُحترم. من حقهم العيش بكرامة وأمان، والحصول على الخدمات الأساسية كالتعليم، الصحة، والبنية التحتية. كما يحق لهم التمتع بالتمثيل السياسي والمشاركة في صنع القرار على مستوى الولاية والمستوى الوطني.