شعّ انزعاج أعضاء حزب الوفد بعد نشر مقال الصحفي محمود علي المفصول من جريدة الوفد في عدد الجريدة وبوابة الوفد الإلكترونية، حيث نشر المقال تحت عنوان “الوفد .. أزمات وحلول“، في محاولة مكشوفة للدفاع عن الدكتور عبدالسند يمامة رئيس الحزب الحالي، وتبييض صورته في ظل الأزمات التي يمر بها الحزب.
اتخذ محمود علي في الآونة الأخيرة موقفًا دفاعيًا عن الدكتور عبدالسند يمامة، رئيس حزب الوفد، حيث يلقب محمود علي نفسه بلقب “الجنرال” بين أقرانه، إلا أن زملاؤه داخل حزب الوفد يطلقون عليه لقب “الجنرال الجبان“، مشيرين إلى أنه بلا مبادئ ولا قيم صحفية أو سياسية حقيقية لدى هذا الصحفي المفصول.
ويعود تاريخ محمود علي المهني في الوفد إلى مواقف متأرجحة بين الوفديين، حيث يقال إنه يفتقد للمبادئ التي كان يُفترض أن يعززها.
تكشف الوقائع عن فساد متعمق داخل الحزب، بفضل عبدالسند يمامة الذي يعد رأس الفساد، ويعيث فسادًا في عزبته “حزب الوفد سابقاً” دون رادع.
يبدو أن السلطة التي تمسك بها لا تكفيه وحده، بل يسعى لاستقطاب المزيد من الأتباع لفرض هيمنته على كافة مفاصل الحزب، في تزاوج مشبوه بين السياسة والمصالح الشخصية.
وهذا الوضع جعل من الوفد مستنقعًا من الفساد المتجذر .. حيث لا يختلف الحال عما كان عليه في عهد أسلافه من الرؤساء الذين تلاعبوا بمقدرات الحزب وتاريخه لأجل مصالحهم الشخصية.
تبدأ الأزمة عندما تغيب محمود علي عن عمله في جريدة الوفد لمدة تتجاوز العشرة أيام، مما دفع إلى اتخاذ إجراءات ضده وتم فصله من الجريدة منذ فترة طويلة، ويأتي ذلك عقب رفض مكتب تأمينات الدقي استلام طلب إجازته بدون مرتب بسبب مديونية سابقة عليه تبلغ 20120.56 جنيه.
هذا الرقم يمثل واحدة من الأزمات التي تحاصر هذا الصحفي المفصول، والذي يظل يحاول العودة مجددًا للمشهد في وقت حساس للغاية، لا سيما مع تصاعد الأزمات داخل حزب الوفد وقد سبق لموقع “أخبار الغد” بنشر تفاصيل تلك الأزمة وبالمستندات في تقرير تحت عنوان “أزمة حزب الوفد: صراعات النفوذ تهدد مستقبل العراقة السياسية في مصر“.
أكدت العديد من المصادر المطلعة داخل حزب الوفد أن ظهور محمود علي في هذا الوقت قد أثار العديد من الشبهات.
فظهوره الحالي في الدفاع عن عبدالسند يمامة لا يعدو كونه محاولة للعودة إلى الساحة السياسية بعد فصله عن حزب الوفد وجريدتة منذ أكثر من ثلاث سنوات.
لم يغب عن متابعين حزب الوفد ما يعكسه هذا الظهور من تداعيات في وقت يعاني فيه الحزب من صراعات داخلية حادة بين قياداته.
اعتمد محمود علي في مقاله على مهاجمة بعض الأزمات التي تعصف بحزب الوفد، بل وأطلق تصريحات قال فيها: “تعتبر الجمعية العمومية قميص عثمان في عهد كل رؤساء الوفد” حيث يبرز فيها محمود علي كمدافع صريح عن عبدالسند يمامة، ومخاطباً إياه بلقب “الرئيس الشرعي المنتخب” للحزب، وهو ما يثير الشكوك حول دوافعه الخاصة في الوقت الذي تم فصله من الحزب والجريدة منذ ثلاث سنوات تقريباً.
هذا الظهور في هذا التوقيت الحرج يعكس محاولة لإعادة تأهيل الدكتور عبدالسند يمامة بعد الأزمة الأخيرة التي افتعلها يمامة مع الدكتور السيد البدوي رئيس الحزب الأسبق
أعلن محمود علي في مقاله تأييده لقرار عبدالسند يمامة، معتبرًا إياه خطوة نحو استقرار الحزب، لكنه في الوقت نفسه رفض أن تُصبح الجمعية العمومية هي ساحة المعركة الدائمة بين قيادات الحزب، مطالبًا بإعادة بناء الهيئة التنظيمية وفق معايير جديدة تضمن شفافية وعدالة.
ويزعم محمود علي في مقاله أن الأزمة الحالية ليست جديدة، وأن هذه الخلافات مستمرة منذ فترة، موضحًا أن الصراع كان قائمًا في الماضي، وأن ما يحدث الآن مجرد تكرار لما حدث من قبل.
لكنه لا يذكر حقيقة أن هذه الأزمة تجسّد فسادًا مستمرًا تحت قيادة عبدالسند يمامة الذي يقف وراء تلك الصراعات لتحقيق مصالحه الشخصية على حساب مستقبل الحزب.
يتنقل محمود علي في مقاله بين الأحداث المختلفة، معترفًا بأن الحزب يعاني من أزمة داخلية كبيرة، إلا أنه يصر على أن حل هذه الأزمة يتطلب من عبدالسند أن يكون أكثر انفتاحًا وأن يستمع للجميع.
وهو طلب بعيد عن الواقع، لأن عبدالسند يمامة لم يظهر أبدًا استعداده للعمل من أجل الصالح العام، بل يثبت في كل مرة أنه يُظهر الولاء فقط لمصالحه الخاصة.
أعاد المقال المذكور بالأذهان صراعات تاريخية طويلة داخل حزب الوفد العريق .. فلا يمكن أن نغفل هنا عن تاريخ حزب الوفد الذي شهد سلسلة من الصراعات الكبرى. فالأزمة الراهنة ليست سوى استمرار للصراعات الداخلية الطويلة التي تمتد لعقود.
حيث أصدر الدكتور عبد السند يمامة مؤخرًا قرارًا بفصل الدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد الأسبق من الحزب بسبب تصريحاته التليفزيونية النقدية، مما عكس أعمق أزمات الوفد.
وقد أدى هذا القرار إلى تصعيد الخلافات داخل الحزب، خاصة في ظل أن هذا القرار لم يعرض على الهيئة العليا كما تقتضي اللوائح حيث يبرز القرار الصادر في 5 يناير 2025 كأحدث حلقة من سلسلة النزاعات، وهو ما يطرح تساؤلات حول استمرارية الحكم الفردي لعبدالسند يمامة.
أبرزت هذه التطورات جمودًا كبيرًا داخل حزب الوفد وتخبطًا في اتخاذ القرارات التنظيمية. بدا واضحًا أن هناك محاولات مستمرة للسيطرة على مقاليد القيادة في حزب الوفد، ما يعكس حالة من الفوضى التي أدت إلى تفكك الصفوف وتراجع تأثير الحزب على الساحة السياسية.
حيث يشهد تاريخ حزب الوفد صراعات عنيفة في الفترة الأخيرة مثل الأزمة بين فؤاد بدراوي والدكتور السيد البدوي في عام 2015، وأزمة المستشار بهاء أبو شقة مع النائب محمد فؤاد في 2018، وصولًا إلى أزمة عبدالسند يمامة في 2023. هذه الأزمات تعكس الواقع المتعفن الذي يعيشه حزب الوفد.
من جهة أخرى، يظل محمود علي يتخذ من هذا الصراع المستمر في الوفد وسيلة للوصول إلى مآربه الخاصة، خاصة بعد فصله في عدة مناسبات.
حيث أنه وفي الوقت الذي لا يبدي فيه أي ولاء حقيقي للمبادئ الوفدية أو تاريخ الحزب، نجده يعود مجددًا في محاولة لاستغلال اللحظة لدعم عبدالسند يمامة والظهور مجددًا في الساحة السياسية. إلا أن تعيينه في العديد من المناصب وأزماته المالية التي لا تحصى، تشهد على عدم استحقاقه للمكانة التي يحاول الوصول إليها.
على الرغم من هذه الفوضى، يبقى الأمل في أن يحسم الحزب الأمور ويعيد ترتيب أوراقه بعيدًا عن الأفراد الذين يقودون الفساد داخل الحزب.
إلا أن هذا يتطلب إرادة حقيقية ونية صادقة من القيادة الحالية في الحزب، وهو أمر بعيد عن التحقيق طالما أن عبدالسند يمامة يدير الحزب كـ “عزبة” خاصة به، معتمدًا على الولاءات الشخصية والعلاقات المشبوهة لتثبيت أقدامه في قيادة الحزب.
تؤكد هذه الأحداث على حجم الفساد المستشري في حزب الوفد، حيث يعكس كل موقف تناقضات وخلافات شخصية تضر بالمصالح العامة للحزب.
الواقع يفرض أن حزب الوفد يحتاج إلى قيادة حقيقية قادرة على إصلاح داخلي حقيقي يتجاوز الأزمات الشخصية، وهو ما يعكس حالة من التفكك والعجز في القيادة الحالية.