عاتبني بعض الإخوة لأنني ورفاقي في الحلقة الأخيرة من حوار لندن انتقدنا سكوت تركيا بشأن قضية الشاعر عبد الرحمن يوسف، ولمنا الحكومة في أنقرة لأنها كما يظهر لعامة الناس لم تبذل جهداً لمنع تسليم عبد الرحمن إلى الإمارات.
ومن باب الأمانة أنقل ما قاله لي أحدهم، وهو ممن لهم اطلاع جيد وتواصل مع الأتراك:
“لقد حذرت الحكومة التركية مراراً وتكراراً النشطاء السياسيين العرب من حملة الجنسية التركية من السفر إلى البلدان العربية لأن تركيا لا تملك عمل الكثير فيما لو أوقفوا أو أسيء لهم. فهذه البلدان العربية لا تحترم حكوماتها الأعراف الدبلوماسية ولا القوانين الدولية، ولا يوجد فيها قضاء مستقل ولا سيادة قانون.”
وضرب لي محدثي أمثلة على ذلك من ثلاث قضايا.
أما أولاهما فكانت لمواطن تركي من أصول تركية أباً عن جد، كان قد سافر في رحلة عمل إلى الإمارات فاعتقل، رغم أنه غير ناشط سياسياً على الإطلاق، وظل هناك بضع سنوات في الأسر بينما حكومة الإمارات تساوم تركيا على إطلاق سراحه مقابل تسليم بعض المعارضين الإماراتيين الذين يعيشون في تركيا. وأخيراً أطلقت الإمارات سراحه بعد سجن طويل ومعاناة مريرة حينما لم تجد تجاوباً من الحكومة التركية.
وأما القضية الثانية فكانت لمواطن تركي من أصول مصرية ذهب إلى المغرب فاعتقل هناك وساوم المغاربة عليه تركيا التي اضطرت كما قال محدثي في النهاية إلى “دفع ثمن باهظ” مقابل إطلاق سراحه والحيلولة دون تسليمه إلى مصر.
وأما القضية الثالثة فكانت لمواطن تركي من أصول إماراتية سلمته السلطات الأردنية إلى السلطات في أبوظبي ولا يعرف مصيره حتى الآن، كما قال لي.
بمعنى آخر، لا تملك تركيا في تعاملاتها مع الدول العربية وسائل ضغط كافية تستخدمها لحماية من يحملون جنسيتها. ولذلك، ينبغي على كل ناشط تركي من أصول عربية، أو من أي أصول في حقيقة الأمر، أن يفكر ملياً قبل اتخاذ قرار بالسفر إلى ما يزيد عن ثلثي أقطار العالم العربي، التي لا قيمة للإنسان فيها.