تقارير

الغذاء مقابل الغاز..التفاف إسرائيلي على مصر لهدم جدار التطبيع

تجاوزت كميات الغاز الإسرائيلي المورد إلى مصر في الوقت الحالي مستويات أكبر مما كانت عليه قبل الحرب على غزة، حيث ارتفعت منذ يناير 2024 إلى 15% على أساس شهري لتسجل نحو 1.15 مليار قدم مكعب يومياً، بما سيساعد إسرائيل في زيادة صادراتها وتأمين جزء من العملة الصعبة.

وتعتمد مصر على الغاز الإسرائيلي لتلبية احتياج الطلب المحلي، مع تصدير الفائض على شكل غاز مسال إلى أوروبا بشكل أساسي، عبر مصانع التسييل في إدكو ودمياط بطاقة إنتاجية 2.1 مليار قدم مكعب يومياً.

وفي ظل احتياج مصر المستمر إلى الغاز الإسرائيلي المنهوب في الأساس من المناطق العربية المحيطة بات على الاحتلال أن يساوم مصر اقتصاديا مقابل استمرار تدفق الغاز، وقد تجلت تلك المساومات في تصدير شركات مصرية مواد بناء وغذاء إلى إسرائيل لكسر حاجز التطبيع مع الشركات المصرية وتقديم الاحتلال كسوق واسع لا غنى عنه للبضائع المصرية ما يتنافى مع ما يحدث في غزة من إبادة جماعية يقوم بها الاحتلال منذ أكثر من عام، وبدلا من مقاطعته وتطويقه زادت وتيرة تعامل الشركات المصرية معه بشكل متصاعد.

وقفز حجم التبادل التجاري بين مصر ودولة الاحتلال في يونيو 2024 بنسبة 29%، مقارنة بالشهر نفسه من عام 2023. وأظهر المكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي نمواً في حجم التجارة خلال النصف الأول من العام الماضي، بلغ 246.6 مليون دولار، بنسبة 53% مقارنة بالفترة ذاتها من 2023، بخلاف صفقات الغاز التي حجبت أي معلومات عنها، من جانب الطرفين الإسرائيلي والمصري.

هذا التطبيع الفج دفع نشطاء بتنظيم حملات واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، والمواقع المحلية، ترصد أسماء الشركات التي تتعاون مع نظيراتها في إسرائيل، مرفقة بالأرقام الصادرة رسمياً، داعية إلى محاسبة المسؤولين عن تصدير الأغذية والملابس ومواد البناء إلى دولة الاحتلال، في وقت تفرض تل أبيب حصاراً حول دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

تنديد بالتعاون مع العدو

وندد اقتصاديون بتوجه الحكومة إلى زيادة واردات مصر من الغاز الطبيعي، واعتمادها على “غاز العدو المسلوب من المياه العربية” في تشغيل المصانع ومحطات الكهرباء، وتشجيعها رجال الأعمال على المتاجرة مع الكيان الصهيوني، رغم وجود فرص بديلة أمام الصادرات المصرية، ووجود شكوك حول دور إسرائيلي في تخريب صناعة الغاز المحلية.

من جانبه رصد جهاز الإحصاء الحكومي زيادة في عدد الشركات التي تصدّر منتجاتها إلى تل أبيب، خلال عام 2024 إلى 313 شركة، مبيناً ارتفاعاً في نوعية المنتجات وتعددها، بما يوفر للإسرائيليين الأغذية ومواد البناء وأجهزة التكييف والملابس القطنية، التي جفت من أسواقها.

تتضمّن قائمة الصادرات مواد كيماوية، وزيوتاً نباتية، وشاشات تلفزيون لشركة “سامسونغ” بني سويف، والسجاد، والألومنيوم، ومواد التعبئة والتغليف، ومواد البناء، على رأسها حديد التسليح. وشملت القائمة شركات “هارفست فودز” للأغذية، و”الزيوت المستخلصة ومنتجاتها”، و”النيل للزيوت والمنظفات”، و”ايفر جرو” للأسمدة المتخصصة، و”موبكو” للأسمدة، و”مصر للكيماويات”، و”الأمل للبلاستك” المملوكة جزئياً للقطاع العام، ومستثمرين إماراتيين ومصريين.

وتضمّنت القائمة: شركة “قطونيل ـ مصر” لصناعة الملابس والجوارب، و”قنديل” للزجاج، و”جرين لاند إنترناشيونال” للمنتجات الزراعية والغذائية، و”أورانج ويف” للعصائر والمشروبات، والمصرية الدولية للمنتجات الغذائية “جريت فروت”، و”المصرية لصناعة النشا والجلوكوز”، و”أثمار للاستيراد والتصدير”، و”السلام للجلاش الآلي”، و”مصر كافية”، و”أكواباك” للتغليف، و”الدلتا للطوب الرملي”، و”جرين هاوس” للصناعات الغذائية، و”المتحدة لعبوات ومستلزمات الدواجن”، و”إيجيبت للمشروبات الغذائية”، و”أ.خ.ي جروب إيجيبت” للمشروبات الغازية، بالإضافة إلى شركات مواد البناء التي يملكها رجال أعمال، ضمن تحالف “مستقبل وطن” المهيمن على الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ، منها “العتال للصناعات الهندسية” المتخصصة في صناعة حديد الإنشاءات، و”سيراميكا آرت”، و”إتش جروب الصناعية”.

تباهى إسرائيلي

ودفعت زيادة الصادرات المصرية إلى الكيان الإسرائيلي، المتحدث باسم جيش الاحتلال، إيدي كوهين، إلى التباهي عبر صفحاته الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي الصيف الماضي، بتصدير البرلماني السابق ورجل الأعمال المصري محمد فرج عامر منتجات أغذية وعصائر شركة “فرجللو” المملوكة له إلى أسواق تل أبيب.

وصف التحالف الشعبي لمقاومة التطبيع، زيادة حجم التبادل التجاري مع إسرائيل بأنه خروج على الإجماع الوطني الداعي إلى وقف أي مظهر من مظاهر التطبيع مع الكيان الإسرائيلي الذي يحتل الأراضي، ويواصل عدوانه الوحشي على الشعوب العربية بفلسطين ولبنان وسورية، ويهدد باحتلال أراض جديدة في كل من العراق وسورية، مع تهديده الحدود المصرية، بسيطرته على معبر رفح ومثلث صلاح الدين. بحسب ما ذكر العربي الجديد

ويحذر أعضاء التحالف، الذي يضم نخبة من شخصيات ليبرالية ويسارية، النظام من دعمه شركات تتعاون مع إسرائيل، مشيرين إلى اختيار الأجهزة الأمنية، مسؤولاً سابقاً في اتحاد الصناعات لإدارة شركة “دولفينوس” المكلفة بنقل إمدادات الغاز الطبيعي المستخرج من آبار تامار وليفياثان في كيان الاحتلال، لتصبح المورد الأول للغاز المستورد، لتشغيل محطات الكهرباء والمصانع المحلية، عبر صفقات بقيمة 19.5 مليار دولار خلال الفترة من 2020 إلى 2035.

واستوردت مصر نحو 6.3 مليارات متر مكعب من الغاز الذي يستولي عليه الاحتلال من مياه فلسطين المحتلة عام 2023، بمتوسط 600 مليون قدم مكعبة يومياً، ارتفعت إلى 826 مليون قدم مكعبة يومياً في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، مع اتفاق على زيادتها بنسبة تصل إلى 25% بنهاية 2025، بعد إضافة حقول ضخ جديدة للشبكة المصرية من حقل “كاريش” بالبحر المتوسط.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى